*مستشار حمديتي السابق اللواء نورالدين عبد الوهاب لـ “ألوان” 2/2* *صبيحة تحرير المصفاة كان يوم تنفيذ الإعدام بحقي*

*مستشار حمديتي السابق اللواء نورالدين عبد الوهاب لـ “ألوان” 2/2*
*صبيحة تحرير المصفاة كان يوم تنفيذ الإعدام بحقي*.
*حرمت من الأكل والشرب عاما وثلاثة أشهر*.
*منطقة شمال بحري كان يحتلها ليبيون وتشاديون وجنوبيون*.
*650 ألف جنجويدي هلكوا في معركة الكرامة*.
*سجانون كنت أحسن إليهم هربوا لي العصيدة اليابسة في سراويلهم*
*حميدتي إنتهى سياسيا وعسكريا، ومصابا إصابة بالغة بين حاضنته*.
*مكة المكرمة.عبد اللطيف السيدح*
يواصل اللواء نور الدين عبد الوهاب في هذه الحلقة الثانية والأخيرة من حوار كشف الأسرار الذي أجرته معه “ألوان” في مكة المكرمة حيث وصل إليها معتمرا شاكرا لأنعم الله بعد خروجه المعجزة من غياهب سجون حميدتي الجبلية شرق مصفاة الجيلي.
فإلى مضابط الحوار.
*ما الذي حدث لحميدتي بعد 25 أكتوبر*؟
بدأ يهاجم الناس الذين وقفوا معه وساندوه قبل وبعد قرارات 25 أكتوبر الشهيرة والتي كان هو عرابها والممول الرئيسي لها، وهو ما يسميه قادة الحرية والتغيير اعتصام الموز ويسميه رئيس مجلس السيادة ونائبه بالقرارات التصحيحية، ومن خلال خطابات غريبة وغير مألوفة عنه بدأت تظهر في عباراته أحاديث مؤيدة ومنحازة للتيار اليساري المتطرف وظهر ذلك جليا في خطاب الأسف والاعتذار عن الانقلاب ومن خلال الرصد والمتابعات تأكد أن الرجل وقع تماما في مصيدة الاستخبارات الأجنبية والتفت حول عنقه حبال مخابرات الدولة التي أيدته ودعمته في حربه ضد الجيش السوداني.
*متى تقدمت باستقالتك من الدعم السريع*؟
قدمتها قبل نشوب الحرب بأشهر وذلك بعد أن لاحظت أن تغييرات عديدة بدأت تظهر على تصرفات الرجل وهذا طبعا كان ذلك بعد قرارات 25 أكتوبر ، وأذكر في ذلك الوقت أنه أصبح يستقبل يوميا في مكتبه ياسر عرمان ومحمد التعايشي ويجلسان معه الساعات الطوال، وعندما تكررت هذه الزيارات غير المرتبة وغير العادية والمريبة في ذات الوقت دخلت عليه ناصحا وقلت له بما أنك تمثل الرجل الثاني في الدولة يجب أن تقف على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوداني وأكدت له أن هؤلاء يمثلون التيار الملحد المتطرف وانحيازك لهم يعني الوقوف ضد الفطرة السودانية السليمة، وعليك الآ تنحاز لطرف على الآخر ولاتعادي شخصا حتى تصل البلاد إلى مرحلة الانتخابات ويختار الشعب من يمثله.
*هل استمع لنصيحتك*؟
طبعا لا ضرب بها عرض الحائط ووضع يده في أيدي عرمان والتعايشي وهما يمثلان التيار الملحد المتشدد حتى في مكون الحرية والتغيير، فبدأت العلاقة تفتر بيني وبينه حتى أصبحت لا أحضر إلى المكتب حتى أنه اتهمني بالتمرد عليه وقال لي “مالك إيه الحاصل عليك” فقلت له يا أخي الآن أنت ماشي في طريق غلط أنا نصحتك أنت لم تقبل النصيحة وما عدت أصلح أن أكون مستشارا لك دون فائدة.
