تقرير: سوسن محجوب
يزور رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، صباح الثلاثاء بورتسودان، في زيارة تُعد الأولى له للبلاد منذ بدء الحرب، يلتقي فيها رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لمناقشة تفاصيل الأزمة السودانية.
إثيوبيا توضح أسباب الزيارة
وقال مسؤول رفيع بالخارجية الإثيوبية لـ(السوداني)، إن د. آبي احمد، حريص على العلاقات التاريخية بين البلدين، بذلك يسعى لتهيئة الأجواء من أجل عودة السلام إلى السودان وإيقاف الحرب، وتأتي زيارته إلى بورتسودان في هذا الإطار، وأضاف: “آبي أحمد على اتصال دائم مع رئيس مجلس السيادة البرهان، وأخبره أنه يسعى لدفع جهود تقارب الفرقاء السياسيين أو العسكريين في الدعم السريع، كون اي خطر يهدد السودان، ينعكس مباشرة على الأمن الإثيوبي، هذا غير ما يربط بين البلدين من مصالح استراتيجية واقتصادية، لا يمكن أن تنفك”.
وكان آبي احمد قال الاسبوع الماضي أمام برلمان بلاده، “إن استعادة أراضينا التي توغل فيها الجيش السوداني مسألة ساعات فقط، لكننا أخلاقياً لن نستغل ظروف الحرب التي يمر بها الشعب السوداني الذي وقف إلى جانبنا بجميع الأوقات العصيبة لشن حرب عليه، وأضاف أن موقفهم من الصراع في السودان محايد 100%، ونسعى لجلب طرفي الصراع الى طاولة الحوار بغرض إنهاء الحرب، ونتمسك بالاحترام لمبادئ حسن الجوار مع السودان”.
ويأتي حديث آبي في ظل أنباء متواترة وفيديوهات ظل يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مشاركة إثيوبيين في القتال بجانب قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش، كما أنها تأتي في ظل تأكيدات عن تسلل “إثيوبيين” إلى منطقة الفشقة السودانية التي استردها الجيش مؤخراً من إثيوبيا.
مُجرّد حادثة
يقلل الصحفي والباحث في الشؤون السودانية ــ الإثيوبية عبد المنعم أبو إدريس في حديثه لـ(السوداني) من الأنباء المتداولة حول دخول إثيوبيين إلى منطقة الفشقة الحدودية، ويلفت إلى أنه لا يوجد “دخول بالمعنى الكبير”، وانها كانت حادثة واحدة في شهر يونيو المنصرم، حيث تسللت مجموعة ونهبت ابقارا من منطقة تقع شرق حظيرة الدندر. ابو إدريس ينبه الى ان الوضع الداخلي الآن لمليشيا الامهرا المتهمة بأنها دخلت إلى أراضي الفشقة ليست على وفاق مع حكومة آبي احمد، ويضيف: “بل إنّ القتال يدور بينهم من وقت لآخر”.
مليشيا الفانو
ومنذ نحو قرن، ظل النزاع الحدودي في منطقة الفشقة السودانية على الحدود الشرقية بين السودان وإثيوبيا مستمراً، مما ينعكس على علاقات البلدين، إذ تمكن الجيش السوداني من استرداد مليشيا الفانو بإقليم الامهرا في العام2021، لكن تقارير اخبارية أكدت انه وبعد أقل من ثلاثة أيام من بدء الحرب بين الجيش والدعم السريع العام المنصرم ـــ تحديداً في 18 أبريل، شنّت قوات إثيوبية هجوماً برياً على الفشقة الصغرى، معززة بالدبابات والعربات المصفحة وحشود كبيرة من المشاة، مضيفة بأنّ وحدات الجيش السوداني تعاملت على الفور معها “بمنظوماتها النيرانية المختلفة والبعيدة المدى فكبّدتها خسائر فادحة في الأفراد والعتاد”، لكن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي احمد نفى ذلك.
