*الصحفي عثمان شبونة من قرية الشبوناب بالجزيرة يروي من قلب الحدث اليوم ٣١مارس ٢٠٢٤*

باستعجال..
– متوجه الآن إلى جبل موية في طريق عودتي إلى القرية التي لم أغادرها شبراً منذ مايو ٢٠٢٣م.. لم أغادر القرية لإيمان عميق بأن الموت لم يعد مخيفاً كحياتنا المُذِلة؛ وأن هنالك شيئاً لا أعلمه جيداً في هذه الأيام يشدني للمكوث بين حيطانها، غادرتها فقط في هذين اليومين لأسباب خاصة بمرض العائلة، ولم أكن أبالي بحملات التمشيط اليومية للبيوت والاعتداءات المتنوعة من قِبل القتلة اللصوص الجنجويد (سواقين المواتر والعربات المسروقة) بمختلف ألوانهم وصولاً إلى الجنجويد الذين يلبسون (حَلَق) كالنساء..! علماً بأن بعض سكان القرية نزحوا مرتين؛ وأوقن أن ليس ثمة ما يخافون عليه سوى (الحرمات)؛ فقد سرق الغزاة حتى (الحلو مر) المطحون على (المراحيك) القديمة.
– أخص أهلي النازحين المتسائلين عن الأحوال في مناطق الشبونات بتوجيه كلمات قبل أن يختفي النت أو اختفي من هذا الأفق الكئيب القاسي.
أقول لهم: لا يوجد أمان فى بقعة بخلاف المقابر.. ولا طمأنينة سوى التي تحف شهدائنا الكرام.. والرحمة لشهداء الحرب العبثية في كل بقاع السودان.. أقول للأحياء: لا تؤملوا في مليشيات الكيزان لتحمي بيوتكم، الرب وحده الحافظ وعنده التدبير والعدل والثواب؛ فتحلًوا بصبر الأنبياء مع نكبة هؤلاء الأغبياء الجهلة الحاقدين عليكم بلا سبب رغم عدم وجود (كوز أو جياشي) بينكم..!
– ثم.. لاحقاً – إن شاء الله – سأكتب كشاهد عيان أمين رأى كل شيء وتعرض للأهوال كسائر أهلنا المغمومين في الجزيرة وغرب سنار.. سأكتب حتى لا تتمدد روايات وأكاذيب الناقِلين.. ودائماً علينا بالصدق في أحلك الظروف؛ فالعتمة ستمُر مع مرور النهارات القاتلة.
* أخيراً: تباً للمُسمَّى تلفزيون السودان وقطيع المنافقين بداخله، فقد رأيت بالصدفة وسماً على شاشته بعنوان (حصاد الجنجويد) والله يعلم والناس كذلك يعلمون أن ما يحدث لنا من فظائع هو حصاد الكيزان وحدهم (لا شريك لهم).
أعوذ بالله

مقالات ذات صلة