لم تكن هذه حرباً خرج فيها الجيش الي الميدان ثم عجز عن العودة منتصراً ولا كانت معركة خذل فيها السلاح حامليه ،أو تراجع فيها الجندي أمام خصم يفوقه عدة أو تنظيماً ماجري أخطر من ذلك بكثير …كان هناك نصر ممكن ..لكن لم يسمح له أن يكتمل
في لحظات حاسمة بدأ المشهد واضحاً لكل من يراقب الخرائط لا الخطب والتحركات لا البيانات… القوات تتقدم خطوط الإمداد تقطع ميزان القوة يميل والعدو يدخل مرحلة الارتباك ثم فجأة ومن دون خارج منطق الميدان تسحب اليد من الزناد تتبدل التعليمات ويتحول التقدم الي انتظار والأقتحام الي إعادة تموضع…
لم يكن ذلك خطأ عسكري ولا ارتباك قيادة ولا نقصاً في المعلومات ولا العتاد.. كان تدخلاً سافراً في قرار النار من الدولة العميقة..تدخلاً لا يكتب في الأوامر ..لكنه ينفذ بدقة كاملة
في هذه الحرب لم تدار المعارك فقط من غرف العمليات العسكرية بل من غرف أخري أكثر هدوءاً حيث تحسب الخسائر بلغة المصالح وتوازن الدماء بميزان التوازنات ويعاد تعريف النصر بوصفه خطراً يجب تأجيله …الجيش الذي يقاتل ليحسم وجد نفسه يطلب منه أن يصمد فقط ..أن يستهلك الوقت والرجال دون أن يقطع الطريق الي النهاية أن يبقي الحرب مشتعلة بما يكفي للضغط لا بما يكفي للحسم …لماذا؟ لأن الحسم في هذه اللحظة بالذات لم يكن سيسقط خصماً عسكرياً فحسب بل كان سيكشف شبكة كاملة من العلاقات والصفقات …كان سيجر خلفه أسماء كبيرة الي الضوء وسيسقط أقنعة صنعت بعناية لتبقي بعيدة عن أي مساءلة في الكواليس كانت الحرب تتحول من معركة وجود الي ورقة تفاوض كل تقدم ميداني يقايض سياسياً …وكل تأخير يمنح مقابل ضمانات وكل هدنة معلنة من جانب واحد تستخدم لحماية مصالح لا علاقة لها بالوطن ولا بالجنود الذين يدفعون الثمن…هنا تحديداً يصبح السؤال ليس لماذا لم يحسم القتال …بل من كان يخشي لحظة الحسم ؟
هذه جريمة سياسية كبري جريمة إطالة الدم وتعطيل النصر وتحميل الميدان وزر قرارات اتخذت بعيداً عنه
هذا التقرير عن جيوش لم تهزم بل قيدت وعن نصر لم يفقد بل صودر يبقى أخطر سؤال معلقاً في الهواء هل يحاسب من يطلق الرصاصة فقط أم من يمنعها إيقافها خيانة ؟
_ الميدان كان جاهزاً …التوقف كان جريمة قرار ..
لم يتوقف القتال لأن الميدن منهك ..ولا لأن القوات فقدت قدرتها علي التقدم ..ولا لأن ميزان القوة كان معتلاً التوقف حدث رغم الجاهزية..لا بسبب غيابها ..في تلك اللحظة المفصلية كانت الوقائع العسكرية تصرخ بالحسم..تقدم محسوب تفكك في صفوف الخصم أختراقات واضحة وقدرة حقيقية علي إنهاء المعارك بأقل كلفة ممكنة لكن ماجري بعد ذلك لايمكن وصفه الا بأنه تعطيل متعمد للحسم …لم يكن قرار التوقف قراراً مهنياً صادر من الميدان بل فرضاً سياساّ هبط علي الجبهة كأمر واقع فرض لايبرر عسكرياً ولا يفسر الا بأعتبارات خارج منطق الحرب …الأخطر أن هذا القرار لم يتخذ بشجاعة تحمل المسؤولية بل بصيغة مراوغة لا أوامر مكتوبة لا تعليمات صريحة ..فقط توجيهات عامة وحساسية المرحلة وإعتبارات ما بعد المعركة وهنا تحديداً يتحول وهنا تحديداً يتحول التوقف من خطأ تقدر ..الي شبهه قرار إجرامي لأن من يوقف جيشاً جاهزاً عن الحسم يعرف تماماً أنه لا يوقف رصاصة بل يفتح باباً لمذيد من الدم ..ويطيل عمر الحرب عمداً ويتحول الجنود من قوة حسم الي وقود إستنزاف… السؤال الذي لم يعد لماذا توقفت العمليات العسكرية ؟ بل من امتلك الجرأة علي مصادرة قرار النصر ؟ ومن الذي رأي في الحسم خطراً عليه …لا خلاصاً للوطن؟ التوقف في تلك اللحظة لم يكن حياداً كان انحيازاً ضد الميدان لم تكن تهدئة كان حماية لملفات وإسماء وشبكات لا تتحمل لحظة النهاية …وهذا ما يجعل التوقف ليس مجرد قرار خاطئ بل مسؤولية سياسية وأخلاقية كاملة عن كل يوم حرب الا ذلك.
