الكيان النوبي الجامع رسالة وعي: * عرب الشتات *

بسم الله الرحمن الرحيم
الكيان النوبي الجامع
رسالة وعي: * عرب الشتات *
عرب الشتات هو مفهوم ظل ملازم للدولة السودانية منذ دوله الفونج الأموية الإسلامية 1504م، وحتى بزوغ فجر الإستقلال في يناير 1956م، وإرتباط الدولة السودانية المشئوم بجامعة الدول العربية، الذي يعتبر بأنه أصّل لعروبه الدولة في العصر الحديث، وهي تعتبر ذهنية رسختها نخب تعاقبت على أنظمة حكم تعد عروبيه، مزجت بين الإسلام كقيمة سماوية والعروبه كقيمة إنسانية ترتبط بالعصر الجاهلي قبل الإسلام، وذلك بعد سقوط الدولة السودانية القديمه وإضمحلال حكمها، ذلك لأن إرتباط الأمة السودانيه بالإسلام يعد إرتباط قديم منذ عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وهجرة تلك الثله التي تضمنتها إتفاقية البقط 651م بعدما تعلمت في مدينة رسول الله (ص)، والتي كان لها القدح المعلا مع آخرين في نشر الإسلام في ربوع السودان، بل في ادغال أفريقيا حتى، فعرف الناس المسيد والتُقّابه واللوح والدوايه والتكايى، أما التجار العرب الأوائل نشروا تجارة الرقيق وليس الإسلام كما يدعي البعض، فالإسلام كمفهوم ثقافي لا يناقض ثقافه الأمة السودانيه القديمه، والتي خط قيمها خليوت بن بعانخي بمفهوم حضاري ظل راسخ في الشخصية السودانية، كما ظلت الأمه السودانية تحتفظ بلغة الأم رغم إنتشار لغه القرآن، وهذا السلوك لا يعد حصراً على الأمه السودانية فقط، بل نجد كل الأمم التي دخلها الإسلام ظلت لغة الأم عندها من اللغات المتداولة، معلنه بذلك خُصوصية تكوين أعرافها، مما لا يتعارض ذلك مع ثقافة الإسلام، فجميعها نجدها إحتفظت لنفسها بهويتها المستقلة التي تعد إضافة ومفخره لأمة الإسلام، أما في السودان يعد الوضع مختلف نوعاً ما، وذلك يعزى للمنهج الذي حكم به السودان من قِبل نخب تعد بعيده كل البعد عن المخزون الإنساني الحضاري لثقافة السودان القديم، رغم أواصر اللحمه الاجتماعية والتي بُنيت عبر السنون للأسف لصالح الثقافة العربية والإستعلاء العرقي، ولذلك نجد أن السودان حكم وفق منظور عروبي المشرب الثقافي، فاللغة العربية رغم إنتشارها في المركز بشكل يعد طبيعي نوعاً ما، إلا أنها تعمدت النخب نشرها بسلطة الدولة بسبب إنتماءها العروبي، علماً بأنه موجة إستعراب القبائل إمتدت من أيام الدولة الفاطمية 969م _ 1171م، وحتى وفاة صلاح الدين الأيوبي 1193م عندما إضطربت دولتهم لتضرب مناطق نفوذ وتمدد بعض القبائل العربية الكنزية، مما تسببت في نزوحهم جنوباً حتى المنطقة المروية، لتتمكن فيما بعد من إستعراب المنطقة بحكم التصاهر وتوغلهم في البلاط الملكي المروي، أما عندما نزح مماليك الدولة العباسية بسبب تقلبات أنظمة الحكم في العصر العباسي وسقوط دولة المماليك في مصر على يد العثمانيون 1517م، نزح جيش المماليك جنوباً، لتدخل مروي تحت ولايتهم بقوة السلاح، وبحكم أن لهم القوة