تمر اليوم الزكري الثامنه للحرب المشئومة التي فرضت على بلادنا ولايزال الجدل العقيم يحتدم وسط النخب وعامة الشعب عن من أطلق الرصاصة الأولى؟؟ ومن يتحمل الإرث الكارثي لحرب شردت ملايين من أهل السودان لفظت ببعضهم خارج حدود الوطن وآخرين خارج ديارهم وبيوتهم وحتى القطط التي وعدنا ساسة الخيبة والفشل أن تقطن البيوت بعد إخراج أهلها منها لم يطيب لها البقاء في خرائب المعمار الذي هدته آلة الحرب الضروس
السؤال الذي يتقافز حينا واخر في مقالات الكتاب على قلتهم في هذه البلاد وكثرة المدونيين لغثاء ضارا بالصحة العقلية من أشعل الحرب في السودان هنا ينتاش فريقين بعضهم بإطلاق رصاصة الموت وفي ذلك تبسيطا مخلا لأمراض هذه البلاد فالحرب لم تنشب اظافرها من الفراغ العريض ولا يهوى الجند اللعب بالرصاص ويمزحون بالدوشكا ولكن للحرب أسبابها الظاهرة والمستترة الخفية ولما كانت الصحافة من أهل الظاهر نترك الباطنية لم هم أكثر دربة وخبرة وعلما ولكن قبل الخوض في ظاهر أسباب الحرب وليس باطنها تحضرني رواية صغيرة في عدد أوراقها عميقة في سردياتها وفكرتها للراحل أحمد الطيب زين العابدين الذي غيبه الموت ولم يشهد أو يسمع بما حاق بمدينته الجنينة من عسقا وموتا ودفن لشبابها أحياء فالدكتور عميق النظر كتب رواية دروب قرماش استطاع فيها توظيف حالة الفكي أو الفقيه في المجتمع الدارفوري والمعراقي اي طبيب الأعشاب والذي انتصر على الفكي وقد احتكما إلى وضع إناء من اللحم خارج القرية للكلاب فمن يستطيع حمايته فكتب الفكي محايته وقرا تعاويزه وفي الصباح وجد الان حطمته الكلاب بعد أن التهمت اللحم وفي اليوم الثاني الذي خصص للمعراقي وهو في هذه الحالة يمثل علماء الظاهر والفكي يمثل علماء الباطن فجاء العراقي خلسة بروث المرفعين اي الضبع ونثره حول قدح اللحم ووضعه في ذات مكان قدح الفكي في الليلة السابقة ومجرد أن اقتربت الكلاب وفاحت رائحة روث المرفعين ولت هاربة ولم تقترب من قدح اللحم حتى الصبح وآمن الناس بالمعراقي وكفروا بالفكي فهل الغوص عميقا في أسباب الحرب في حاجة لعمق في الرؤى يماثل رؤى أحمد الطيب زين العابدين ام آمثالنا من الظاهريين يمكنهم الإشارة لبعض الأسباب التي أدت إلى الحرب وتلك هي الفريضة التي ينبغي نقاشها وليس التسطيح والتبسيط عن من أطلق رصاصة الحرب الأولى وهل انطلقت من المدينة الرياضية؛؛ ام بيت الضيافة حيث يقيم البرهان؟؟
أن بوادر نشوب الحرب في السودان بدات مبكرا جدا ومنذ الإطاحة بالرئيس البشير وماتعرضت له القوات المسلحة من تجريف وإهمال متعمد وحرب لااخلاقية من قبل قوي الحرية والتغير التي كان منسوبيها لايتورعون في الإساءة للجيش والحط من مجاهداته والسعي الحثيث لما يسمى بإصلاح الجيش وقد ازعنت قيادة الجيش للضغوط وارتضت المضي في مساق تجريم الجيش وغبشت الآلة الإعلامية الرؤيا واصبح الكل يتحدث عن إصلاح الجيش ودلالات التعبير لها اسقاطات بعينها وكان حريا بقيادة الجيش ممثلة في الأعضاء من المكون العسكري في مجلس السيادة رفض مايسمى بإصلاح الجيش والإعلان جهرا بأن الجيش يطور والإصلاح للشي الخرب والجيش ليس كذلك
