*الذكرى الجميلة ،لو تعرف معناها.. عوض احمدان*

في الثاني من يوليو عام ٢٠١٦م، تناقلت الوسائط والاسافير، نبأ رحيل، الشاعر الجنرال، الطاهر إبراهيم، ينتمي الي جيل الشعراء، الذين أحدثوا تغييراً في الفكرة واللحن والمضمون، كانت نشأته الأولي، في (حي العرب) بامدرمان، مهد الفنون، ومهبط الألحان، الذي جمع بين أزقته، عدداً من رموز الشعر والغناء، عبد الرحمن الريح، التاج مصطفي، الجابري، الذرى، صالح سعد، ميرغني المأمون، احمد حسن جمعه، عبد الله محمد زين، سيف الدين الدسوقي، حسين ابوعرب،عبد العزيز المأمون،التنقارى، وغيرهم كثير، تضيق المساحة بذكرهم…
التحق الطاهر ابراهيم، بالمؤسسة العسكرية، ضابطاً رفيع المقام، تدرج في صفوفها حتي رتبةالعميد، أثناء فترة عمله بالقضارف عام ١٩٥٨م، زاره هناك،الفنان محمد وردي، (كان وقتها وردىحديث عهد بالساحة)، أقام وردي في ضيافة الطاهر، وعند عودته، كانت بحوزته، أشهر الأغنيات، ذات الطابع الخفيف، (حرّمت الحُب والوريدة)، غناها وردي ، فصادفت هويً لدي المستمعين.
لا يخفي علي أحد، تفاصيل تلك الثنائية، التي جمعت بين الطاهر، وابن الحي، الفنان إبراهيم عوض، جاء التعاون بينهما في جملة من الأغنيات، التي أحدثت دوياً في سوح الغناء، كانت تحمل رؤيةً جديدةً، في النظم واللحن والأداء، استطاع أن يعبر بها الذري، ليحتل مكانه، ويحافظ علي موقعه المتقدم بين الرواد….كان الطاهر إبراهيم، وافر النشاط، يتحرك في كل الإتجاهات، ساهم في تكوين ، منتدي الموسيقار ، عزالدين علي حامد، الذي كان يقيمه بمنزله بالثورة الحارة السابعة، بحضور نجوم العزف والغناء وقتها،التاج مصطفي، ود المقرن، العاقب محمد حسن، د يوسف حسن الصديق، د، حاتم حسن عمر، الباحث احمد مصطفي الشاذلي، محمد التاج مصطفي، دفع السيد صباح الخير، علي الحضرى،فيروز، معاوية التجاني، علي عزالدين، الجقر،وغيرهم كثير، يضيق المجال بذكرهم..
بخلاف شاعريته الفذه، كان للطاهر صوت رخيم، يؤدي أغنياته بمزاج عال، اذكر تماماً ذلك اليوم، من عام ٢٠٠٥م، حينما دعاني الفنان الكبير عثمان حسين،الي منزله بالخرطوم، لحضور جلسة مسائية، تجمع لفيفاً من أقطاب الساحة ورموزها، مساء الغد، وأنا أهم بالدخول الي منزل الفراش، توقفت عربة، هبط منها، الشاعران، الطاهر ابراهيم، وشمس الدين حسن خليفه، والموسيقي، معاوية التجاني القاضي، والأستاذ محمد التاج مصطفي، استقبلنا (الفراش) بترحاب شديد، سرعان ماتحولت الجلسة، الي منتدي يموج بالأنغام،،،بدأه محمد التاج، حينما (عزف الأوتار)مناجياً روح والده، تاج الغناء السوداني، ثم نثر الشاعر شمس الدين حسن خليفة، من كنانة شعره، من شاكلة (مرحبتين بلدنا حبابه)،استطاع خلالها، معاوية التجاني، ان يعيدنا الي أمجاد (الكمان)، كآلة تختبي في جوفها، أسرار الإبداع، اتجهت الأنظار برمتها، ناحية الجنرال، إتكي علي (العود)، إمعاناً في الحميمة التي تجمع بينهما، ثم أطلق لصوته العنان، ليحبس مشاعرنا، بين (الذكري الجميلة) و(عزيز دنياي)، ولسان حاله يقول، أشهدوا ياناس(حبيبي جنني)، وغيرها من الروائع، التي زانها جمالاً، إبراهيم عوض، بصوته الجميل….. في (الليلة ديك)، نصب الطاهر ابراهيم، شباكه التي لاتخيب، ليصطاد عن عمدٍ، صوت الفراش، عندما غني الطاهر، أغنية الجنرال الآخر ، عوض احمد خليفه(خلي قلبك معاي شوية)، تمايلنا مع أبي عفان طرباً، عندها دخل الي غرفته، ليعود وفي يده آلة العود، ليسمع الحاضرين، سبعاً من أغنياته، بمزاج رايق، وأداء سليم، فقد نجحت خطة الطاهر إبراهيم، في إستدراج الفراش، وكانت تلك(النفحة) حقيقة مسك الختام…
رحل الطاهر إبراهيم، قبل تسعة أعوام،لكنه سيظل باقياً، ما بقيت سيرة الشعر والشدو الجميل، آثرت، أن أخصة، بهذه السطور العجلي، خشية أن تمضي ذكراه، دون أن يذكرها أحد، فقد كان يزين المشهد الثقافي بحضوره البهي، فمن حقه علينا، أن نذكره بعد الرحيل، اللهم ارحمه، وتجاوز عن الهفوات، وأغفر الذلات ، وجازه بواسع الجنات. ..

مقالات ذات صلة