القاهرة الوحيده دانت لهم المنطقة، إلا أنها كانت قوة لسلطه غير منضبطه، مما تسبب في إنتشار ثقافة النهب والسلب حتى أرقو، حينها إضطر الكثير من أهل المنطقة لترك مناطقهم وهجرتهم غرباً، حتى يتمكنوا من ممارسة حياتهم الطبيعيه من زراعة وتجارة، كما إضطرت لأن تسلك درب الأربعين حتى تتمكن من نقل بضائعها بشكل آمن، علماً بأنه بعدما تفككت الدولة النظامية القديمه في مروي، لم يلاحظ وجود سلطة مركزية تقوم بتوحيد الدولة بشكل نظامي، يقنن شكل الجبايه وهيكل توظيفها، لذلك إنتشرت حالة الفوضى والإنفلات الأمني، مما عمق الفجوة بين مماليك الدولة العباسية وبين ما تبقى من أهالي المنطقة، إلا أن منطقة مروي دخلت في كنفهم بحكم تمركزهم بها واختلاطهم مع بعض القبائل العربية الكنزية وبعض النسيج المستعرب في المنطقة، مما عمق ذلك حالة الخلط الثقافي، فأحدث في المنطقة حالة إستلاب حضاري لمن هم دون العرب بأنهم هم العباسيون لا غيرهم، بالرغم أن المنطقة ترقد على مخزون حضاري كبير، علماً بأن هجرة العرب إلى السودان عموماً تعد قديمه، وذلك منذ عهد الجاهلية الأولي قبل الإسلام، والذين ظلوا على جاهليتهم حتى بعد ظهور الإسلام بحكم إنقطاعهم الحضاري عن جزيرة العرب، ولم يلاحظ عليهم مظاهر التدين إلا بعد إنتشار الإسلام في الدولة السودانية على يد إنسان السودان القديم، ولكن الوضع الحضاري للعرب بعد الإسلام في جزيرة العرب بصوره عامه يعد مختلف نوعا ما، بإعتبار دخول الإسلام كوجه حضاري جديد، كما تعددت أشكال هجرة العرب للسودان بعد الإسلام، فقد قدم بعض الأعراب من العراق والشام مهاجرين بسبب جنكيز خان وحرب التتار على الإسلام، وفي عهد منظور قريب قدم بعض الأعراب من أرض الحرمين والجزيرة العربية مهاجرين في عهد توحيد مملكة آل سعود، وأيضاً كذلك قدم علينا بعض العرب اليمانية إلى أرض السودان في هجرات متفرقه، رغماً عن ذلك لم تؤثر الثقافة الجاهلية للعرب في الثقافة السودانية بشكل كبير، لتمركز أغلبيتهم في البادية والريف البعيد، أما من عاش منهم في المدن، ظل يمكث بصوره فرديه أو عبر مجموعات تعد صغيره نسبياً، ولذلك غالباً ما تتأثر مجموعة النزوح بثقافة إنسان السودان القديمه، ولم تظهر جاهلية العرب بشكل واضح، إلا عندما حُكم السودان من قبل مهدية التعايشي 1885م، بمساعدة مكتب الإنتداب النمساوي له، والتي كان مسوق وجودها بربرية الحكم العثماني للدولة السودانية، والذي أمتد منذ دخول إسماعيل باشا وحملات الدفتردار الإنتقاميه 1821م، وعندها حُكِم السودان من قبل نخب تعد عربية اللغة، بفعل النزوح العربي قديمه وجديده، ومماليك الدولة العباسية وما انتسب لها من قبائل كنزية، وبعض القبائل المستعربة التي نزحت مع العثمانيين جنوباً وقد إتصفوا بهم، فبين بربرية العثمانيين وهمجية حُكم جاهلية مهدية التعايشي تمكن الحكم العربي في دارفور وفي المركز على حد سواء، فحكم علي دينار دارفور 1890م _ 