:: فيما يُنفذ فرسان الجيش والقوات المساندة إتفاق جدة بكردفان و دارفور، يُنفذ المجلس السيادي هنا وهناك خارطة الطريق المتفق عليها دولياً وإقليمياً و وطنياً، ويأتي بالدكتور كامل إدريس الطيب رئيساً لمجلس وزراء حكومة السودان، لتُرحب به الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وغيرها من مكونات المجتمع الدولي والإقليمي، و ليُشغل الناس والاحزاب في بلادنا ما بين مؤيد ومعارض و عاقل يمنح الفرصة ويحكم بالنتائج..!!
:: وتسألني الحُميراء بالقناة العربية عن فرص نجاح كامل إدريس في تنفيذ برامج المرحلة، و التي منها تحقيق التوافق السياسي، مع الإعتبار بأنه لم يأت بالتوافق السياسي.. فأجبتها، سيدتي لم يخلق الله رجلاً في دنيا الناس توافق عليه الجميع، ونحن في السودان أمرنا عجب، بحيث لم نتوافق حتى على إسماعيل الأزهري الذي مات سجيناً بعلم الناس والأحزاب، وقبله رمز الثوار علي عبد اللطيف الذي مات منفياً تحت بصر الناس والأحزاب، فكيف يتوافقون على كامل بالإجماع ..؟؟
:: وليس فقط الحزب الشيوعي، بل كلنا يا سيدتي – أحزاباً و شعباً – خُلقنا لنعترض، لنرفض، لنكره، لنحقد، لنحسد، لنطلق الأحكام الإستباقية على من لانعرفهم، ولن يكون كامل إستثناءً من وباء تجريم الآخر دون تجريبه، والتقليل من شأنه دون معرفته، وإغتيال شخصيته في المجالس والمنابر ولو كان مبرأً من كل عيب..ألا تعلمين سيدتي إن صغار القوم إذا ما وجدوا كبيراً خالياً من العيوب إختلقوا له العيوب، أو فتشوا حسبه ونسبه لينصبوا له المشانق ولو بسفه من شاكلة : ( حبوبتو كانت بتبيع العرقي) و ( فيهم عِرق )، ثم يستمتعون بما يؤفكون ..!!
:: وبالمناسبة، ناهيك عن كامل، صالحين، موسى، رجب، حليمة و كل رجال ونساء المرحلة، هل لدينا رمزاً وطنياً، تاريخياً كان أو مُعاصراً، أو عالماً في مجاله لم تنهش سيرته كلاب القوم؟، هل سلم المهدي، التعايشي، المك نمر، عبد الله الطيب، كمال شداد، و..و..كل الشوامخ، هل سلموا من أن يكونوا على موائد المجالس و المنابر لحوماً تُمزقه سكاكين اللئام؟..وعليه سيدتي، لم – ولن – يتوافق قومي إلا على عدم التوافق، فليتبربع كامل على مقعده مطمئناً بما تيسّر من القبول، كثيراً كان أو مواطناً واحداً فقط لاغير في ضواحي المدينة..!!
:: لافرق بينه وحمدوك يا عزيزتي ..كلاهما غير منتخب، كلاهما عيّنه المجلس السيادي، بيد أن كامل يتميّز بأنه إختيار وطني، ولن يدفع الاتحاد الأوروبي راتبه ونثريات مكتبه، ولن تحرسه البعثة الأممية و الرُباعية، ولن ترعاه حكومة أبوظبي بقطيع الحسابات الإلكترونية الوهمية ذات الهُتاف الساذج (شكراً كاملوك)، وعندما تنتهي دورته الرئاسية لن يرتمي في حضن الكفيل خادماً في مراكزه وحاضناً جنجويده ومتآمراً على بلاده، تطارده الجاليات باللعنات واللكمات أينما ظهر، فالفرق بينهما فرق مواقف ..!!
:: ثم ماذا سيدتي؟ .. لا شئ غير إكمال هياكل الدولة التي عجز نشطاء تلك المرحلة عن إكمالها..مجلس وزراء من ذوي النزاهة والكفاءة، مجلس تشريعي من ذوي الأمانة والشجاعة، محكمة دستورية من ذوي الخبرة والتجربة، وذلك لفرض الأمن وتحقيق العدالة وتوفير الخدمات، وإعمار ما خربتها مليشيا الإمارات، وإعادة اللاجئين والنازحين والحياة الى الديار المهجورة، ثم تهيئة البيئة السياسية لإنتخابات يختار بها الشعب حكومته المدنية.. فالأمر ليس سهلاً سيدتي، بيد أنه ليس مستحيلاً على من توكل على الله ثم إرادة و موارد شعبه، و ليس على فولكر وسُفهاء تلك المرحلة ..!!