خطاب السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني
نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، رئيس الكتلة الديمقراطية
في فعالية الملتقى السياسي في جوبا، في شهر فبراير ٢٠٢٤
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الإعانة بدءًا وختمًا والصلاة والسلام على سيدنا محمد ذاتًا ووصفًا واسمًا
معالي المستشار توت قلواك، المستشار الأمني والسياسي لرئيس دولة جنوب السودان،
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة؛
الحضور الكريم مع حفظ الألقاب والمكانات،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
يطيب لي بدايةِ هذا اللقاء، أن أنقل إليكم تحيات صاحب السيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل مرشد الختمية، وشكره العميق لدولة جنوب السودان الشقيقة، بقيادة الأخ الرفيق القائد فخامة الرئيس سلفاكير ميارديت، رفيق النضال، وشريك الرحلة الطويلة؛ من أجل الكرامة والسلام.
كما يطيب لي أن أنقل لكم تحيات إخوانكم في الكتلة الديمقراطية؛ وفي الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وأنقل لكم أمنيات شعبنا العظيم، في أن يشكل هذا الملتقى، خطوة في سبيل تحقيق الحدِّ الأدنى من الإجماع الوطني، الذي يؤسس للخروج من نفق الأزمة الراهنة، وييسر الخروج من هذه الأحوالِ الرديّة.
لقد مرّت بلادنا بمحنٍ كبيرةٍ على مدارِ تاريخها المديد، واستطاعت بعزيمة شعبها، ووحدة قادتها، وحكمة رجالها ونسائها العبور من الأزمات، والصمود في وجه التحديات. ولكنّ الأزمة الراهنة اليوم، أزمةٌ قوية؛ ومتعددة الجوانب، ولا يمكن الانتصار فيها، إلا بتوحيد الكلمة، وتغليب الحكمة، والترفّع عن حظوظ النفس.
إنّ هذه الحرب التي دخلت البلاد في أتونها،بسبب تمرد مليشيا الدعم السريع ، هي نتاجٌ لتراكمات كثيرة من الأخطاء، التي ارتكبها نظام الجبهة منذ العام 1989، عندما جعل الكيانات الموازية هي الأساس في الالتفاف على كلّ شيء، وحطّم قدرة الأحزاب السياسية في التفاعل الحقيقي، فعاد النّاس إلى القبائل، وأصبح الخطاب العنصري والجهوي هو السائد. لا نقول ذلك من باب المكايدة ولكن من باب الانتباه، إلى أهميّة البدء بحكمة في دعم المؤسسات الدستورية والقومية بالبلاد، واستئناف مشروع الدولة، وإصلاح هياكلها، ورعايتها، واعتبار ذلك نقطةً أوليّةً في الملتقى السياسي، هذا وكل الملتقيات التالية.
وعلينا التعاون الآن، جميعًا من كل التيارات، من كل المكونات المدنية والعسكرية، لإدارة الخلاف في الفترة الانتقالية، والوصول إلى الانتخابات الحرة، التي يجب أن لا تتأخر أكثر من هذا الوقت، فلا يعقل أن تكون آخر انتخابات أقيمت في السودان كانت منذ عهد الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير.
إنّ تأخير الانتخابات؛ وتعليق الآمال على تطويل الفترة الانتقالية، تسبب في أزمات كثيرة، يجب علينا أن نتعاهد اليوم لمنعه.
علينا أن نتفق على العمل من أجل إحياء، المحكمة الدستورية، وتبني مسار الاصلاحات الدستورية، وإطلاق مؤتمرات إعادة الإعمار، بمشاركة كل الأصدقاء والأشقاء في الخليج العربي، فمؤتمر إعادة الإعمار والسعي في هذا الملف، يجب أن يتفرغ له، بعض المختصين.
الحضور الكريم
لقد أدّت الحرب إلى معاناة لا مثيل لها. معاناة مؤلمة، ومؤذية، وصلت إلى كلّ مواطنٍ سوداني. وقد فاقم دخول مليشيات المتمردين إلى ولاية الجزيرة، إلى مضاعفة الأذى؛ وتشريد النازحين، وقد كان تصعيداً مدان.
إننا ننظر إلى سوء التقدير السياسي، وانعدام الإحساس بآلام المواطن بغضب كبير.
