في ذكرى مدرسة القولد الوسطي
في القولد التقيت بالصديق
وكم انعم به من فاضل صديقي
وكم اكلت معه الكابيدا
وكم سمعت اورا وارودة
ودعته والاهل والعشيرة
ثم قصدت من هناك(ريرة)
وجدتها والقرشي مضيفي
وكان ذلك في اوان صيفي
الغريب في الامر وبمناسبة الكابيدة (القراصة)ان ناس القولد صاروا يأكلون الرغيف وناس ام درمان يأكلون الكابيدة(القراصة) وهذه من من مفارقات الزمان٠
بهذه الكلمات الهادئة البسيطة ذات المعاني والدلالات الكبيرة لازال اثرها باقياً حتي اليوم كتاب سبل كسب العيش في السودان أحدى ثمرات مناهج بخت الرضا في علم الجغرافيا وفيه يتجلى ترابط أهل السودان بعضهم البعض.
راقتني الفكرة لا أكتب عن ذكرى تأسيس مدرسة القولد عام 1942 الوسطى وعن ذكرى احدى رجالات السودان في مجال العلم والتعليم والنهضة العلمية وخاصة تعليم المرآة.
الا هوالمربي الفذ بابكر بدري علم على رأسه نور اضاء دنياوات سماواتنا ولازال الاثر ماضيافي عطاء طيب مثمر الا رحم الله بابكر بدري بمثل م قدم لبلاده وامته.
وعندما قدم عليه وفد من الشمالية(منطقة القولد) بصدد مد يد العون لقيام مدرسة القولد الوسطى 1942 وكان على راس الوفد رئيس الفرع والناظر للمنطقة الجنوبية لمزكر دنقلا محمود محمد محمود وقد انضم للوفد نفر كريم من ابناء المنطقة العم عبد الحفيظ بانقا وترجع جذوره لحله بابكر، بالقولد وهم اصهار،الخليفه صالح سوار الدهب،والسيد البلة حمزةابن اخت الخليفه صالح ابراهيم سوار الدهب.
وقد استقبلهم ذلك العملاق الشامخ استقبالاً عظيماً وهناؤهم بقيام مدرسة القولد الوسطى وتوقع لها مستقبلاً باهراً..
ورشح أبنه(محمد) ليسافر مع الوفد ليباشر الاجراءات الادارية لفتح المدرسة هذا هو العمل النافع الذي ذكره رب العزة والجلالة..
وقد مكث محمد شهراً كاملاً في القولد وقد أحسن ضيافته العمدة/محمود واهل المنطقة.
وبعد ذلك تم اختيار الناظر عبد الرحمن عبد الله ولو ان مولد مدرسة القولد سبقتها بعض الملابسات عندما طرح الفكرة المستر جاكسون باشا مدير المديرية الشمالية عام 1941 وسوف نكتب عنها في وقت لاحق بإذن الله لان اغلب المعاصر لا يعلمون عنها الكثير فهي احداث مرتبطة بمؤتمر الخريجين وان تاريخ السودان المعاصر لم يكتب عنه الكثير بعد. كتاب الاستاذ مكي شبيكة والسيد مندور المهدي والاستاذ بشير كوكو والاستاذ ضرار صالح ضرار.
نعود لموضوعنا عن مدرسة القولد الوسطى التي احدثت نقلة كبيرة في المنطقة وهي اسست على نمط مدرسة وادي سيدنا الثانوية بنفس الطراز في المباني والميادين والمعامل والادارة وكان الانضباط التربوي في كل شي فمثلاً عندما يقرع جرس الالعاب الساعه الرابعة والنصف عصرا تجد الطلبة في الميادين المختلفة كورة القدم والمنافسات بين الداخليات في المقدمه وهناك ميدان الbing bong و الRing basketball وهناك الدافوري الذي كان يجيده طلبة (الخندق) وكم أبرز اللعيبه في كرة القدم منصور مصطفى ومن الاساتذه الذين أشرفوا على الألعاب الاستاذ عثمان عابدون وفي المساء المذاكرة الأولى تبدأ من الساعه السادسه مساءا حتى الثامنة مساءا ، وبعدها المذاكره الثانيه لطلبة الصف الرابع .
وكانت الجمعية الادبيه عامره تحت إشراف الاستاذ عبدالله عاصي القيد وهو من أبرز الاساتذه على الإطلاق في مجال اللغة العربية .
