*الممارسات السودانية والمكاسب المادية: رؤية نقدية للواقع السياسينزار خيري رئيس تحالف الخط الوطني ٤ ديسمبر ٢٠٢٤*.

في السودان، تمتاز الحياة السياسية بتداخل معقد بين الأهداف الوطنية الكبرى والمصالح الفردية. وبينما تشهد الساحة السياسية صعودًا وهبوطًا متكررًا في مستوى الأداء القيادي، يظل هناك تحدٍ كبير يتمثل في محاولة تحقيق التوازن بين تحقيق المكاسب المادية المشروعة وخدمة الوطن.

الممارسات السودانية: أصالة تقابلها تحديات

لطالما كان السودان بلدًا زاخرًا بالقيم الأصيلة التي تعزز التضامن الاجتماعي، والعمل المشترك، والاحترام المتبادل بين المكونات المجتمعية. ولكن في خضم التحولات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، ظهرت ممارسات تخدم المصالح الشخصية وتتنافى مع أهداف العمل السياسي الحقيقي.

في الواقع، أصبح السعي وراء المكاسب المادية بمثابة السرطان الذي يهدد تطلعات الشعب السوداني إلى حياة كريمة ومستقبل مشرق. هذه الظاهرة لا ترتبط فقط بالفساد المالي أو الإداري، بل تتعداه إلى استغلال النفوذ لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل على حساب الأجيال القادمة.

الغاية من السياسة: أداة لخدمة الوطن لا لاستغلاله

السياسة في جوهرها ليست سوى أداة لإحداث التغيير الإيجابي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع مستوى المعيشة. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص يعتقدون بأن السياسة هي وسيلة لتحقيق الثروة أو تعزيز المصالح الشخصية، وهو اعتقاد ينم عن قصر نظر وافتقار إلى الإحساس بالمسؤولية الوطنية.

لذا، من المهم أن نقف بحزم في وجه كل من يسعى لاستغلال العمل السياسي لتحقيق مكاسب شخصية أو مادية غير مشروعة. هذه الأفعال لا تضر فقط بمصالح الوطن، بل تساهم في تشويه صورة القيادة السياسية وتعميق فقدان الثقة بين القادة والشعب.

الوقوف ضد الممارسات السلبية: دور القيادات الواعية

رئيس أي مؤسسة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، يجب أن يكون نموذجًا يحتذى به في النزاهة والالتزام بخدمة المصلحة العامة. لذلك، من الواجب أن تكون الأولوية هي تقويض محاولات المفسدين والمستغلين الذين يحاولون ركوب موجة السياسة لتحقيق مصالحهم الخاصة.

يجب التصدي لهذه الفئة بحزم وشفافية من خلال آليات رقابية فعالة وقوانين صارمة تحاسب الجميع على قدم المساواة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تثقيف المجتمع بشأن أهمية النزاهة في العمل السياسي يشكل جزءًا أساسيًا من مواجهة هذا التحدي.

دعوة للارتقاء بالعمل السياسي

إن المرحلة التي يمر بها السودان تتطلب وقفة صادقة من كل فرد يؤمن بأن السياسة هي رسالة لخدمة الناس وليست وسيلة لجمع الأموال. لذلك، علينا أن ندعو جميع الأطراف إلى إعادة النظر في أهدافهم وطموحاتهم، وأن نرتقي بالعمل السياسي ليصبح وسيلة للبناء والتطوير وليس ساحة للتكسب والاستغلال.

ختامًا، فإن السودان غني بقيمه وشعبه وإمكاناته، والارتقاء بالعمل السياسي يتطلب منا جميعًا الوقوف صفًا واحدًا ضد الممارسات السلبية التي تقوض تطلعاتنا المشتركة. دعونا نعمل سويًا من أجل مستقبل أفضل لوطننا.
اتمني فهم الرسالة

نزار خيري
رئيس تحالف الخط الوطني
٤ ديسمبر ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة