*دولة القانون* *مستقبل الدعم السريع*

بعد أن حسمت القوات المسلحة معركة جبل موية لصالحها، بدا واضحاً أن مليشيا قوات الدعم السريع ستنسحب غرباً، وتتراجع قوتها لتتشظى في عدة حركات مسلحة. وقد تأكدت هذه الرؤية جلياً من خلال الانكسارات المتكررة، بدءاً من انسحابها من داخل القصر الجمهوري، مروراً بالهروب غرباً عبر جبل الأولياء، وصولاً لإقليم كردفان. وتشير كافة الدلائل إلى أن قوات الدعم السريع لن تصمد طويلاً في مناطق كردفان، وستسعى إلى التجمع والتحصن في بعض مناطق إقليم دارفور.
بدلاً من الاستمرار في التمرد، ما تزال الفرصة مواتية أمام قوات الدعم السريع لإلقاء السلاح وإنهاء تمرّدها على القوات المسلحة. حتى وإن لم تدرك هذه القوات أنها وقعت في فخ جرى استدراجها إليه، فإن الخسائر المادية والمعنوية التي تكبدتها تكفي لتجعلها تعيد النظر في مغامرتها، خاصة بعد وصول القوات المسلحة إلى عمق المناطق التي كانت تظن المليشيا أنها ستشكل لها ملاذاً آمناً. بنظري، يمكن أن تتسارع خطوة إلقاء السلاح إذا ما صدرت الدعوة إليها من الأطراف التي كانت تدّعي الحياد، أو من تلك التي كانت تخفي دعمها المستبطن لهذه المليشيا.
ظلت قوات الدعم السريع أول من يهزم نفسها بسلوكها، فسواء قبل التمرد أو بعده تجلّت الصورة، وبوضوح في حرب الخامس عشر من أبريل. هذه القوات لم تهزم نفسها وحسب، بل خذلت أيضاً كل من ساندها من الداخل أو الخارج. أما الملايين من السودانيين الذين جرى إسكات أصواتهم حتى ينجح هذا التمرد، فقد قيدهم الخوف من التشكيك والتخوين، فامتد أمد الحرب. مهما يكن من أمر، فالعبرة ليست بالوقوع في الخطأ، وإنما في كيفية الاستفادة منه لبناء مستقبل أفضل. فهل آن لنا أن نعي الدرس؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي – الخرطوم
12 سبتمبر 2025

مقالات ذات صلة