*هل تعتقد أن عرمان والتعايشي هما من أوغرا صدره ضدك*؟
ما من شك في ذلك بل إن المعلومات التي توفرت لدى أنهما ذكرا له أنني أعمل ضده ولا زال ولائي للبشير والمؤتمر الوطني وهكذا بل هو قال لي ذات مرة نفس هذا الكلام، وقلت له هات ما يؤكد أنني أعمل ضدك فلم يستطع الإتيان بدليل واحد، بل قلت له نحن تعاهدنا داخل الحرم المكي أن نعمل جميعا بإخلاص من أجل السودان الوطن الواحد والآ نعمل لأي جهة أخرى سواء كانت داخلية أو خارجية، لكنه للأسف انقلب على عقبيه وتمكنت المخابرات الأجنبية وبواسطة عملاء الداخل من استقطابه لصالح المشروع التدميري.
*كيف تمت عملية الفراق* ؟
ابتعدت عنه تماما لدرجة أن السلام لم يعد بيننا لأن مدير مكتبه العميد حسن محجوب أبلغني من أن الرجل أصبح يتخوف مني أو “أبى جيهتي” على قول المثل الدارجي لدرجة أنه وضع كاميرات لمراقبة تحركاتي داخل منظومة المكتب وفي يوم من الأيام ناداني وقال لي “إنت ما داير تشتغل معانا؟ قلت له نعم، فقام على طول أعطاني متحرك لي ناس الجهاز وقلت له الجهاز زاتو ما عايز اشتغل فيه” فقال لي خلاص أنا بكلم مفضل ينزلك قلت له جدا فأخذت أمر تحركي ونزلت بنفس رتبتي.
*متى نشب الخلاف بين البرهان وحميدتي*؟
الخلاف بدأ يظهر بصورة واضحة بعد الخطابات التي ظل يقرأها كل مرة وفي كل مناسبة عبد الرحيم دقلو وطبعا هى مكتوبة بأيدي عرمان والتعايشي الحليفان السياسيان للدعم السريع وذلك بتنسيق شامل وكامل ورعاية من مخابرات وسفارة الدولة التي تكفلت بتوفير السلاح والمرتزقة بعد نشوب الحرب، وخطاب عبد الرحيم الشهير في قاعة الصداقة الذي قال فيه لرئيس مجلس السيادة القائد لقوات الشعب المسلحة ” سلم السلطة من غير لف أو دوران” وهذا الخطاب كان بداية التمرد الحقيقي، فأنت كعسكري تتبع للقائد العام فكيف تحذره وأمام الملأ ففي كل الدنيا هذا اسمه تمرد ،والتمرد الثاني بدا بتحريك قوات من الزرق عبارة عن دبابات , وناقلات جنود حركوها من هناك وجابوها الخرطوم بدون علم القيادة ثم أدخلوا 65 الف متدرب في المعسكرات في عموم ولايات السودان في معسكر قري لوحده أدخلوا 18 الف وأدخلوا 16 الف في معسكر فتاشة وأدخلوا تقريبا نفس الكمية في معسكر طيبة، ووزعوا باقي المتدربين على المعسكرات الموجودة في باقي ولايات السودان.
*هل تعلم شيئا عن جنسيات هؤلاء المجندين*؟
هؤلاء الـ 65 ألف متدرب هم من تحدثت عنهم المجالس والاعلام بأن الغالبية العظمى منهم غير سودانيين، وتم إدخالهم إلى السودان واستخرجوا لهم أرقاما وطنية وجوازات والغريبة لم تكن هذه العملية سرية والأجهزة الأمنية رصدت ذلك وأبلغت الجهات ذات العلاقة في موضوع التجنيس وعلى رأسها وزارة الداخلية بل إن الاتهام الأكبر كان موجها للشرطة لكن لم تتحرك الدولة وتحسم الأمور في وقتها حتى وقعت الفأس على الرأس.
