*بينما يمضي الوقت* *أمل أبو القاسم تكتب: إلى أن نلتقي في وطن “دافئ”..*

معلوم أن الحرب في اي دولة يدفع كلفتها المواطن انتهاك في حقه وتشريد. فويلات الحرب وتداعياتها تقع على رأسه وتثقله. بيد أن حرب السودان كانت غير من حيث الخراب والدمار على كافة الصعد، ومن حيث وقعها على المواطن البسيط الذي وجد نفسه بين طرفة عين وانتباهتها هائما على وجهه إما نازحا يستظل بالمدارس والخيام، أو لاجئ ركب الصعاب فرارا ، كل ذلك بلا أدنى تدبير ليجد نفسه يكابد وحده شظف الحياة، وقسوة بني جلدته احيانا بل وقسوة ذوي القربى في احايين كثيرة. إذن فلا عائل له ولا نصير غير الله سبحانه وتعالى وذوى القلوب الرحيمة، وما يصل البعض من معينات المنظمات الإنسانية، وما تجود به الحكومة بما توفر لها وهي الأخرى تعاني صرفا يفوق طاقتها لمجابهة حرب ضروس.

ورغم ما يعانيه النازحين بالداخل إلا أنهم وإلى حد وضعهم أخف وطأة من اللاجئين كونهم بين ظهراني الأهل والصحبة وفي حضن وطنهم رغم ما حاق بهم وفي كنف الحكومة التي تدأب إلى جانب بعض الجهات لتلبية ولو القليل من احتياجاتهم، أما الأخيرين فقد وجدوا نفسهم في غربة لا حول ولا قوة لهم بها ولا قوة وكأن بهم يجسدون أبيات الشاعر “محمود سامي البارودي” التي نظمها في منفاه.

أبيت في غربة لا النفـس راضية بها , و لا الملتقى من شيعتي كثب

فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب

و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب

لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟

فكثير من السودانيين يعانون العوز والمسغبة في غربتهم الاضطرارية دون أن يجدوا من يمد لهم يده ويربت على كتفهم سيما مصر التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين. لكن وبحمد الله تصدت لهذه المعضلة الإنسانية ( إسناد) وهي مبادرة اطلقتها الأستاذة أميرة الفاضل إلى جانب آخرين بدأت كفكرة ثم تبلورت ونمت وتوسعت مظلتها لتنضوى تحتها أجسام داعمة بينها مصرية وسودانية ( السفارة السودانية، واتحاد الصحفيين ) وغيرهم . فضلا عن متطوعين بذلوا جميعا مجهودا خارقا لمجابهة متطلبات هذه الفئات اللاجئة والمعسرة، بل ويعيش بعضها وضعا مأسويا لا تعرفه سوى جمعية ” إسناد”ا لتي وجدت نفسها أمام تحدى كبير والشكاوى المختلفة تنهال عليها من كل حدب وصوب. كل مشاكل هؤلاء وضعت على طاولتها بعد وجدوا فيها ضالتهم.

” إسناد” وفي آخر مؤتمر لها الثلاثاء بمقرها في مدينة نصر دشنت ( حملة شتاء دافئ بالعطاء ) من أجل توفير بطاطين وملابس ثقيلة لمجابهة شتاء هذا العام وهو شتاء بحسب مختصين سيكون فوق العادة، ولكم أن تعلموا أن هناك من يقيم في شقق مفتوحة بلا أبواب أو حتى شبابيك.

الأستاذة أميرة الفاضل رئيس مجلس إدارة جمعية ( إسناد ) لدعم لمتأثرين بالحروب والكوارث عددت بالأرقام ما وصل إليهم حتى الآن من بطاطين وحاجتهم الكلية الحالية لدعم الوافدين بحسبان توزيع عدد منها العام الفائت وبلغت الفجوة عشرة الف بطانية للعدد المستهدف.

كما اسلفت فإن الجمعية تعمل على تغطية كافة الاحتياجات بما توفر لها، وقدمت في ذلك الشكر لعدد من الشركاء الداعمين، والتمست العذر لجهات وخيرين ربما نفذ مخزونهم وهم يأكلون من سنامهم. لكن بالمقابل هنالك من تمكن من إدارة شأنه، إلى جانب الشركات وغيرها.

صحيح الن جهات عدة كانت لها ايادى بيضاء بالداخل والخارج لكن التحدي كبير والحاجة ماسة فهلا تفضلت الشركات والبنوك ورجال الأعمال ومن ضمن جهدهم ومسؤليتهم المجتمعية مد يد العون من أجل شتاء دافئ للاجيئن ليس مصر فحسب بل ليبيا وغيرها وقد توفى راعي سوداني قبيل يومين جراء هوج الرياح والبرد، وقد تواصلت معي أيضا أستاذة جامعية تحدثت بلسان كثر يعيشون شظف العيش لا يملكون حق التدفئة بينهم من يعيشون على الرصيف، ولا يفوتنا من هم في صقيع الكفرة تحت الخيام.

السادة الحكومة ببورتسودان، وأخص جهاز الأمن لما له من قصب السبق بهكذا مبادرات، السادة البنوك، والشركات، ورجال الأعمال والخيرين، ساهموا في حملة شتاء دافئ لأهلكم بالمنافي وهو أمر ليس عليكم بغريب إلى أن نلتقى جميعا في رحاب وحضن وطن دافئ .

مقالات ذات صلة