1916م وهو الذي ينتهي نسبهُ لإبن طولون الذي حكم الدولة المصرية العثمانية 877م لتكسى الكعبة عندها من أموال فقراء دارفور، كما رسخ حكم جاهلية مهدية التعايشي ذات الإستعلاء العرقي، الحكم العربي في حاضرة الدولة السودانية ردهاً من الزمن، كما شكل ذلك منظومة مفهوم الدولة العربية السودانية في العصر الحديث، ووجود للغة العربية وبصفه دائمه في المركز، مما مكن للغة العربية من الإنتشار القصري من نخب تعد عروبية النزعه، حتى عندما حكمت بريطانيا السودان، وذلك لإرتباط هؤلاء النخب بثقافة بلدان نزوحهم ولم يكتسبوا إرتباط جديد رغم وجودهم في مناطق إنسان السودان القديم، مع العلم بأن إرتباط الأمة السودانية باللغه العربيه يعد قديم، لا سيما وأنها لغة القرآن، فالعربية ليست عندنا بأبٍ أو أم فالعربية عندنا لسان، كما ظلت تمثل لغة تخاطب وقاسم مشترك لكل الأمة السودانية بعد دخول الإسلام وإنتشاره، ولكن المشكلة ليس اللغة العربية أو وجود العرب أو المستعربه في المنظومة الحاكمة، بل يعزي ذلك كله للمنظور الجاهلي والبربري الذي شكل ذهنية تلك النخب والتي تعد في المجمل نخب مستعربه، رغم وجود حاله من التعايش السلمي المجتمعي الذي ظل يسلكها إنسان السودان القديم، والتي بالطبع لم تشمل أهل النزوح هؤلاء لأنهم ظلوا قابعين في نطاق التعالي العرقي، أما حالة السلم كانت تمثل المجتمع القديم، والتي ظل يرسخها حتى لا تضرب الفوضى أطنابها، لأنه مجتمع تضرب جذوره في عمق التاريخ، منذ عهد معاهدة “الموركي” التي فرضت الكرم السوداني كمنهج للتعايش السلمي، لتنعم كل أشكال النزوح التي إحتضنها المجتمع القديم، بهذا التسامح الذي أصبح يرسخها كمنهج حياة، لشعب يؤمن بوجود مظاهر الدولة وحكم القانون كمظهر حضاري يرفض فيه كل مظاهر الإنحطاط العرقي، لتقديسه للإنسان والإنسانية من حيث هي، مما مكن أهل النزوح من الإقامة بشكل طبيعي دون النفور منهم في بادئ الأمر، رغم المخزون الجاهلي الذي تتمتع به تلك المجموعات النازحة؛ ولذلك يكمن أس المشكلة في حالة الإنكار التي تسيطر على نخب ظلت تحكم السودان منذ عقود، تنكر إنسان السودان القديم ووجوده، فوجود هذا الإنسان تتمثل في ثقافته التي ظلت عصيه على التغيير، والتي تأبى إلا أن تترك أثرها حتى في شكل المنطوق اللغوي للأمة السودانية، ومنحى النطق الذي ظل يرسخ الثقافة اللغوية للغة الأم في نطق اللغة العربية السودانية، والتي جسدتها العاميه السودانية في تعاملها مع تراكيب الجمل الكلامية كما تتعامل مع اللغه الأم؛ ولذلك لم تبقى اللغة هي الحاجز، وكما لم تبقى حالة الإنكار كذلك هي الحاجز الوحيد التي فرضتها تلك النخب الحاكمه، بل نجد أيضاً صاحب حالة الإنكار حالة تعاليّ في نفس الوقت، بل مُنحت العروبه صفة قداسه واضحه، عندما ربطت بالدين لتصُبغ بصبغة قداسه زائفه، مما شكل منحى فكري “أيدولوجي” عندما ربطت فيه العروبه بالدين، وأن العرب هم الأشراف لا غيرهم، مما