___________________________________________
إدارة الشأن الإنساني ورعاية المصالح المشتركة ودرء كوارث الصراعات الماثلة والمحتملة قضايا معقدة وصعيبة لا يقدر عليها الا من عركته الحياة بتجاربها المُرَّة والمتقلبة، ووُلِد من رحم المعاناة،، أو من تمت صناعته برعاية خاصة، مثلما قال الله في شأن نبيه موسي (والقيتُ عليك محبةً مِنّي ولتُصنَع علي عيني) (واصطنعتك لنفسي) ،، أي لتتمكن من أداء المهمة والرسالة..
{الاستعلام، والاستخبار] يلتقيان في محطة التنقيب والبحث المضني عن المعلومة،، ثم يفترقان بعد الحصول عليها.. إذ يجتهد الإعلامي للحصول علي السبق الصحفي في سرعة نشرها علي الرأي العام ،، بينما يحرص رجل المخابرات في اخفائها وتمليكها لمن يعنيه الأمر ويخصه..
الإعلام يبني ويهدم،، ففي النشر توجيه للرأي العام، وهذا سلاح ذو حدين،، اما ان يقود الي الإصلاح بكشف الفساد وتقويم المسار،، أو بقيادة حملات تحريضية بغرض الاطاحة بشخصيات وأنظمة قد تكون فاسدة، وربما تكون جيدة ولكنها مستقرة يُرَاد لها ان تكون تابعة ومطيعة،، واحياناً قد تباع المعلومة في سوق العمالة والتخابر .
(الرئيس الأمريكي ترمب) و (والرئيس الاسرائيلي) نماذج حية لشخصيات فولاذية تتكسر أمام صلابتهما الحملات الإعلامية الموجهة فهما لا يزالان صامدين حتي الآن ليكملوا المشوار المخطط من وراء الحجب ،، فليس كل الأنظمة تقوي علي المواجهة،، كما وانه ليس كل القادة يتحملون الصدمات (أوَ مَنْ يُنَشّأ في الحِليَة وهو في الخصام غيرُ مبين) ،، لذا فإن المرحلة تقتضي منظومة كاملة من الأشخاص والمؤسسات المصنوعة برعاية خاصة وخاصة جداً،، مثل (هيئة العمليات) التابعة لجهاز الأمن المخابرات، والتي استعصت علي كل محاولات البيع والشراء الرخيص في سوق العمالة والأرتزاق،،
الشعب السوداني عُرِف بعفويته وشفافيته واقتئاته بالمعلومات وكثرة تداولها في موائد الإنس والمحافل الاجتماعية والمناسبات العامة،وذلك لأن عِقدَه الاجتماعي متلاحمٌ جداً باواصر القربي والتصاهر، مما يجعل اصطياد المعلومة والحصول عليها في متناول الايدي ومن دون عناء،،
سكان بعض جهاته اشتهروا بقدر زائد من الشفافية ونثر المعلومات دون تحفظ،، وفي المقابل بعض المكونات المجتمعية عرفت بشئٍ من الغموض وزيادة الحاسة الأمنية، وكل ذلك من باب [قد يصدق الكذون] فهؤلاء وأولئك يُعتَبرون بٌدعاً من الكل السائد مثل الكلمة الشاذة والخروج علي القاعدة،،
تكمن البراعة في إمكانية التعامل مع هذا الشتات في حالة سَبْرِهِ وتقسيمه لتلعب كل خلية دورها المرسوم علي حدة،، ومن ثم يتم تجميعها بعد صهرها في كتلة صلبة تتحمل الضربات والصدمات وتتحطم أمامها كل المؤامرات مهما تعاظمت.. والجام كل الحناجر والاقلام والسيوف الصدئة..
والتدابير الناجعة تدعو لشغل الكافة بالقوت والتركيز علي الإنتاج ووسائل كسب العيش الحلال والاهتمام بالناشئة تعليماً ورعاية صحية وربط كل ذلك بغاية الاستخلاف (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون) فالحث علي العبادة دون غلو يخلق التوازن النفسي والمجتمعي،، ومحصلة القول،، ان يتركز اهتمام الشعب علي الاقتصاد والبحث العلمي،، لينخفض معدل التسييس الافقي والحد من سماسرته وينحصر الأداء السياسي في نخب وطنية الولاء والوجهة، تلك التي لم تصنعها أيدي الاجنبي الملوثة..
عمر بن الخطاب نُسبَ إليه انه قال : لست بالخب ولا الخب يخدعني.
ونسب إلى ابنه عبدالله قوله : مَنْ خدَعنا بالاسلام انخدعنا له.
فالقائد يُحرّص ولا يُخَوِّن، في آن واحد،، والقيادة عليها ات تجمع بين حرّ الغموض وبرد الشفافية،، والتوازن أمر مطلوب في المسايسة،، وكذلك وضع الشئ في موضعه من الحكمة (ومن يؤت الحكمةَ، فقد أوتي خيراً كثيراً).. فكما ان الشدة مطلوبة في مواضع، فإن اللين مطلوب ايضاً مواطن أخري،، ولأن تستمر الحياة متزنة فلا بد من التعاطي المحسوب وبقدَرٍ، وان نلبس لكل حالة لبوسها…
فإذا كانت الاستراتيجيات غامضة فليس كل الخطط والبرامج كذلك.. ولذا فانه يتوجب استصحاب الشفافية والغموض معاً،، واستعينوا لقضاء حوائجكم بالكتمان..