========================
إن كانت الخرطوم هي الحوش إلذى إليه استدرجت قوة الدعم السريع الصلبة لتقبر بداخله ، أو لتتمكن بتفوقها عدداً وعدة وعتاداً للقضاء على الجيش السوداني بعد احاطتها بمعسكراته كلها بما في ذلك مقر قيادته العامة،
إلا أن إرادة الله الغلابة الهمت الشهيد قائد الحرس الرئاسي ان ينتبه للمخطط باكراً مما دفعه لتدريب قواته- علي قِلّتها- تدريباً محكماً ونوعياً وبتكتيكات ومهارات عالية الدقة تحسباً لكل الاحتمالات، ولما كان هو وقواته بهذه الروح الوثابة واليقظة العالية والاستعداد التام، وعبر كاميرات المراقبة اكتشفوا موجات عدوهم الزاحفة نحوهم من أربع اتجاهات، فما كان من قائد الحرس الا ان دق جرس الانذار وأطلق صافرة الاستعداد للمواجهة.
وفي محاولة منهم اجلاء القائد العام لتامين سلامته، قوبلت برفض منه وآثر ان يبقي وسط قواته ليكون المصير واحداً، هكذا هو القائد الحقيقي، وانه لعمري موقف شجاع يسجل له في دفتر بطولات القادة الوطنيين.
انهزمت القوة الباغية المعتدية الكثيرة العدد بواسطة الفئة القليلة في اليوم الرابع من المعركة التي كان زاد قوة الحرس الرئاسي فيها الاسودان التمر والماء فقط، فغُلبت هنالك وانقلبت قوة المعتدي خائبة خاسرة، بتأييد الله وعونه وتوفيقه، بعد أن ايقنوا أنهم لا محالة منتصرين، ولقد اعدوا العدة للاحتلال الماكر والمسنود بكل تفاصيله عبر الوكلاء الدوليين.
لا يكاد احد يصدق ان عدداً لا يتجاوز عشرات تعد على انامل اليد الواحدة تهزم قوة قوامها ستمائة تاتشرا مزودة بكامل عتادها العسكري المتفوق، ولكن الخبرة والحنكة وقوة الارادة الواثقة من نصر الله وتأييده تفوقت على قوة مدججة بآليات عسكرية ضخمة لم يكن بينها وبين مقر البرهان الا عدة أمتار، ولكن إرادة الله الغلابة شاءت ان تدمر هذه القوة المتجهة نحوه بقذيفتين من قناص فوق بناية داخل القيادة لتكون سبباً في تشتيت القوة وولت هاربة مطاردة لينكسر بعدها الصندوق وينفك الطوق.
انها حقاً ملحمة تاريخية يرويها التاريخ بأحرف من نور مثلما سجل قبلها ما فعله البطل عثمان دقنة في منطقة سواكن بشرق السودان حين كسر صندوق المستعمر البريطاني كسابقة لم يعرفها في سائر غزواته وحروبه الاستعمارية ، وتاريخ السوداني هنا يعيد نفسه.