_رسائل من الجبهة لماذا لايأتي قرار الجسم ؟
ورغم أن غالبية الأصوات المؤثرة داخل الجيش والقوات المساندة ظلت تؤكد عبر لايفات تبث في العلن وفي الدوائر المغلقة جاهزيتها الكامل لحسم مليشيا الدعم السريع ..الا ان هذا الخطاب لم يكن موجهاً للرأي العام لقد ماكان رسائل غير مباشرة الي القيادات العليا ..رسالة مفادها أن الميدان مستعد وأن التأخير لم يعد مبرراً عسكرياً…وأن الأستنزاف لا يخدم سوي إطالة إمد الحرب فالحديث المتكرر عن الجاهزية لم يكن استعراضاً معنوياً بل إستفهاماً صامتاً اياك أعني واسمعي ياجارة…او ما الذي يعيق القرار؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا البطء والمماطلة بهذا المعني تحولت تصريحات الاستعداد للحسم الي شكل من أشكال الضغط الداخلي ومحاولة مكشوفة لرفع الحرج عن الميدان ووضع الكرة في ملعب من يمتلكون سلطة القرار لاقدرة التنفيذ وهو مايعزز الشكوك بأن العائق لم يكن في الجبهات بل في المستويات التي تملك حقا الإذن بالحسم وتؤجله بلا مبرر واضح.
__الضغوط الاقتصادية للحرب مستمرة …
تنامت حالة الملل واليأس بين المواطنين بشكل متسارع ليس فقط على المستوى النفسي بل أيضًا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي نتيجة استمرار الحرب بلا حسم. في الاستنزاف اليومي لمواردهُم، من غذاء ووقود ودواء دفعهم إلى حافة الفقر، وزاد من معاناة الأسر في توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة. الأسواق أصبحت ساحة حرب ثانية، الأسعار تتصاعد بلا توقف والسلع الأساسية تتحول إلى امتياز نادر بينما الدخل الحقيقي للمواطنين يتراجع بشكل مستمر كل يوم جديد صار اختبارًا لقدرة الفرد على الصمود، لا أمام مجرد خصم في الميدان، بل أمام واقع اقتصادي قاسٍ يضغط على حياته وحياة أسرته ويجعل كل حركة مالية وكل قرار شراء مغامرة تحمل معها آثار الحرب المستمرة الحرب هنا لم تعد مجرد مواجهة عسكرية بين القوات بل أصبحت عقوبة مزدوجة استنزاف متواصل للدم والموارد وتجويع اقتصادي ممنهج يحرم المواطنين من أي شعور بالأمان ويتركهم في حلقة مفرغة من القلق واليأس بينما لا يبدو في الأفق أي مؤشر على قرب الحسم أو الخلاص هذا الواقع الاقتصادي القاسي، المرافق لاستمرار الصراع يجعل من كل يومٍ جديد شهادة صامتة على ثمن الدم الذي يُسفك والموارد التي تُهدر، ويكشف الفجوة العميقة بين ما يعيشه المواطنون وما يقرره القادة بعيدًا عن الميدان
–…..
الحرب التي طال أمدها لم تكن مجرد اختبار للجيش أو صراع بين جبهات، بل حرب قرارات مؤجلة، ونصر مسروق، ودماء صارت وقودًا لمصالح خفية الميدان كان جاهزًا القوات كانت قادرة على الحسم، والمواطنون كانوا يترقبون نهاية مأساة مستمرة منذ سنوات.
لكن قرارًا واحدًا، أو مجموعة من القرارات السياسية المغلقة، حوّل النصر الممكن إلى استنزاف بلا معنى. هذا التوقف المتعمد لم يكن مجرد سوء تقدير بل تدخل متعمد لحماية أسماء وشبكات وتأجيل الحساب وإطالة عمر الأزمة على حساب الشعب والجنود على حد سواء
اليوم، المواطن يدفع ثمن الدم والدمار والفشل الممنهج والجيش مُقيد عن القيام بواجبه، والنصر محجوز خلف ستائر السلطة والخوف. كل يوم يمر بلا حسم هو شهادة جديدة على فشل القيادة السياسية، وتجريدها من أي شعور بالمسؤولية وتحويل الحرب إلى ورقة مساومة داخل صفقات خلفية لا يراقبها أحد.
هذا التقرير يضع الحقائق على الطاولة
لم يُهزم الجيش ولم تفشل المعارك بل تم حجب الحسم عمدًا
والسؤال الذي سيظل يلاحق كل من يملك القرار
كم من دماء أخرى ستُراق قبل أن يتحمل أحد مسؤولية إطالة الحرب؟
وكم من أرواح بريئة ستدفع ثمن القرارات التي اتخذت بعيدًا عن الميدان؟
الحقيقة المؤلمة واضحة المسؤولية عن استمرار هذه الحرب تقع على من منع الحسم لا على من قاتل لتحقيقه.
_