*أين كنت يوم الإنقلاب* ؟
كنت في منزلي بحلفاية الملوك، حاولت الاتصال بعدد من الضباط قيادات الدعم السريع بحكم الزمالة السابقة لكي يوقفوا هذه الحرب لكن للأسف كانت جميع الهواتف مغلقة وأصبحنا نراقب التطورات العسكرية، وبعد أن حمى الوطيس وتوسعت رقعة الحرب قررت إجلاء أسرتي إلى منطقتنا وبيت الأسرة الكبير في قري.
*كيف ولماذا تم اعتقالك* ؟
بدون أي سابق إنذار أنا متواجد في بيتي ومع أسرتي في “قري” تم اعتقالي وذلك بعد 6 أشهر من اشتعال الحرب، أما لماذا فأعتقد أن وشاية أطلقتها قيادات قحط كانت خلف اعتقالي وذلك عندما روجوا أن مستشار الدعم السريع السابق قد انضم للقوات المسلحة وبدأ في تنفيذ خطة لزرع ألغام في المنطقة لكي تقتل عناصر الدعم السريع الذين احتلوا كل المنطقة شمال الجيلي، وأعتقد أن سبب اعتقالي سياسي وليس عسكري هذا ما اتضح لي فيما بعد.
*أين ذهبوا بك*؟
داهمت المنزل ثلاث “تاتشرات” مدججة بالسلاح والجنود أشهروا أسلحتهم في وجهي وأمام زوجتي وأطفالي أمروني بالركوب وصلت مكان الحبس لم يكن بعيدا عن منطقتي جوار المصفاة أدخلوني في بدروم جلست ثلاثة أشهر دون أي تحقيق بعد ذلك نقلوني إلى الخرطوم شارع عبيد ختم جوار الأدلة الجنائية وجدت عددا كبيرا من المعتقلين منهم مهندسين في سوداتل، أجلسوني في أسوأ مكان والوضع مزري للغاية، طالبتهم بتقديمي لمحاكمة بسبب التهم الموجه لي في النهاية أتوا بي لضابط يعرفني تماما اسمه عيسى بشارة قلت له لماذا تم حبسي كل هذه المدة دون توجيه أي تهمة فقال لي ملفك معي واطلعت عليه ولم أجد مبررا لاعتقالك وسنطلق سراحك ، وقد كان أعادوني إلى منزلي ووضعوني تحت المراقبة والبيت محاط بالتاتشرات من جميع النواحي ولا يسمح لي بالخروج، لكن تمكنت من إجلاء أسرتي إلى عطبرة رغم الحصار، وعندما علموا بذلك أخذوني مرة أخرى إلى المعتقل.
*أعادوك للخرطوم مرة أخرى*؟
لا هذه المرة كان في موقع داخل التصنيع الحربي، وجاءني ضابط منهم وقال لي نحن نعرفك ونعرف خدماتك الجليلة التي قدمتها للدعم السريع ولقائده ونريد منك مواصلة العمل معنا و تتولى مهمة قيادة الدعم السريع في هذه المنطقة ونحن جميعا جنود تحت إمرتك وتوجيهاتك ونعتذر لك عما حدث لك في الأشهر الماضية، فقلت له أعتذر عن تولي هذه المهمة ولن يجدي معي ترغيب ولا ترهيب فأرجوكم أبحثوا عن شخص غيري، وتحاججنا كثيرا في هذا الموضوع وغادر.
*ماذا حدث بعد رفضك للعرض*؟
بعد ذلك تم إخراجي من التصنيع الحربي وتحويلي إلى معتقل ” الكاراكون” شرق مصفاة الجيلي منطقة جبلية سيئة جدا والموقع من أسوأ أماكن الحبس وجدت هناك أعدادا كبيرة من النظاميين والمهندسين والمواطنين العاديين خاصة الذين يملكون النقود يأتون بهم هنا لتعذبيهم حتى يعترفوا بأماكن الذهب والمدخرات وأرقام حساباتهم في البنوك ليتم التحويل الفوري منها إلى حسابات أفراد المليشيا.