يعد ذلك تزييف لحقيقة ثابته، بأن الدين يشرف لغة القوم وليس ذواتُهم، فكل اللغات القديمة تشرفت بالأديان والرسالات السماوية، وما أرسل الله من رسول إلا بلسان قومه، ولم يدعي قوم بالقدسية إلا اليهود والنصارى، عندما إدعوا بأنهم أبناء الله وأحباؤه فقال لهم الله: “قل فلم يعذبكم بذنوبكم”، فالشرف شرف الدين والرساله إبتداءاً، وما تشرف بشر أو حجر إلا من بعد ما إختصه الله بجلال قدسه سبحانه، وبنزول القرآن وقدسه شرفت لغته (ص) وأمته، ولذلك نقول في لغة القرآن اللغة العربية الفصحى، وكأنها ليست باللغة العربية التي إتصف بها العرب، وحتى عندما إختار الله المنطوق لكلامه إختار منطوق قريش مكة وهم في الأصل عرب مستعربه، فالعرب الأقحاح منطوقهم مختلف “وهي في الأصل أمة أمية لم تكتب أو تقرأ”، ولذلك كان العرب ينكرون منطوق قريش مكة، فأضحت مكة “قريش” وسوقها عكاظ، مكان للتلاقح الثقافي واللغوي لتعرب بمنطوقهم كل الأمم فيما بعد، وعندها ظهرت للغة حرف تكتب به وتقرأ “حتى نجد كل من لغة بلال السوداني وصهيب الرومي وسلمان الفارسي حاضره في ثقافة ولغة العرب الفصحى”، وكأن الله أراد أن يبعد نسبة دينه من جنس البشر، لأن رسالته هنا ليست لجنس بعينه دون الآخر، فهي للخلق كآفه، فالله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى ألوانكم، فالخلق كلهم عيال الله وأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله، ومن يختاره الله من خلقه لرسالته هو المشرّف وليس جنس البشر وأعراقهم، فالرسول (ص) فهو خيار الله وشرفه، فهو النطفه التي قلبها الله في الأرحام الطاهره خلق من بعد خلق، فليس هناك من شرف يعلو على شرفه (ص)، وليست هناك من أمه تعلو على أمته (ص)، فلذلك وصفها الله بخير أمة، ما أمرت بالمعروف وما نهت عن المنكر، علماً بأن إرتباط الأمة السودانية بمظاهر التدين قديم، يظهر ذلك وبصوره واضحه وجليه في شكل دفن أجدادنا القدماء لموتاهم ولإعتقادهم الجازم بالبعث بعد الموت، وإرتباط الإنسان بحياه أخرى غير التي يستظل بظلها الآن، مما يدلل بأن إنسان السودان القديم ظل مؤمن منذ أزمنه سحيقه، ولكن درج من يقود هذه البلد لعقود خلت، من نخب أهل النزوح التي تمتهن السياسه، تعمد على تقديس اللغة العربية وليس الدين، حتى يتم ربط الدين بذواتهم الفانيه ليتم تقديسهم هم ليس إلا، في حالة إستعلاء عرقي تبدوا واضحه لكل صاحب بصيره، ولذلك يعد عرب الشتات ظاهره لمفهوم ظل على الدوام يفت في عضد الدولة السودانية منذ عقود خلت، كما ظل يُستخدم من قبل نخب الدولة السودانية الحديثة بقدسيه، بل ربط البعض العرب عرقهم بالسامية، كما نجد أن هذا المفهوم العروبي المقدس إستخدم حتى من قبل دولة الإسلام عروبيه، والتي ظلت تحكم السودان منذ 1989م، والذي استدعي مباشرة المفهوم العنصري للقبيلة، أي المنحى القبلي ” يعطي للقبيلة فكره وقدسية فيما دونها ” الذي يُشعر من كانت له لغة أخرى أو