هاتف حميدتي،، ورطة “أبوظبي”،،
اتصـالات الميليشيا،، منظـومة إمـاراتية..
اتصالات هاتفية ورسائل مستمرة بين حميدتي وقادته الميدانيين..
منظومة تقنية إماراتية متطورة، جُهزت لإدارة ومتابعة الحرب..
أهمية تضمين المعلومات في معركة السودان القانونية ضد الإمارات..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
دمغت معلومات أوردها قائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل، دولة الإمارات بضلوعها في التخطيط والتنفيذ ومتابعة مجريات الحرب الدائرة في البلاد منذ الخامس عشر من ابريل 2023م، وكشف كيكل عن استخدام قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو، هاتفاً برقم إماراتي ظل يتواصل به طوال فترة الحرب مع قادة الميليشيا داخل السودان، وقال كيكل في حديثه لمجموعة من الإعلاميين والصحفيين ورؤساء تحرير بعض الصحف، إن حميدتي كان يتحدث معه، ومع كل القادة الميدانيين عبر هاتف خاص أطلقوا عليه ” الإماراتي” حيث كان حميدتي يشدد على ضرورة أن يتم التواصل معه عبر ” التلفون الإماراتي فقط”، وهو هاتف كبير الحجم، مختلف الشكل، يستخدمه حميدتي في المكالمات الهاتفية و الرسائل النصية، وأكد كيكل أن حميدتي كان يتصل به (15) مرةً في اليوم الواحد للاطمئنان على سير المعارك، والاستفسار عن النواقص في المعدات والعتاد الحربي من آليات وسيارات وأسلحة وذخائر، وقال كيكل إنه تخلص من هاتفه عقب انضمامه للقوات المسلحة السودانية لقناعته أن مثل هذا الهاتف سيكون موصولاً بجهاز تنصُّت وتعقُّب.
علاقة حميدتي بالإمارات:
وتعود جذور العلاقة المتينة التي ربطت قائد ميليشيا الدعم السريع بدولة الإمارات العربية، إلى الفترة الانتقالية التي اتسمت بالفوضى والاضطراب وفقدان التوزان والبوصلة السياسية، حيث لمع اسم حميدتي في منصب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، وهو منصبٌ استفاد حميدتي من كل الفضاءات التي أتاحها له في التواصل مع الرؤساء ورؤساء الدول والحكومات، فكانت دولة الإمارات حاضرة في اهتمام حميدتي الذي وجد فيه ” عيال زايد” مخلب قط لتنفيذ أجندة مشروعهم الاستعماري الجديد في السودان، فكانت زيارات النائب الأول لرئيس مجلس السيادة إلى أبوظبي متواترة على مسمع ومرأى القيادة السودانية، حيث تنقل أعين الأجهزة الإعلامية طبيعة الزيارات والموضوعات التي يتم التباحث بشأنها بما يعزز العلاقات الثنائية بين الخرطوم وأبوظبي، فيما تحتفظ الصدور بكنه وحقيقة المخطط التأمري الذي كان يُطبخ على نار هادئة، ربما تُشتمُّ روائحه في عواصم غربية وأفريقية داعمة للمخطط، ومتشوقة لساعة الصفر التي دقت عقاربها صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023م، يوم تمرد ميليشيا الدعم السريع على القوات المسلحة السودانية.
لقاءات سرية:
واشتدت وتيرة الزيارات المكوكية لقائد الدعم الدعم السريع محمد حمدان دقلو إلى الإمارات، في الفترة ما بين فبراير ومارس 2023م، ولعل اللافت للانتباه أن معظم هذه الزيارات كانت سرية، وتأتي في سياق الاتصالات المستمرة بين قيادة قوات الدعم ودولة الإمارات، وبجانب الزيارات السرية، عمد حميدتي إلى إجراء لقاءات سرية مع كبار المسؤولين الإسرائيليين على شاكلة اللقاء الضجة الذي جمعه مع رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين بحضور مسؤول إماراتي رفيع، ووفقاً لمراقبين فإن زيارات حميدتي ولقاءاته السرية، كانت تهدف إلى الاطمئنان على الترتيبات ووضع اللمسات النهائية للمخطط الخبيث الذي انكشفت عورة فشله في الساعات الأولى من انطلاق رصاصة الغدر، ويرى مراقبون أن “الهاتف الإماراتي” كان الوسيلة المثلى للتواصل الآمن ما بين قائد ميليشيا الدعم السريع، والقيادة الإماراتية التي كانت في بواكير الحرب تدير العملية من وراء جدر، حيث إن استخدام قائد الدعم السريع لهاتف برقم أجنبي، يقلل من فرص مراقبة ومتابعة مكالماته مما يعطيه مساحات شاسعة للتحرك في ميدان المعارك بصورة آمنة ومطمئنة.
