في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم، وصف الرئيس جو بايدن الحرب في السودان بالأهلية و بأنها واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية إلحاحاً في العالم. وأشار إلى التأثير الكارثي للنزاع المستمر بين القوات المسلحة السودانية و قوات الدعم السريع، موضحاً أن ثمانية ملايين شخص يواجهون خطر المجاعة. كما أدان بايدن تصرفات كلا الجانبين، داعياً المجتمع الدولي إلى “التوقف عن تسليح الجنرالات” وحثهم على “التوقف عن عرقلة وصول المساعدات للشعب السوداني وإنهاء هذه الحرب الآن”. وأكد التزام الولايات المتحدة بقيادة الجهود الإنسانية والدبلوماسية لوقف العنف في السودان.
و بالنظر الي هذا الخطاب يمكن إرجاع عدم دقة خطاب الرئيس بايدن بشأن السودان إلى فشل الدبلوماسية السودانية والمجموعات السياسية في تقديم الصورة الصحيحة للعالم. بسبب الانقسامات الداخلية والطموحات الشخصية، لم يتمكن الفاعلون السياسيون في السودان من توحيد جهودهم لنقل رسالة واضحة تعكس الواقع على الأرض.
1. عجزت الحكومة السودانية ودبلوماسييها و القوي المدنية عن تقديم رواية واضحة موحدة حول دور القوات المسلحة السودانية في الدفاع عن البلاد و بل سعي البعض الي توضيح أن مليشيا الدعم السريع هي مؤسسة شرعية تحاول استعادة النظام ضد انقلاب عسكري علي الحكم المدني في السودان.
سمحت القوي السياسية السودانية المنقسمة للروايات الدولية بتصوير كلا الطرفين على أنهما متساويان في المسؤولية. هذا الضعف الدبلوماسي ترك المجال مفتوحًا لسوء الفهم الدولي، كما هو واضح في تصريحات بايدن.
2. النزاعات المستمرة بين القوي السياسية السودانية، التي تغذيها الطموحات الشخصية والصراعات على السلطة، أضعفت بشكل كبير قدرة البلاد على تقديم جبهة موحدة أمام العالم. هذا التفكك ساهم في غياب استراتيجية فعالة للتواصل الدولي، مما أدى إلى تشوه الرؤية العالمية حول الصراع، حيث لم يتم تسليط الضوء بشكل كافٍ على فظائع مليشيا الدعم السريع.
لقد أعاق القتال السياسي قادة السودان عن الوصول إلى توافق، مما زاد من تعقيد قدرتهم على التأثير علي الرأي العالمي.
3. : بدلاً من التركيز على المصلحة الوطنية وحل الخلافات الداخلية، تورطت القوي السياسية السودانية في طموحاتها الخاصة. هذا أدى إلى فشل في إدارة صورة السودان على المستوى الدولي، مما سمح للجهات الخارجية بملء الفجوات بمعلومات غير مكتملة أو مبالغ فيها. تصوير بايدن للصراع قد ينبع من غياب رواية موحدة وواضحة من داخل السودان نفسه.
باختصار، تُعزى عدم دقة تصوير بايدن للصراع السوداني إلى قصور في الدبلوماسية السودانية والقيادة السياسية، التي سمحت بعدم الوحدة والتركيز على المصلحة العامة بانتشار التمثيل الخاطئ على الساحة العالمية.
و من هنا اناشد جميع القوى السياسية السودانية، و اقول لكم الاتي:
إن الوطن يمر بأخطر مراحله ويواجه مؤامرات داخلية وخارجية تسعى لتدمير ما تبقى من السودان واستغلال الخلافات الداخلية لتحقيق أجندات مدمرة. إن الشعب السوداني يعاني يوميًا من ويلات الحرب والتشرد والجوع، والوطن يحتاج الآن إلى توحيد الجهود ووضع مصلحة السودان فوق المصالح الشخصية والسياسية.
إن المرحلة الحالية تتطلب منكم تجاوز الخلافات الضيقة والعمل معًا لإنقاذ السودان من السقوط في مخططات خارجية تستهدف تفكيك البلاد وزيادة معاناة شعبه. لا سبيل أمامنا إلا التعاون والتضامن الوطني، والابتعاد عن الانقسامات التي تهدد استقرار السودان ومستقبله.
فلنعمل جميعًا من أجل مصلحة هذا الشعب الأصيل، الذي يستحق حياة كريمة وآمنة، ولنعيد بناء السودان على أسس العدالة والمساواة، ولنتكاتف في مواجهة كل من يسعى لتدميرنا.
نزار خيري
٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