حتى بعد القضاء على امبراطورية “حميدتي” المالية التي نمت من موارد الشعب السوداني ، ما زال البعض يعد جرائم نهب الموارد الوطنية نشاطاً اقتصادياً عادياً.
بدءً.. عندما انضمت بعض الحركات المسلحة إلى ميدان معركة “الكرامة”، كان ذلك مثالاً لافتاً على رغبة متمردين سابقين في إعادة ضبط العلاقات مع الدولة التي قاتلوها يوماً ما ، ولكن مع مرور الأيام ظهرت الحقائق.
حتى بعد ملايين الدولارات التي حصلت عليها بعض الحركات المسلحة مقابل القتال إلى جانب الجيش في معركة الكرامة ، اتجهت إلى تعدين وتجارة “الذهب” ، وهو المسلك الذي يعيد إلى الاذهان تسرب مليشيا “حميدتي” الى سوق تعدين وتجارة “الذهب” .
بتاريخ :9/11/2023 مرر والي نهر النيل “د.محمد البدوي” قراراً بالموافقة على نقل عدد (500) قلاب “كرتة” من محلية” ابوحمد” ، لصالح منسق حكومة إقليم “دارفور” ،”معتصم يوسف مصطفى” ، تحت بند دعم المجهود الحربي ودعم القوات المشتركة ، بحسب نص الخطابات المتبادلة بين الطرفين .
اعترض المجتمع المحلي ب “ابوحمد” على نقل كميات “كرتة الذهب” التي تتبع للقوات المشتركة ، لأن الجهة المستفيدة لم تسدد نسبة المسؤولية المجتمعية.
في ذات الوقت فرضت قيادة القوات المشتركة بمنطقة المثلث التابعة للولاية الشمالية ، نسبة (١٠%) على التعدين الأهلي و مادة السيانيد.
الوقائع المذكورة أعلاه، تفضي بدورها إلى استنتاج واحد لا غير، هو أن بعض قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق “جوبا” يسعون لتأسيس امبراطوريات مالية واقتصادية عبر نهب موارد الشعب السوداني ، وابتزاز الدولة لإنفاق مزيد من المال بحجة دعم المجهود الحربي .
مواجهة هذه الممارسات وكشفها للرأي العام هو أضعف الايمان ، الموقف الصحيح هو أن تضع الدولة حداً لجرائم الفساد التي ترى بالعين المجردة ، سياسة دفن الرؤوس في الرمال، والتعلق بمبدأ الهروب إلى الأمام، بالصمت وغض الطرف ليس سوى سكب المزيد من البنزين على نار مشتعلة.
لكي يحظى الشعب السوداني بسلام واستقرار مستقبلاً،
يجب عليه تجرع الدواء المرفوض، أي نزع النظارات السوداء عن العيون، ورؤية الواقع من دونها. الأحداث طوال الفترة الماضية أبانت بما لا يدع مجالاً للشك أن الاجسام ليست كما تبدو في المرآة .
الحرب الجارية تقترب من نهايتها، ولا أظنني الوحيدة التي تعتقد ذلك، ولكن غض الطرف عن نمو المليشيات سيجعل دائرة الدمار تتسع كل يوم. والاحتمالات عديدة، وللأسف كلها غير مُسرّة، ولأن الأزمة أكثر تعقيداً، وأساسها وضع ضغوط سياسية وعسكرية على قادة السودان لإرغامهم على قبول شروط اللوبي الدولي الذي يسعى لنهب موارد بلادنا.
محبتي واحترامي
https://www.facebook.com/share/p/18G8sWgWmv/