وكان البروفيسر عبدالرحيم علي رئيسا لهذه الجمعية وهو يديرها بكفاءة ودقة ولازلت أذكر كلماته المشهورة للذين ينشغلون بقزقزة التسالي و (الجُرُمْ) وهو يقولها (الجُرُم جُرمُُ في معناه) . ويوجد بالمدرسة مسرح كبير تقام فيع نهاية كل فترة دراسيه مهرجانات تحكي عن ابداعات أهل المنطقة من دناقله وشايقيه و بديريه ومحس ، وبمناسبة المسرح يوجد بمدرسة القولد الأولية مسرح عرضت عليه مسرحية(سقوط الأبيض) ، وإن الدكتور عوض كدكي أجاد دور محمد سعيد (جُراب الفول) في ذلك الوقت . استمر الناس الى فترة من الزمن يتحدثون عنها وأنا متأكد لو شاهدها الدراميّون اليوم لندهشوا لذلك الأداء الرائع قبل خمسين عاماً كانت أسماء الداخليات ببعض أسماء الخواجات فمثلاً داخلية (ماكرير) بعد استقلال السودان سنة 1956م سميت أسماء الداخلية بالمديريات.
لجنة القبول بمدرسة القولد الوسطى يترئسها المستر جاك جند اخر مفتش مركز انجليزي لدنقلا. ونائبه العمدة محمود بحكم أن المدرسة تقع في منطقة نفوذه ومن أعضائها مفتش الإدارة الأهليه الزبير حمدالملك وعبدالله الملك والسيد عثمان عبد الله سكوته والد رجل البر والتعليم حسن سكوته وعم حكمدار البوليس عبد الرحمن احمد سكوته الشهير بابوطياره والسيد عبدالعزيز محمد إبراهيم والدالعميد محمد عبد العزيز ودكتور فاروق عبد العزيز وصديق عبد العزيز والسيد عوض حسين الصائغ سر تجار المديريه الشماليه والعمدة ود عمر علي عمدة ناوا والعمدة شريف عمدة أوربي والعمدة عبدالرحمن عمدة القولد قبلي والعمدة أحمد سعيد ، وكانت اللجنة لها يوم مشهود وكانت المنافسة قوية بين الممتحنين الذين يبلغ عددهم ٣٢٠ طالباً والقبول لأربعين طالب فقط.
ومن النظار الذين تعاقبوا على هذه المدرسة الناظر عبدالرحمن عبدالله ،صالح ادم،عبدالله البشير، ادريس احمد، داش وكان يجيد اللغه الانجليزية ويتحدثها بطلاقه ومن كلمات الانجليزي التي كان يرددها في طابور الصباح (dont talk at me) وكان نظيفا في هندامه أنيقاً في مظهره رغم الاضطرابات في فترة الناظر عبدالله البشير إلا أن نسبة النجاح لم تتدنى وكان الأربعين يقبلون بمدرسة وادي سيدنا وإذاعة أمدرمان عندما تعلن النتيجة والناس يلتفون حول المذياع في جميع بقاع السودان المختلفة كان إسم القولد بارزاً.
من أهم الشخصيات العالقة بالذهن عم النور الفراش كان يحضر الكنبة والبسطونه للجلد في طابور الصباح و (منجوز) ذلك الشاب الأسمر المنّوط له إحضار الغذائات للمدرسة والعم محجوب كبير الطباخين كان دائما في صدام مع ضابط الداخلية الأستاذ أحمد عبدالعال وفي أحد المرات قال الأستاذ أحمد باللهجة الدناقله المكسرة (انهنا نتبخ البني ادم ذاتو) ويالها من ذكريات ثرة وأيام جميله ياليتها عادت وعدنا ، واذكر على سبيل المثال وليس الحصر الذين تخرجوا من هذه المدرسة وأثروا الحياة العامه والسياسيه المشير الزبير محمد صالح و دكتور صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان ، والاستاذ مصباح بابكر كبير مخططي المناهج ببخت الرضا ودكتور فاروق عبدالعزيز ومولانا حسن ساتي و الاستاذ علي محمد عثمان قيلوب ودكتور ابراهيم ابو عوف ودكتور عطالله حمد بشير(الخارجية الإيقاد) وسعادة السفير ابوزيد حسن سفير السودان بإثيوبيا وأخونا علي محمود معرض الخرطوم الدولي ، وكثيرون جداً ولكن إن كانت كلمة أخيرة أن ندعوا جميعا لقيام مهرجان كبير يكرم فيه كل الذين شاركوا وأسهموا في بناء هذا الصرح التعليمي الهام ، انا متأكد يشاركني في هذا الرأي نائب الدائره ووزير الخارجية الأسبق دكتور مصطفى اسماعيل وتمد يد المشاركه حتى تصل سعادة الفريق الدكتور عبداللطيف عشميق .
ولكم شكري
بشير عثمان العمدة
هذه الذكريات كانت منشورة بإحدى الصحف السودانية
الف رحمة ونور تنزل عليك ابا عثمان