في اغسطس الماضي واثناء زيارتنا لبورتسودان نحن مجموعة من الصحافيين سالنا وزير المالية دكتور جبريل عن محفظة السلع الاستراتيجية ..شرع بعض الزملاء في ابداء الملاحظات لكن الوزير قاطعنا قبل الاستمرار فيها بان الحكومة جمدت القرار لحين اعادة تشكيل المحفظة بما يضمن مشاركة عدد من البنوك في راسمالها منعا لاحتكار بنك واحد .
في ٣٠ نوفمبر الحالي أصدر بنك السودان المركزي منشورا حظر فيه المصارف من الدخول في اي ترتيبات مصرفية لاستيراد المشتقات البترولية باي من طرق الدفع . وذكر بان الهدف من ذلك تنظيم عمليات استيراد المشتقات البترولية وتعزيز دورمحفظة استيراد السلع الاستراتيجية .
٤ اشهر مضت مابين تصريح وزير المالية بتجميد المحفظة وقرار بنك السودان باعلان البدء في عملها دون اي تعديل في تركيبة انشائها المقتصرة فقط على بنك الخرطوم .وهو ما يثير اسئلة مشروعة تستوجب الاجابة من قبل محافظ بنك السودان ووزير المالية..
ماهي الاسباب التي ادت الى اعلان عمل محفظة استيراد السلع الاساسية تحت ريادة بنك الخرطوم بعد الاعلان الرسمي عن تجميدها؟
ما الدوافع التي جعلت الحكومة تقبل بنفس الشكل القديم دون ادخال بنوك اخرى في راس المال ؟
هل فعلا تمت الاستجابة لضغوط قوية من بعض الجهات ليصبح بنك الخرطوم هو الرائد للمحفظة مع عدم الممانعة للبنوك في المشاركة كما جاء في كثير من المواقع؟
لماذا يدفع بنك السودان المركزي ٢٥% من راس مال المحفظة وهو جهة حكومية لصالح بنك تجاري من جملة اكثر من ٢٠ بنك خاص ؟
يرى كثير من الاقتصاديين ان اقتصار استيراد المشتقات البترولية بواسطة المحفظة يعني ذلك احتكار الاستيراد بواسطة المحفظة وبالتالي وبما ان الاعتمادات سيتم فتحها بواسطة البنك الرائد للمحفظة ( بنك الخرطوم) وكذلك توفير النقد الاجنبي فان ذلك يعني بطريقة او باخرى ان بنك الخرطوم سيتحكم في عمليات الاستيراد .وفي تحديد اسعار حصائل الصادر ..
هناك حقيقة يجب الانتباه لها في هذا الخصوص وهي ان صادرات الذهب تعتبر المكون الاجنبي الاساسي لاستيراد المشتقات البترولية .وبما ان الاستيراد اصبح يتم بواسطة المحفظة فان صادرات الذهب وتحديد اسعار تلك الحصائل سيكون حكرا بواسطة البنك الرائد(الخرطوم )
معلوم ان ٧٠% من استخدام حصائل صادرات الذهب وبحسب ضوابط بنك السودان المركزي نفسه تذهب لاستيراد السلع الاستراتيجية والتي تعتبر المواد البترولية من اكبر مكوناتها .وبالتالي لن تتكرر عمليات صادر للذهب بواسطة اي بنك من البنوك التجارية لانه لن يتمكن من توظيف تلك النسبة . بالتالي سيتم الاحجام عن الصادر او على مصدري الذهب اجبارا التوجه لبنك الخرطوم ان كان مسموحا للمحفظة بشراء حصائل الذهب حسب تكوينها .وبالعدم لاشك ان عمليات تهريب الذهب سترتفع وتنشط بشكل كبير .
البنك المركزي عند اعلانه انشاء المحفظة ذكر ان الهدف هو ضبط الاستيراد وبالتالي السيطرة على سعر الصرف من الانفلات ..فاذا لم يتم التنسيق مع وزارة النفط لتحديد الكميات المطلوب استيرادها فلاشك انه سيتم استيراد كميات فائضة عن حاجة البلاد وبالتالي سيؤدي ذلك لزيادة الطلب على الدولار وسيرتفع سعر الصرف وهو اول طريق في هزيمة اهداف انشاء المحفظة ..في حين كان بالامكان ان يتم ذلك بدون تدخل مباشر من البنك المركزي واعلانه عن محفظة مشتركة بينه وبين بنك الخرطوم واحتكار الاستيراد على المحفظة التي تدار بواسطة الشريك وهو بنك الخرطوم .
اذا كانت شركات الاستيراد تقوم بدفع المكون المحلي بالكامل قبل اكمال عملية الاستيراد للمحفظة (وهو امر طبيعي) .فبالتالي فان كل الامر يدور حول توفير المكون الاجنبي والذي يمكن توفيره من حصائل صادرات الذهب او شراء الذهب وتصديره