صفحة تديرها الإمارات:
وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السودان والعالم العربي، قد تداولوا في الأيام الأولى للحرب، صوراً مأخوذة من الصفحة الرسمية لقائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو “حميدتي” على منصة فيسبوك، وقد أظهرت الصور أن الحساب الشخصي لحميدتي يدار بواسطة ثلاثة أشخاص، أحدهم من دولة الإمارات العربية، وتفاعل نشطاء ومستخدمو منصات التواصل على نطاق واسع مع بيانات صفحة دقلو على فيسبوك الموثقة بالعلامة الزرقاء، قبل أن تقوم الصفحة بإخفاء المعلومات من خاصية “شفافية الصفحة”، التي تظهر للمتابعين من يقوم بإدارتها ومواقعهم الحالية، وانتشرت تغريدات كثيرة تستغرب إدارة صفحة محمد حمدان دقلو من دولة الإمارات، معتبرة أن ذلك تدخلاً مباشراً في الشأن الداخلي السوداني ودعم لطرف على حساب آخر، وهو الأمر الذي كشفته الحرب بعد أن تقدمت بها الأيام والشهور، عندما تقدمت الحكومة السودانية في شهر مارس من العام 2024م، بشكوى رسمية دفعت بها إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات متهمةً إياها بالضلوع في الحرب، قبل أن تعززها بدعوى رسمية إلى محكمة العدل في لاهاي في مارس من العام الجاري 2025م، متهمة الإمارات بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور.
حميدتي مُختطَف إماراتياً:
ويرى الخبير القانوني والكاتب الصحفي الأستاذ أشرف خليل أن استعمال قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو لهاتف إماراتي خاص إبان وجوده في السودان وفقاً لإفادات قائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل، تؤكد بعمق اليقين الراسخ لديه من ارتباط ميليشيا الدعم السريع بدويلة الإمارات، وقال خليل في إفادته للكرامة أن الخطوة تأتي في إطار منظومة تقنية إماراتية متطورة، تم تجهيزها مسبقا لإدارة ومتابعة مجريات الخطة وسير تنفيذها، مؤكداً أن القيادة الإماراتية تعلم جيداً أن حميدتى متقلب المزاج، ومتغير القرار، ويمكن أن يتصرف على نحو غبي، وأكد أشرف خليل أن حميدتي مُختطَف منذ زمن بعيد عند الإماراتيين ولا يملك قراره، ولا يألو على شيء، لذلك ظلت عيون النظام الإماراتي مفتوحة عليه بالمراقبة والمتابعة، مع اهتمام دقيق من حكومة أبوظبي بتفاصيل المعارك وسيرها، وحرصها على التواصل معه لقناعتها أن أي اجتهاد أو مبادرة شخصية من حميدتي، ستكون وبالاً على المخطط التدميري الخبيث، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على تغيير كل الخارطة السياسية والعسكرية بغير ما تشتهي الاستراتيجية الإماراتية التي تدير بها هذه الحرب.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد كشفت المعلومات التي أدلى بها أبو عاقلة كيكل، جوانب مهمة من خيوط المؤامرة التي تديرها دولة الإمارات تجاه السودان مستخدمة فيها قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو كأداة تنفيذية، وهي معلومات كنا نتوقع أن يتم الكشف عنها مبكراً لتستفيد منها أجهزة الدولة المختصة في معركة السودان القانونية ضد دولة الإمارات، ذلك أن الفريق القانوني السوداني في حاجة إلى أي دليل دامغ يعزز من قوة الاتهامات ضد ” عيال زايد” ويزيد حبل الخناق على رقابهم.