لون مختلف بالدونيه في دولته، وذلك لأنه أستخدم فقط فيما بين أهل النزوح أنفسهم من عرب وأفارقه، ذو المنحى الثقافي المختلف عن إنسان السودان القديم، والذي ظل على الدوام يرقد على تاريخ ذاخر بقيم التسامح الإنسانيه، ولأنها مجموعات نخبويه لا تنتمي لثقافة التسامح، أفرز واقع للتناحر جديد ومختلف، استدعت عنده جاهلية العرق واللون واللغة، رغماً أنها تعد مجموعات ذات معتقد فكري واحد “لأيدولوجيا واحده”، مع العلم بأن من يتشدق بالعروبة في حاضرنا الآن هم أناس مستعربون لنسيج إجتماعي تكون عبر الزمن، لا يمت للعرب الأقحاح بذات الصلة، فالعربية ومنذ زمن بعيد تعد عندنا لسان إستصحبه الدين، فيا من يدعي العروبة من ناحيه الأصل، فالتعلم أن الأمه السودانية التي إحتضنت العرب والأفارقه على حدٍ سواء بثقافة سلمها المجتمعي، لم يشكك كائن من كان في سودانيتهم رغماً أنهم ينكرون على الأمة السودانيه القديمه إنتماءها لتاريخها وإرتباطها بالأرض، فهذا المفهوم العروبي الاستعلائي هو الذي جلب عرب الشتات من صحاري أفريقيا بثقافه جاهلية العرب البدو قبل الإسلام، ليعطى حقاً هو ليس بحقه لينعم به آخرين حتى يسود بهم على الغير، ولذلك لا ينكر هو ولكن ينكر من جلبهم وخصهم بذلك الحق ليبدد أمننا وأماننا، وأراد بذلك الفعل أن يفني آخرين دونهم يظن بأنهم ليسُ من أعراقه، مستدعي بذلك كل التعالي الإبليسي الذي يِحّط من قيمة الإنسان والإنسانية، في مقابل أن توصف الدولة السودانية بأنها دولة العروبه لغة وثقافة، وما مشروع قريش ” قريش عبدالله مسار 1987م و قريش دبكه عيسى دبكه 2020م “، المشروع الذي كان يُرّغب به حكم الدولة السودانية، ما كان عننا ببعيد “والمثال موريتانيا وتجارة الرقيق لإنسانها “، فالباغي هنا من يريد أن يرسخ مفهوم الدولة العربية على أهل السودان، ويستقوي بآخرين يعدهم من عنصره وهم في الأصل ليسوا جزءاً من هذه البلد، وهذا كله لعجز تلك النخب المستلبه الإرادة والفكر والمنطق من الشعور بالوطن من حيث هو، لتكف عن ما تقوم به، وحتى تستطيع أن تتعايش مع إنسان دولتها القديم، وكذلك لبُعدها كل البُعد عنه، ما لم يرضخ إنسان السودان القديم لمنهجية حالة الإستتباع أو الفناء، فالقوة القاهرة تعد في الأصل منهج الدولة لردع الأعداء للحفاظ على إنسانها وقضية إستخلافه الآدمي على الأرض وعمارتها لا أن تستخدم هذه القوة ضّده، فالأصل في الأشياء أن يعطى أصحاب الحقوق حقوقهم، وليس إنتزاعها منهم لصالح آخرين، لأن هذا الإنسان لا يؤمن إلا بالسلم والرضوخ فقط لنظام الدولة من حيث هو، كطريق أوحد للتعايش في حالة المنهجية التنظيرية للدولة، فمفهوم الاستعلاء العرقي وإنكار إنسان الدولة السودانية القديمه، هو من مكن لآخرين من قيادة الدولة السودانية في غفله من الزمان، وهو من جلب عرب الشتات ليأخذوا أدوار في الدولة السودانية، مظنة إستدامة الغلبه لسلطة أهل النزوح والتي لم يتنازع معهم فيها