القاهرة—عمر هنري
ذكرى سقوط نظام البشير: انتصار الإرادة الشعبية في السودان.
ذكرى سقوط نظام عمر البشير في السودان تُعد واحدة من أبرز المحطات في تاريخ البلاد الحديث، حيث شكّلت تحولاً جذريًا في المسار السياسي السوداني. ففي 11 أبريل 2019، أُعلن عن سقوط نظام البشير بعد حكمٍ دام نحو 30 عامًا، وذلك إثر ثورة شعبية سلمية انطلقت في ديسمبر 2018 احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية.
ما ميّز الثورة السودانية هو الوعي الجماهيري والتنظيم الشعبي، خاصة الدور البارز الذي لعبته لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير، إلى جانب الحضور القوي للنساء والشباب، الذين أصبحوا رموزًا للتغيير السلمي.
رغم أن سقوط البشير مثّل انتصارًا كبيرًا للإرادة الشعبية، فإن الفترة الانتقالية التي أعقبته واجهت تحديات جسيمة، من بينها الصراع على السلطة، التدخلات العسكرية، والأزمات الاقتصادية.
في صباح يوم الخميس، الحادي عشر من أبريل عام 2019، سُجّل فصلٌ جديد في تاريخ السودان، حين أعلن وزير الدفاع آنذاك عوض بن عوف في بيان متلفز عن اقتلاع نظام الرئيس عمر البشير والتحفظ عليه، بعد حكم دام ثلاثين عامًا. لم يكن ذلك الحدث وليد لحظة، بل تتويجًا لثورة شعبية عارمة بدأت شرارتها في ديسمبر 2018، عندما خرج السودانيون إلى الشوارع احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار وشح الوقود والخبز.
لكن المطلب الاقتصادي سرعان ما تحوّل إلى مطلبٍ سياسي: “تسقط بس”، الشعار الذي هزّ جدران القصر الجمهوري وأعاد للسودانيين ثقتهم في قدرتهم على التغيير. قاد الحراك الشباب والنساء، وتقدمت صفوف الثورة “كنداكات” السودان، اللواتي شكلن رمزًا عالميًا للمقاومة السلمية.
أسقطت الثورة نظامًا رسّخ سلطته بالقبضة الأمنية والفساد والتضييق على الحريات، وفتحت باب الأمل نحو دولة مدنية ديمقراطية. لكن ما بعد السقوط لم يكن طريقًا مفروشًا بالورود، إذ تعرّضت الفترة الانتقالية لهزات عنيفة، أبرزها تدخل العسكر في الحكم، والانقسامات السياسية، إلى جانب الأزمات الاقتصادية المتواصلة.
ومع كل تلك التحديات، تبقى ذكرى 11 أبريل رمزًا خالدًا لانتصار الإرادة الشعبية، وشاهدًا على أن الشعوب، مهما طال الظلم، قادرة على استعادة حريتها وكرامتها.