*كيف وجدت المعاملة ممن كنت ترأسهم في السابق*؟
بعد أن اعتذرت عن العمل معهم، ويبدوا أنهم تلقوا تعليمات عليا بأن يتفننوا في تعذيبي فنقلوني إلى زنزانة ضيقة جدا لا أخرج منها إلا كل 12 ساعة لدورة المياه وأحيانا يمر يوم كامل لا يخرجوني وحرمت من الأكل والشرب وبقيت على هذا الحال عاما وثلاثة أشهر، وتأكد لي أنهم يريدون قتلي من خلال هذه المعاملة وذلك تنفيذا لتوجيهات ربما تكون من قياتهم العليا.
*ألم تجد من يتعاطف معك وأنت ضابط سابق معهم*؟
نادر جدا لأن معظم القوات الموجودة في منطقة المصفاة والتصنيع الحربي وقري والمعسكرات الجبلية أو 85% أجانب تشاديون، وجنوبيون، وأعداد كبيرة من قبيلة “التبو” الليبية الذين دعم بهم حفتر حليفه حميدتي وهم متدربون أشداء أقوياء، قتلة ، لكن الحمد لله من بين كل هؤلاء الأجانب الأنجاس أجد شخصا أو شخصين يأتيان إلى زنزانتي من أبناء الدعم السريع السودانيين والذين قد أكون أحسنت إليهم في يوم من الأيام، فيعطفان علي ويسربان لي “ماء معبأ في أكياس إضافة لقطع العصيدة اليابسة في تكك سراويلهم”.
*كيف ومتى خرجت من المعتقل*؟
سبحان الله كتب الله لنا أعمارا جديدة بعد أن حكموا علينا بالإعدام، أذكر أنه في الليلة التي سبقت تحرير المصفاة أوقفوا سيارة كبيرة بطاح وأخرجونا من الزنازين وأخبرني أحد السجانين أننا ذاهبون إلى دارفور وفعلا تم شحننا في البطاح ومع مغيب الشمس تعطلت السيارة في منطقة شرق النيل وباءت جميع محاولات الإصلاح بالفشل فأعادونا إلى معتقلاتنا مرة أخرى وعرفنا أنهم قرروا تصفيتنا صباحا رميا بالرصاص ، ومع بزوغ الفجر سمعنا أصوات التكبير والتهليل ورأينا الجيش يقتحم المعسكر وهرب كل الجنجويد وتم تحريرنا الذي كان أشبه بالمعجزة وشاهده السودانيون على شاشات التلفزة ورأوا الحالة التي كنا عليها.
*من خلال متابعاتك هل الدعم السريع قادر على مواصلة الحرب*؟

طبعا لا لأن القوة الصلبة التي أعرفها وتم تدريبها جيدا على أيدي الجيش السوداني قد تم سحقها تماما خلال الشهرين الأولين من الحرب، وبكل ثقة ومعلوماتي المؤكدة أن 650 ألف من قوات الدعم قد هلكوا، والقيادات المتبقية هربت إلى دارفور عثمان عمليات وعصام فضيل وغيرهما.
*أين حميدتي*؟
شوهد أخر مرة بعد ثلاثة أيام من إندلاع الحرب يحمل جنزيرا قال “سيكلبش” به البرهان بعد إلقاء القبض عليه وإيداعه السجن مع البشير ورفاقه، لكن اختفى فجأة عن مسرح العمليات التقارير الاستخباراتية تقول أنه معاق إعاقة يصعب برؤها، وربما يكون موجودا في منطقة شدة خلوية أوبين حاضنته، وفي كل الأحوال انتهى عسكريا وسياسيا.
*انتهى*

مقالات ذات صلة