القاهرة: عمرو شعبان
بخطوات غير ملحوظة سار ببطء في ظلام شارع الجامعة إلى جوار سور مجلس الوزراء في ليلة إعلان حمدوك تشكيل حكومته الثانية، بهدوء وربما بهمس وقف وتحدث يلتمس ويضيف معلومات حول عمليات تهريب الذهب من السودان إلى مساحات أخرى، ويناقش في الأمر بحصافة العالمين بخفايا الأمور. بدا مهموماً جدا بذلك على الرغم من عدم اهتمام وكالته بالملف الاقتصادي بشكل مباشر.. لكنه همه الوطني تجاه ثورات وموارد البلاد والعباد..
هو خالد عبد العزيز العضو الفاعل في مبادرة أستاذ الأجيال وعميد الصحفيين الراحل محجوب محمد صالح في محاولات تلمس خطا استعادة النقابة، مع ذلك لا يذكره الذاكرون وهو بتجرده المعلوم لا يتطرق للموضوع.
“ود نمرة2″ كما يحلو لأصدقائه المقربين مداعبته ومناوشته، و”ود قلبا” ولد ونشأ وترعرع في حي الخُرْطُوم”2″، متلقيًا كل علوم ودراساته في الخُرْطُوم قبل أن يحل ضيفا مرحبًا به وباختياره في جامعة الخُرْطُوم ليتخرج من كُلْيَة الآداب لغة إنجليزية ثم دبلوماً عاليا في الإعلام… ينتمي لطبقة أبناء الموظفين أو تحريا للدقة الطبقة الوسطى التي استهدفها الرأسمال بالتحطيم، فوالدته معلمة من خريجي المملكة المغربية، فيمَا كان والده عليه الرحمة من كبار موظفي وزارة المالية… العراقة والأصالة لم تأت عبثًا في سيناريو نشأته ويكفي أن منزل الأسرة يمتد إلى مائة عام إلى الوراء.
مثله مثل غيره بالاهتمام بكرة القدم مثل كل الشباب في مرحلة الطفولة والمراهقة، بيد أن النضوج تزامن مع اهتمام مكثف وتركيز منقطع النظير في المجال الثقافي مطلع والأدب، وككل الأسوياء يشجع خالد الهلال بتلذذ، فالسوداني يولد على الفطرة والهلال أحد مكوناتها.
رحلته المهنية بدأت في تسعينيات القرن الماضي بأشرس الصحف المعارضة للعهد المقبور فكان أساسيًا في صحيفة الرأي الآخر، منتقلًا منها إلى صحيفة الخُرْطُوم في نسختها الخرطومية 2001م ومنتسبًا في ذلك الوقت لوكالة رويترز كشبل متعاون ينتظر أن يشب أسدا في المجال.. مكث خالد في صحيفة الخُرْطُوم 4 سنوات قبل أن ينتقل منها إلى صحيفة الأضواء في منصب رئيس قسم الأخبار، ثم إلى صحيفة السوداني في صدورها الجديد عام 2006م رئيسًا لقسم الأخبار، قبل أن يصل فيها إلى منصب مدير التحرير ثم نائب رئيس التحرير ليغادرها في 2011م متفرغًا لرويترز، الذي استمر بالعمل فيها 20 عاما حتى اصبح مديرًا لمكتبها في السودان..
خلال مسيرته المهنية فاز خالد بالعديد من الجوائز العالمية الرفيعة، أخرها كانت خلال هذا العام بمشاركة الزميل الطيب صديق، محدثا اختراقا في حالة الإحباط التي تسيدت الوسط الصحفي بنجاح من وسط الحطام..
ما لا يعرف عن خالد عبد العزيز أنه إلى جانب تعلقه الشديد بالمهنة إلا أنه ناشط لا يهادن في قضايا البيئة، حيث شارك في الكثير من المؤتمرات العالمية المتعلقة بالبيئة، وهو عضو أساسي في الجمعية السودانية لحماية البيئة، وظل يحرر صفحة أسبوعية منذ بدايات الألفية حول قضايا البيئة بصحيفة الرأي العام..
خالد صحفي مهني كان حظه مترعا بالمحبة فتتلمذ على يد أساتذة عظام لهم باعهم في التجربة، فعندما عمل في الخرطوم كمحرر تزامن ذلك مع عهد رئيس تحريرها فضل الله محمد ومستشار التحرير د.مرتضى الغالي، ومساعد رئيس التحرير الأستاذ محمد عبد السيد، ومدير التحرير فيصل محمد صالح..
يقول عنه صديقه المقرب ياسر عبد الله:”على المستوى الإنساني يمتاز خالد بأنه رجل “أخو أخوان” ودوما تجده في السراء والضراء حاضرا في كل المناسبات، دائمًا مشاركاته وسهمه وافر في أي مناسبة تخص الزملاء والزميلات بل ويكون من المساهمين بالقدر الأكبر. وأضاف:” خالد مهني وصحفي حاذق جدا وله قدرة مهولة جدا في الكتابة الإبداعية، هو أديب سرقته الصِّحافة لديه الكثير جدا من الكتابات الأدبية التي تتشرف بها صفحته في المنصات”. وتابع: صارم جدا في المصداقية والمهنية خصوصا في الأخبار، يده نظيفة ولم تتلوث بتاتًا بأي مال حرام أو تلون بأي جهة، لذا يظل اسم عظيم في الصِّحافة السودانية ومن أبرز الأقلام النظيفة النزيهة .. لم ينتكس أو ينحني لأي عاصفة في كل الأنظمة”.
خالد ينتمي لمدرسة التواضع والانزواء، فهو شخصية لا تحب الأضواء، وبرغم تحقيقه لأشياء عظيمة في رويترز بفوزه خمسة أو ستة مرات بجوائز رفيعة كأفضل قصة في رويترز، إلا أنه لماما ما يتطرق لذلك.
خلال ديسمبر المجيدة تعرض وأبان وقفة أو موكب ميدان الأهلية تم اعتقاله في 2018م بمعية الزميلين عبد لمنعم أبو إدريس وشوقي عبد العظيم ومكث معتقلًا لأكثر من شهر بسب انه صحفي فقط.
يوصف من قبل العديدين بأنه شخصية قوية وصاحب كاريزما، وفي نفس الوقت لين الجانب، وأيضا صارم للغاية تجاه الديمقراطية والحكم المدني.
قوة شخصيته تلك ربما هي ما اسهم في أن يكون مديرًا لأقوى المناظرات بين أطراف القوى السياسية في ظل اطلاعه المستمر، فظل بطل المشهد في مناظرة “الزميل”طارق عبد المجيد و”الماجد”خالد عمر “سلك” لتكون من أروع واهدأ وأفيد المناظرات وكأفضل ما تكون
شكرًا خالد عبد العزيز فقد أضفت ألقا للصحافة نادرًا ما ينتجه الكثيرون… وليتهم يفهمون حجم التضحية والتقديم في سبيل حلم لولاكم لما كتب له أن يكون