وتمادي التيار المناوي للجيش داخل الحرية والتغير في الإساءة للجيش والحط من قدره لا بهتاف( معليش معليش ماعندنا جيش) ولكن بلغت السفاهة والانحطاط قمتها عندما احتفلت قوي الثورة في الواحد والعشرين من أكتوبر اي قبل انقلاب 25 أكتوبر بالساحة الخضراء وجاءت قوي الحرية بدمية ضابط جيش واذدراء للمؤسسة العسكرية وضعت الدمية في المنصبة وداست عليها امرأة ترتدي ثوب ابيض دلالة على أنها موظفة باقدامها على الدمية والرجرجة والدهماء يقهقهون ويهتفون (مدنية مدنية) ومن ذات المنصة أطلق وجدي صالح رصاصة الرحمة على حكومته حينما وصف فرقائهم من قوى الحرية والتغير باوصاف عنصرية بغيضة ولوكان بالبلاد رئيس وزراء غير حمدوك لهرع معتزرا لقيادة الجيش عما حدث في الاحتفالية ولوكان بالبلاد قادة حقيقيين يبصرون ويعقلون لرفضوا سلوك الغوغاء والعامة المستهترين بالجيش فكانت ٢٥ أكتوبر تعبيرا عن ضيق العسكريين بما يجري وتقدم حميدتي على البرهان في مناهضة المدنيين واغدق على المعتصمين أمام القصر بالمال والطعام وحشد الدعم السريع زعماء الإدارة الأهلية وفلول النظام السابق كما يطلقون عليهم لأحداث تغيير يعيد البلاد إلى تأسيس فترة انتقالية تقودها المؤسسة العسكرية بحكومة مدنية مستقلة
وهنا أيقن الخارج ممثلا في المبعوث الأممي فوكلر أن التغير الذي يطمح إليه الغرب لن يتحقق على المدى القريب وان الرهان على الديمقراطية رهانا خاسرا لاشك في ذلك والديمقراطية التي جاءت بعلي بلحاج في الجزائر وجاءت في تونس براشد الغنوشي وجاءت في تركيا باردوغان وجاءت في مصر بالدكتور محمد مرسي يمكن أن تأتي في السودان بترابي جديد وغازي صلاح الدين آخر والسودان تجزرت فيه الحركة الإسلامية عميقا جدا
فكر فوكلر وقدر بأن لا خيار أمام قوي التغير غير التفريق بين البرهان وحميدتي وشق الصف العسكري مهما كان ثمن ذلك ومابين أبوظبي والرياض ولندن كان مخطط التغير الجديد يمضي في استمالة حميدتي إلى جهة قوي الحرية والتغير
وبدأ على الأرض التوغل عسكريا في مناطق الجيش الرخوة ووضع قواته في حلق الجيش بدعوى التصدي لأي انقلاب عسكري ولم يستبن البرهان نصائح المخلصين الا ضحى الخامس عشر من أبريل
في وقت اندفعت قوات الدعم السريع في تجنيد ٢٥ الف مقاتل دفعة واحدة وفاضت معسكرات التدريب بالمستجدين والقوات المسلحة تراقب عن بعد كان الأمر لايعنيها حتى قرع اللواء بكراوي جرس الانزار الأول ولكن قوي الحرية في ذلك الوقت لم تهتدي لمبادرة تنقذ البلاد مما هو مقبلا عليها ولكنها ابتلعت طعم مايسمى بالاتفاق الإيطاري الذي تم تصميمه من الخارج وهو اتفاق غير قابل للتعديل ولا الإضافة ولا الحوار حول بنوده وكانت قوي الحرية تبشر بميلاد فجر جديدا بعد إعلان حميدتي تحالفه مع قوى الحرية والتغير ونفض يده عن الجيش الذي كان منه وإليه وأخذت قوي الحرية بعد ملئت يدها بالخارج وخاصة بريطانيا صانعة وممول التغير الأساسي ودولة الإمارات التي أصبحت تشتري وتبيع في قادة البلاد مثل (القلاجي في سوق الماعز) في التبشير بالفجر الجديد وخيرت أهل السودان مابين الازعان لاتفاق غير متفقا عليه وبين الحرب
ولم تسقط من مخيلة الشعب بعد تهديد ياسر عرمان وجعفر حسن وشوقي عبدالعظيم بأن السودانيين أمام خيارين ( الإيطاري أو الحرب) وفي هذا المناخ انعقدت ورشة عن الإصلاح العسكري وفي تلك الورشة بلغت الاستهانة بالجيش بأن الورقة التي قدمها حول الإصلاح تم القذف بها في سلة المهملات بينما احتفت الورشة بورقة الدعم السريع امعانا في شق الصف العسكري وكيدا للبرهان
وتراكم الدخان في صدور الجنود والضباط ولكن الفريق البرهان كان يسعى ليل نهار لتنفيس الاحتقان ولكنه في منتصف أبريل كانت الحرب التي تدخل الان شهرها الثامن ولايزال بعص السودانيين في ضلالهم القديم بالإساءة للجيش وتنميطه بالمولاة للكيزان ويغضون النظر عن الكيزان الأكثر عددا وسط قوات الدعم السريع والأكثر نفوذا ولكن هؤلاء مثل قوم البربون لايتعلون ولاينسون
نواصل
يوسف عبد المنان