أحد، فالحروب السودانية جميعها تعتبر خلل في مفهوم إدارة الدولة، وحالة الإستعلاء العرقي التي تسيطر على المشهد السياسي من قِبْل نخب الدولة ومتخذي القرار، محدثه حالة من الغبن والفجوه المجتمعيه، بحالة الإنكار المستدام للآخر وتجاهل وجوده، فالأمه السودانية أمه واحده، وثقافتها لم تبنى اليوم، وحتى الدين لم يأتي ليغير الناس قيمهم وأعرافهم وأعراقهم، فالرسالات السماويه أنزلها الله لتكمل للإنسانيه قيمها وليس لإبادتها أو إنكار وجودها، أما حالة النكران الشعورية التي تتمتع بها نخب السلطة العروبية، هي حق إنسان السودان القديم الذي لم ولن يستخدمها ضّد أهل النزوح، لتقيده بقيم التعايش السلمي كمبدأ وقيمه إنسانيه تاريخيه لا يتمكن من تجاوزها، في مقابل إنكار وتعالى واضح يُنكر فيها حتى حق الإنسان القديم في الجوار، وذلك كله فقط لإعلاء ثقافة بائده أنكرها الإسلام إبتداءاً، كما أنها ثقافة تولد البغي والفجور في الخصومه، أما بالنسبة للإسلام لم يأتي ليغير الناس جلودهم وينكروا ذواتهم وهم الحضن والدولة والوطن، فاليعطى كل ذو حق حقه، ونخلع عن أنفسنا سياسة الكيد والتدليس التي أظلت هذا البلد لعقود، هُجر فيها من هُجر وقُتل فيها من قُتل، بسبب الكيد السياسي بالإفقار تارة أو عبر عملية بناء السدود تارة أخرى، أو بإشعال الحروب العبثيه التي أديرت رحاها عبر أزمان طويله، وبأسباب وآهيه لسحق إنسان هذا البلد، لملئ الفراغ الناشئ بآخرين يُظن بأنهم هم الذين من أعراقهم، في رحلة البحث عن عروبه زائفه لن ترضي حتى من يطلبها، والتي بسببها تظلنا الآن هذه الحروب بكل بشاعة وقبح وجهها، لنسيج اجتماعي رّبطت لحمته عركت سنون، مع العلم بأن جزر العرب والسودانيون القدامى هو جزر واحد، ولكن واقع الثقافة ثقافه مختلفه التكوين، لنشوء كل منها في بيئة تختلف عن الأخرى، فعملية زج ثقافة جاهلية ما قبل الإسلام وسلوك قانون الغاب، أنتج معادلة البقاء والفناء التي يولدها غبن لخصومه مفروضه تقود للتناحر ثم الإقتتال، فأفسدت تلك السياسات الخرقاء حياتنا، كما ظلت سياسة الحرب والتهجير تنذر بفناء بيضتنا على الدوام، لتفضي بنا لحرب طاحنة سوف تقضي على الأخضر واليابس، لتظل بذلك قضية الهوية هي النقطه المحورية والقضية الماثله، كما تعد من القضايا التي ظلت تسبب الضيق والعنت، وهي أيضاً من قضايا المظلومية وسبب قصور الشخصية السودانية وترنحها، بل أظهرت الشخصية السودانية البسيطه بالشكل المهزوز، كما تسببت بالتضاد والتنافس غير الحميد في رحلة البحث عن نقاء عرقي معدوم، وهو سبب شقاء إنساننا منذ عقود خلت، فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب.
التاريخ: 15/12/2023
* المهندس/محمد صالح يعقوب *
رئيس الكيان النوبي الجامع
ت/00249912206126
ملحوظة: قراءة في التاريخ يتم تجديدها دوريا إلي أن يكتب التاريخ ليعبر عن الوحده الوطنية وهوية أهل السودان الواحد الموحد

مقالات ذات صلة