*أمرٌ جيّد ..!!* *الطاهر ساتي*

:: يسير الملك تحت الجسر (جملة مفيدة)، و يسير الملك تحته الجسر (جملة مفيدة أخرى)، والاختلاف بين الجملتين شكلاً هو حرف الهاء المضاف إلى كلمة تحت في الجملة الثانية، أما الإختلاف واقعاً ومضموناً هو أن الملك كان يسير تحت الجسر ثم صار يسير فوقه.. وهكذا الفرق بين خطاب عضو المجلس السيادي إبراهيم جابر بالقمة العربية و تعليق عضو صمود خالد عمر يوسف على الخطاب ..!!

:: قال جابر مخاطباً القمة بالنص : (حكومة السودان ملتزمة بتنفيذ خارطة الطريق التي قُدمت إلى الأمم المتحدة والوسطاء، والتي تشمل وقف إطلاق نار مصحوب بانسحاب الدعم السريع من المناطق والمدن التي تحتلها)، فيما علّق خالد فرحاً : ( ما طرحه عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر – حول رؤية القوات المسلحة السودانية للحل السياسي السلمي – أمر جيّد، والأولوية الآن للوصول لوقف إطلاق نار عاجل وغير مشروط في كل أرجاء السودان) ..!!

:: فالشاهد أن خالد إما لم يسمع خطاب جابر أو لم يفهم معناه، و لو سمع أو فهم لما كتب أسعده الخطاب.. جابر لم يطرح رؤية جديدة لحل الأزمة كما ظن خالد، بل جدد تمسك الحكومة – و ليس الجيش – برؤية قديمة قدمتها للأمم المتحدة وووسطاء جدة قبل أكثر من عام، وهي الرؤية التي أسماها جابر بخارطة طريق.. ويبدو أن خالد لم يطّلع على خارطة الطريق، ولو إطّلع عليها لما كتب ذاك التعريق فرحاً..!!

:: وما خارطة الطريق التي أشار إليها جابر إلا تفسير وتنفيذ لإتفاق جدة، حيث فيها حددت الحكومة كيفية انسحاب المليشيا من مناطق إنتشارها، ثم حددت معسكرات تجميعها لحين النظر في أمر دمجها .. وإلتزام المليشيا بالانسحاب والتجميع يعني إلتزام الحكومة بوقف إطلاق نار، أوهكذا شرط وقف اطلاق النار في الخارطة..ومن الغريب أن يحتفي خالد بخطاب جابر موضحاً بأن الأولوية حالياً لوقف إطلاق نار عاجل و(غير مشروط)، وهذا يعكس أن خالد يجهل محتوى خارطة الطريق..!!

:: و المرحلة الثانية في خارطة الطريق – أي مرحلة ما بعد تجميع بقايا المليشيا في المعسكرات – هي مرحلة الفترة الانتقالية، وهي مجدولة على النحو الآتي..إعادة النازحين واللاجئين، إيصال المساعدات الإنسانية، إستئناف العملية السياسية بتعيين حكومة كفاءات مستقلة، إدارة حوار سوداني شامل لايُقصي حزباً أو جماعة، ثم الانتخابات.. هكذا معالم المرحلة في رؤية الحكومة التي بطرف الأمم المتحدة و وسطاء جدة ..!!

:: وعليه، لو أن إشادة خالد برؤية الحكومة عن معرفة بمحتواها، فهذا يعني أن هناك تطوراً هائلاً حدث في مواقفه، بمعنى أنه يوافق على التخلص من المليشيا فوراً وليس بعد (10 سنوات) كما اقترحوا في الإطاري، ويوافق على حكومة كفاءات مستقلة وليست حكومة أربعة أحزاب وعبده خزن، ويوافق على حوار شامل من غير متلازمة ماعدا المؤتمر الوطني .. أما لو أن الإشادة برؤية الحكومة عن جهل بمحتواها، فهذا يعني أن همبريب الإقامة الذهبية في كنف رعاة المليشيا أصبح حاجباً بين خالد و طقس السودان الحار ..!!

مقالات ذات صلة