لقد تحدثت قبل يومين إلى فخامة الأخ رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبدالفتاح البرهان وأكدت له أنّ الشعب ملتف حول مؤسسات الدولة، ونقلت له مطالبتنا بتفعيل لجان التحقيق، وتقديم خارطة طريق قانونية، مبنية على الخبرة الدستورية السودانية.
وتحدثت إلى كل أطياف المفاهمات السياسية، من رئيس الوزراء السابق، وقادة حزب الأمة، وأحزاب الوحدة الاتحادية، وكلهم مجمع على ضرورة تبني زمام المبادرة، والتحرك لصناعة حدث سياسي. ولا يوجد حل للمشكل في السودان بدون صناعة الحدث السياسي، الذي يبني وحدة الأحزاب السياسية حول خطوات واضحة.
نحن في الكتلة الديمقراطية، وضعنا التحول الديمقراطي والانتخابات، قاعدة مشتركة. واليوم نضيف إليها إنهاء الحرب، وتعويض المتضررين.
وإننا اليوم، نسعى جاهدين إلى الوصول إلى اتفاق يؤمّن وصول المساعدات إلى المواطنين؛ ونحث الجميع على قبول التزاماتهم تجاه النازحين، وتجاه المواطنين، ومؤسسات الدولة.
الحضور الكريم
الحضور الكريم…
إن شعبنا السوداني، الذي مرّ بهذه الأزمة، أظهر معدناً أصيلاً؛ في التكافل، والتعاضد، والتكاتف. وظهرت فتن كثيرة، يجب وأدها.
إن ما قامت به مليشيات الدعم السريع المتمردة من حرمان الناس اليوم من وسائل التواصل، جريمة لا تغتفر. قطعت تواصل الناس ووسائل الاطمئنان. فاليوم يرزح كل شعبنا تحت الظلام الشامل، والانقطاع الكامل عن العالم، في خرق لكل الحقوق الأساسية، حق الوصول إلى المعلومة، وحق الاتصال بالانترنت، في وقتٍ أصبح الانترنت؛ جزءًا رئيسياً من حياة النازحين المالية.
وكما أنّ هذه المحنة أظهرت معدناً طيبًا لشعبنا، خاصة في المناطق التي استضافت المتضررين والنازحين، مثل كوستي الكرم وسنجة الخير وعطبرة والأبيض، وأخص بالتحية أهل كسلا وبورتسودان، وشندي؛ الذين قضينا وقضى معهم صاحب السيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، سبعة أشهر من عمر الحرب. وعلينا اليوم أن نتقدم بالشكر لهم، وهم يضربون المثال، في الكرم، والتفاني. وهو المعهود منهم.
ولا يفوتنا ونحن نتحدث عن مواقف الأخوة، أن نشيد بالدول العربية، التي سهلت بقاء السودانيين فيها، ودخولهم إليها عبر إجراءات كريمة، تقدر ما جرى.
ولا يفوتني وأنا آتٍ إليكم من جمهورية مصر، أن أشكر فخامة رئيسها عبدالفتاح السياسي؛ وأنقل له الشكر الجزيل، على ما قامت به مصر من استضافة أهلنا، ولا زلنا ندعو إلى تيسير دخول السودانيين، وخروجهم، وفق مصلحة البلدين.
الأخوة الشرفاء:
إن اجتماعاتنا هذه نقطة بداية، ولا بد من الانتباه لأشواق شعبنا، وتحديات الواقع الذي يعيشه، وسنصل معًا إلى اتفاقات مشتركة، تضمن مستقبل الـأجيال المقبلة.
وهنا أمد اليد إلى الأصدقاء الشقيق عبدالواحد محمد نور، والشقيق عبدالعزيز الحلو، وكلاهما نمد معه علاقة طيبة لصالح الوطن والمواطن. كما أمد اليد إلى جميع يريد خطة سلام.
الحضور:
إننا نحتاج الحديث بمحبة، وترك خطاب الكراهية، والانتباه إلى مصلحة البلاد المباشرة، ومصلحة الأجيال المقبلة. ولضمان بقاء الوطن، علينا أن نسأل الله عز وجل، العون. فإنه:
إن لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده.
والله الموفق وهو المستعان ،،،
والسلام عليكم ورحمة تعالى وبركاته.