*صمت الإعلام السوداني تجاه الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين*

القاهرة:عمر هنري

صمت الإعلام السوداني تجاه الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين… بين الخوف والتواطؤ
15 أبريل 2025

في الوقت الذي يشهد فيه السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، يغيب صوت الإعلام المحلي عن توثيق وفضح الانتهاكات الواسعة التي يتعرض لها المدنيون في مختلف أنحاء البلاد. ويطرح هذا الصمت أسئلة ملحة حول دور الإعلام ومسؤوليته في نقل الحقيقة والدفاع عن الضحايا، خصوصًا في ظل تصاعد وتيرة العنف واستمرار النزاع المسلح بين الجيش و الدعم السريع.

شلل إعلامي… أم رقابة ممنهجة؟

المشهد الإعلامي السوداني “المشلول”، نتيجة ما يواجهه من تحديات متراكمة، أبرزها الرقابة الصارمة التي تفرضها الأطراف المتحاربة، سواء عبر حظر النشر أو التهديد المباشر للصحفيين. وفي كثير من الحالات، تغيب وسائل الإعلام المحلية عن تغطية المجازر والانتهاكات التي تُرتكب في مناطق مثل الخرطوم و الجزيرة و سنار دارفور، كردفان، والنيل الأزرق، رغم توفّر معلومات وشهادات تؤكد وقوعها.

الصحفيون بين المطرقة والسندان

لا يملك الصحفي السوداني اليوم مساحة آمنة للعمل، فبين التهديد بالسجن أو التصفية الجسدية، وبين الإغراءات التي تُمارس لإسكاته او التخوين و التخويف بحجة انتماء سياسي او قبلي أو جغرافي

الإعلام الحزبي وتغليب الأجندة

من أسباب صمت الإعلام أيضًا، سيطرة أجندات سياسية على عدد كبير من المنصات، التي باتت تنحاز لطرف دون آخر، وتغض الطرف عن الجرائم التي يرتكبها “الحليف”، مما يخلق مشهدًا إعلاميًا مشوشًا لا يعكس الحقيقة ولا ينصف الضحايا.

غياب البديل… أين الإعلام الدولي؟

رغم أهمية الدور الذي تلعبه بعض المنصات الدولية في تغطية الأزمة السودانية، إلا أن اعتماد السودانيين على الإعلام الخارجي بات محدودًا بسبب انقطاع الإنترنت و الكهرباء المتكرر، وصعوبة الوصول للمعلومة في مناطق النزاع. وهذا يضاعف الحاجة إلى إعلام وطني مهني ومستقل قادر على إيصال صوت الضحايا ومحاسبة الجناة.

الحاجة إلى إعلام مقاوم

في ظل هذا الواقع، تبرز أهمية دعم الإعلام المستقل والمبادرات الصحفية الحرة، سواء من داخل السودان أو من الخارج، من خلال توفير بيئات آمنة، منصات بديلة، وتمويل غير مشروط. فصوت الضحايا لا يجب أن يُدفن خلف جدران الخوف أو الصمت.

إن صمت الإعلام السوداني عن الانتهاكات الجسيمة لا يُعد فقط فشلًا مهنيًا، بل هو أيضًا تواطؤ ضمني يساهم في استمرار معاناة الأبرياء. ولعلّ إعادة الاعتبار لدور الإعلام في هذا السياق، باتت أولوية لا تحتمل التأجيل.

مقالات ذات صلة