*فيديو أثار غضباً بين الجزائريين.. أيتام يخرجون عن صمتهم*

العربية.نت – أصيل منصور

أثار فيديو نشرته مجموعة من الشبان في الجزائر عاصفة من الجدل على مدى اليومين الماضيين، بعد أن كشفوا فيه عن تعرضهم للطرد من دار الأيتام بدرارية جنوب العاصمة، عقب بلوغهم سن الثامنة عشرة، في تطبيق صارم للقانون يمنع استمرار الإقامة بعد سنّ الرشد.

غضب في الجزائر.. طفل يعمل 12 ساعة مقابل دولار ونصف يومياً
المغرب العربي
غضب في الجزائر.. طفل يعمل 12 ساعة مقابل دولار ونصف يومياً
وقال الشبان في المقطع المصور الذي انتشر سريعاً على منصات التواصل الاجتماعي، إن بعضهم جرى إخراجه فعلاً من الدار، بينما ينتظر آخرون المصير ذاته خلال أسابيع، رغم أن معظمهم لا يملك مأوى ولا مصادر دخل، وبعضهم يستعد لاجتياز امتحان البكالوريا.

كما وجّه المتحدثون رسالة إلى الرئيس عبد المجيد تبون قائلين: “ألسنا أبناء الوطن مثلما يقال لنا؟ الخطأ الذي ارتكبه أولياؤنا قد يتكرر بفعل هذه الظروف، لا نعرف مصيرنا ولا حقنا، هناك حتى فتيات يُطردن بالقوة العمومية من دور الأيتام”.

وطالبوا السلطات بتمديد إقامتهم في المركز إلى حين إيجاد حلول بديلة، مشيرين إلى أن بعض المراكز الأخرى سمحت بتسوية أوضاع المقيمين فيها، “باستثناء مركز درارية”.

ردّ رسمي من الهلال الأحمر
ما أثار موجة تعاطف شعبي معهم، ودفع الهلال الأحمر الجزائري، المشرف على دار الأيتام بدرارية، إلى إصدار بيان أوضح فيه أن “قرية الأطفال تأوي قانونياً القُصّر فقط، ولا يمكنها إيواء البالغين بعد سن الثامنة عشرة”.

لكن رغم ذلك، أشار إلى أنه تمّ “توفير مناصب عمل للشباب ومرافقتهم حتى بعد مغادرتهم القرية، بما في ذلك كراء سنة أو سنتين للسكن”. وأكد أن “بقاء شبان تجاوزوا السن القانونية داخل القرية يُضرّ بالمصلحة الفضلى للأطفال الآخرين”، لافتاً إلى أن الإدارة تعاملت “بمرونة وإنسانية تفوق ما يفرضه القانون”، لكنها ستحتفظ بحقها القانوني تجاه من “يشوّه الحقائق عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

أيتام الجزائر (تعبيرية – آيستوك)
أيتام الجزائر (تعبيرية – آيستوك)
فراغ قانوني يفاقم الأزمة
من جهته، أوضح المحامي فريد صابري لـ”العربية.نت/الحدث.نت” أن الأزمة ناتجة عن “فراغ قانوني”، إذ لا يمنح التشريع الجزائري الحالي بدائل واضحة لنزلاء دور الأيتام بعد بلوغهم سن الرشد.

كما أشار إلى أن القانون رقم 15-12 المؤرخ في 15 يوليو 2015، المتعلق بحماية الطفل، “يوفر الحماية حتى سن الثامنة عشرة فقط، وبعدها يجد الشاب نفسه بلا مأوى أو مورد رزق”.

وأضاف صابري أن “الشباب يُجبرون على مغادرة المراكز دون ضمانات للعيش الكريم، مما يجعلهم عرضة لمخاطر الشارع”، داعياً إلى “إقرار مسار انتقالي يضمن السكن والعمل لهذه الفئة”.

الجزائر (آيستوك)
الجزائر (آيستوك)
خطر التهميش
في حين رأى الأخصائي الاجتماعي والتربوي عمار بلحسن أن ما يعيشه أبناء دور الأيتام “وضع إنساني يستدعي التدخل العاجل”، مؤكداً أن “حرمان هؤلاء الشباب من السكن أو التعليم بعد بلوغهم سن الرشد قد يولّد لديهم شعوراً بالنبذ، ويُفاقم مشاكلهم النفسية والاجتماعية”. وقال للعربية.نت/الحدث.نت “من الضروري تمكين هذه الفئة من امتيازات خاصة مثل الأولوية في السكن والعمل، أو تمديد الإقامة داخل الدور إلى حين الاستقرار، حتى لا يشعروا أن الوطن تخلّى عنهم”.

كما أضاف أن “تحويل وضعهم من حالة استثنائية إلى مسار طبيعي للاندماج في المجتمع ضرورة وطنية وإنسانية، تحميهم وتحمي المجتمع من تبعات الإقصاء”.

الجزائر (آيستوك)
الجزائر (آيستوك)
قضية تحرك الرأي العام
يشار إلى أن الفيديو المنشور عبر منصة تيك توك، أثار سيلاً من التعليقات الغاضبة والمتعاطفة في آنٍ واحد، دفعت العديد من الهيئات والجمعيات إلى المطالبة بتعديل القوانين الخاصة بالأيتام بعد سن الثامنة عشرة.

بينما يُنتظر أن تعقد لجان تابعة لوزارة التضامن الوطني جلسات تنسيقية الأسبوع المقبل لمراجعة الإطار القانوني المتعلق بهذه الفئة الهشة.

مقالات ذات صلة