خمسة شعراء سودانيين يمكن تسميتهم فطاحلة الشعر وهم : عمر الطيب الدوش ، علي عبد القيوم ، محمد سالم حميد ،محجوب شريف عثمان والخامس الصديق العزيز كمال الجزولي . رحمة الله عليهم فقد رحلوا في سن مبكرة وجميعهم بلغوا مقاما رفيعا في الشعر والكلمة الصادقة فأحبهم الشعب السوداني حبا شديدا.
تمت كتابة الكثير عن الشاعر عمر الطيب الدوش كما تمت كتابة الكثير عن شعراء السودان وقرأت عدة مقالات عن : التجاني يوسف بشير ، محمد المهدي المجذوب ، الهادي آدم ، مصطفى سند، محمد احمد المحجوب ، أحمد محمد صالح ، محي الدين فارس، أحمد سليمان طه ، إدريس محمد جماع ، الطيب محمد سعيد العباسي، جيلي عبدالرحمن ، مبارك حسن الخليفه ، علي عبدالقيوم ، عالم عباس ، عبدالإله زمراوي ، صديق مدثر ، كمال الجزولي ، سيف الدين الدسوقي ، توفيق صالح جبريل ، النور عثمان أبكر ، د. محمدعبدالحي ، محمد المكي إبراهيم ، عزيز التوم منصور، أسماء الجنيد ، روضة الحاج ، نضال حسن الحاج ، محمد الحسن سالم حميد ، محجوب شريف ، وكثير من شعراء الفصيح والعامية وحتى الحلمنتيشي .
في الخمسينات من القرن الماضي كنت تلميذا بالمدرسة الأهلية الوسطى بام درمان وقبل أن أكمل عامي الأول فيها تم فصلي لأني شكوت أحد المدرسين الذي قام بفعل فاضح مع أحد التلاميذ . الناظر طلب مني الدليل على ذلك لم يكن معي الدليل سوى ” إني شفتهم ” إعتبر الناظر ذلك تشويها لسمعة المدرس الذي تربطه به علاقة قرابة وكان ذلك لسوء حظي فقرر فصلي من المدرسة لسوء السلوك . كانت علاقتي بوالدي – رحمة الله عليه – ممتازة جدا فأخبرته بما حدث . كان متأكدا أنني صادق فأخذني إلى المدرسة ودار جدل عنيف بينه والناظر إنتهى إلى قرار حاسم من الناظر بفصلي . خرجنا سويا واتجهنا إلى مدارس المعرفة الوسطى
” الدوش “حيث قبلت طالبا فيها ودفع والدي المصاريف وانصرف .
منذ إلتحاقي بمدارس الدوش أظهرت نبوغا كان لافتا للنظرفقد تم أختياري رئيسا للجمعية الأدبية وكنت أيضا لاعب كرة قدم حريف ولكن ذلك النبوغ كان مخلوطا بنوع من ” العفرتة والشيطنة” لم تكن مقبولة بين المدرسين أمثال زمراوي و عيسى الحلو وشرف الدين ما عدا مدرس واحد كان يتفهم ذلك هو عمر الطيب الدوش فأحاطني بنوع من الرعاية خاصة وأن ناظر المدرسة وصاحبها و عميدها كان عمه الدوش وقد نسيت اسمه الكامل . كنت مثلا ” أسك التلاميذ بخرطوش المويه ” ولا يوقفني إلا عمر ونتيجة لهذا الموقف من عمر الطيب الدوش فقد أصبحنا أصدقاء . أما عمه الدوش صاحب المدرسة فلم يكن أمامه – رغم صرامته- فعل شيء فقد كان يعلم تماما أنني سأقبل بالثانوية ويذاع إسمي بإذاعة هنا أم درمان وكان هذا في ذلك الوقت شرف كبير للمدرسة و ” كمان فلوس كتيرة للسيد الدوش” .
إنتهت المرحلة الوسطى بقبولي بمدرسة التجارة الثانوية بالخرطوم ولكنها لم تعجبني فانتقلت منها إلى الأهلية الثانوية بأم درمان تعرفت هناك على أصدقائي الأعزاء الزين حجّار ، سمير عثمان ، مامون زروق ، تاج الدين حماد ومنها إنتقلت إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم ولكنها أيضا لم تعجبني فانتقلت منها إلى معهد الموسيقى والمسرح بناء على رغبة خالي الراحل المقيم الفكي عبد الرحمن خاصة كنت أحتفظ بوظيفتي بالمسرح القومي بأم درمان يعني كنت طالبا وموظفا .
في اليوم الأول للدراسة بمعهد الموسيقى والمسرح إلتفت يميني فوجدت عمر الطيب الدوش فخاطبته بلقب ” أستاذ ” ولكنه فاجأني قائلا : ” أنا لست أستاذا أنا طالب مثلك و بعدين بطّل حكاية أستاذ دي نهائيا ” وهكذا عدنا من جديد أصدقاء ولكن هذه المرة صداقة ” جد جد ” وظللنا طيلة السنوات التي أعقبت ذلك أكثر من أصدقاء . طبعا زمان كان القبول في المعهد لا علاقة له بالسن فزاملني عمر الطيب الدوش لأربع سنين في معهد الموسيقى والمسرح ولكن تخرجت في المعهد قبله لأنه كان يوم التخرج معتقلا وعندما خرج من معتقله قدم للإمتحان العملي مسرحية من تأليفه بعنوان ” نحن نمشي في جنازة المطر “و هي من المسرحيات التي أقتصر عرضها على عدد بسيط من الجمهور! . بعد إنتهاء المسرحية تناقشنا حولها وحول المسرحية التي قدمتها في إمتحان التخرج وكان فصلا كاملا من مسرحية الكاتب والمخرج الألماني برتولد بريخت والذي أيضا كنت معجبا به وإذا ببرتولد بريخت يصبح صديقنا المشترك .
ولد عمر الطيب الدوش في مدينة شندي عام 1948 وتخرج في معهد الـموسيقي والـمسرح – قسم الـمسرح- عام 1975 وهي ثاني دفعه تتخرج في الـمعهد ومن زملائه ، كاتب هذه السطور ، الطيب المهدي ، عزالدين هلالي ، أبراهيم أحمد بخيت ، نعمات عبدالرحيم صبحي ، سيداحمد الطاهر ، عبد العظيم كباشي ، عبدالحفيظ محمد احمد . عمل معلما بـمدارس الدوش ومحاضرا بالـمعهد العالي للموسيقي والمسرح و نال دراسات عليا في الـمسرح بأكاديمية براتسلافا للفنون في براغ حيث نال ماجستير في الفنون الـمسرحية والاخراج .
اول زوجاته كانت الفنانة أسماء السنوسي .
اول اغنياته هي اغنية )الود (التي تغنى بها الفنان محمد وردي وقد كتبها في النصف الثاني من الستينات عندما كان طالبا بالثانوي .
من قصائده “سعاد” التي غناها الكابلي و ” بناديها” و” الحزن القديم” التي تغنى بها وردي ” و ” الساقية لسه مدورة ” التي تغنى بها حمد الريح .
—————-
منقول
—————–
يا ليته ذكر محمد طه القدال
*****************