وسط تحديات النزوح واللجوء، وفي ظل واقع يفرض نفسه على آلاف الأسر السودانية التي وجدت في مصر ملاذا بعد أن شردتها الحرب، تبرز مبادرات تطوعية تسعى إلى ترميم ما تبقى من الحلم، ومنح الأمل فرصة جديدة للحياة. ومن بين هذه المبادرات، تبرز “مقرن النيليين” كمثال حي على دور المبادرات المجتمعية في دعم السودانيين في أرض الغربة.
المبادرة، التي أسستها وتديرها الدكتورة فاطمة محمد خير، تهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية المستدامة، لا من خلال المساعدات المباشرة فحسب، بل عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تمكن النساء وتفتح أمامهن آفاق الاستقلال والاعتماد على الذات.
وفي هذا السياق، نظمت المبادرة مؤخرا ورشة تدريبية حول إدارة المشروعات الصغيرة، شاركت فيها سيدات سودانيات مقيمات في مصر، إلى جانب عدد من المؤسسات والممثلين، من بينهم ممثل البنك الزراعي السوداني. وقد شهدت الورشة تفاعلا كبيرا، وتم خلالها عقد شراكات وتشبيك مع مؤسسات مصرية تعمل في مجال التدريب على ريادة الأعمال، باشراف الأستاذ أحمد السيد، الذي قدم دبلومة مجانية في رياده الاعمال للمشاركات دعما لمسيرتهن المهنية.
ولأن الدعم النفسي لا يقل أهمية عن التمكين الاقتصادي، خصصت الورشة جلسات نفسية باشراف الدكتورة ولاء السيد، التي قدمت للمشاركات دعما معنويا، وجلسات حول طرق التعامل مع مشاعر الإحباط واليأس، وهو ما لاقى صدى واسعا بين الحاضرات، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها معظمهن.
وفي حديثها خلال الورشة، وجهت د. فاطمة نقدا مباشرا لظاهرة “البازارات”، معتبرة أنها لا تقدم الدعم الحقيقي لصاحبات المشاريع الصغيرة، بل تقتصر على شكل احتفالي لا يخدم الأهداف التنموية. كما كشفت عن تحضيرات حالية تقوم بها المبادرة بالتنسيق مع مبادرات شبيهة، لتنفيذ مشروع موسمي يهدف إلى توزيع أضاحي العيد على الأسر المتعففة، في خطوة إنسانية تؤكد استمرار العطاء رغم قسوة الظروف.
مبادرة “مقرن النيليين” ليست فقط مبادرة إنسانية، بل هي نداء مفتوح لكل من يؤمن أن في التكاتف قوة، وفي المبادرات الشعبية طوق نجاة، وأن الوطن يمكن أن يسكن القلوب، حتى حين نجبر على مغادرة أرضه.