خطر دخول الفشقة
لكن مدير برنامج شرق أفريقيا والسودان وكبير الباحثين بمركز فوكس للدراسات د. ناصر سلم، يذهب في تأكيد ما هو متداول، ويقول لـ(السوداني) انه وفي ظل حالة الصراع الدائر بالسودان والسيولة الأمنية، من الطبيعي أن يحاول من لهم مطامع من دول الجوار في السودان ان تستغل انشغال الجيش والمنظومة الأمنية بالحرب لتحقيق مكاسب لها، ويلفت إلى أن إثيوبيا تواجه أزمة خانقة “اقتصادياً وأمنياً”، كما يواجه آبي أحمد تحديات من القبائل المناوئة له بعد حربه الطويلة مع جبهة تحرير التيقراي، لذلك هو يبحث عن نصر لحكومته عبر استعادة أو دخول منطقة الفشقة، لكن ليس عبر الجيش الإثيوبي وإنما عبر مجموعات مسلحة موالية لجيشه، بذات الطريقة التي ظلت إثيوبيا تستخدمها طوال الفترة الماضية من لحتلالها لمنطقة الفشقة أو في الصراعات الحدودية ما بين المواطنين أو الجيش السوداني مع المجموعات الإثيوبية المسلحة، ولكن ليس عبر الجيش الإثيوبي، لأن دخوله سيكون بمثابة إعلان حرب على السودان، وقتها السودان سوف يدافع عن أراضيه، وإثيوبيا ظلت طوال العقود الماضية تقول إنّه ليس لها وجود في منطقة الفشقة، وإنّ تلك المجموعات مسلحة.
استقبال رسمي
وحول وجود دعم إثيوبي لقوات الدعم السريع، يمضي أبو إدريس موضحاً إلى أنه ــ وحتى الآن ليست هناك أي دلائل واضحة على دعم إثيوبي لقوات الدعم السريع، ويضيف: “كل ما حدثَ انها استقبلت قائد الدعم محمد حمدان دقلو حميدتي في جولته التي شملت عددا من دول المنطقة، وأقامت له استقبالا رسميا، حيث استقبله نائب رئيس الوزراء وقتها”.
ويعتبر ابو إدريس، حديث رئيس الوزراء آبي احمد في البرلمان الإثيوبي جاء في سياق حديثه عن علاقته بدول جوار إثيوبيا، حيث ذكر السودان والصومال وجيبوتي واريتريا وجنوب السودان وكينيا.
خطورة الدعم السريع
ويؤيد د. ناصر ما ذهب إليه أبو إدريس فيما يتعلق بدعم إثيوبيا لقوات الدعم السريع، ويقول انه حقيقة لم يجد أي تقارير “أممية تتحدث عن هذا الملف بصورة دقيقة”، وأعتقد أن الإثيوبيين على علم بأنه اذا وصلت الدعم السريع إلى الحدود الإثيوبية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة تدفق أعداد اللاجئين السودانيين إلى إثيوبيا، مما يؤدي إلى انفلات الأوضاع في الحدود، لذلك لا أعتقد أن إثيوبيا لها مصلحة في دعم أي طرف من طرفي الصراع لتأثير ذلك على الأمن الإثيوبي أولاً، وباي شكل من الأشكال ليس لإثيوبيا مصلحة في أن تنخرط في الحرب السودانية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكن مصلحتها هي استرداد منطقة الفشقة والسيطرة عليها لإعلاء اسهم آبي أحمد في الداخل الإثيوبي، كما ان دخول الجيش الإثيوبي سوف يقود بشكل أو آخر الى فتح جبهة أخرى للجيش السوداني، وفتح أيضاً جبهة قتال للجيش الإثيوبي وسيؤدي إلى دخول لاعبين جدد في المعادلة ـــ وأعني تحديداً “مصر”، اذ ان الأمن السوداني لا يتجزأ عن أمنها