تشهد المؤسسة العسكرية السودانية توتراً متصاعداً بعد صدور أوامر قبض من النيابة العامة بحق اثنين من ضباط الاستخبارات العسكرية، هما النقيب همرور والرائد هطال، على خلفية اتهامات تتعلق بخطف واحتجاز المواطن خالد محمد مصطفى خالد، أحد قيادات لجان المقاومة الشعبية بمنطقة الجموعية جنوبي أم درمان.
وفي تطور جديد، تقدمت أسرة الفريق معاش علي النصيح القلع ببلاغ مماثل ضد ضابط آخر في الاستخبارات، هو العقيد عمر دراج، تتهمه فيه بممارسة الاستدراج والخطف والاعتقال غير المشروع بحق موكلهم قبل نحو ثمانية أشهر، ما يفتح جبهة قانونية جديدة داخل الجيش.
وأشار البلاغ إلى أن حالة القلع الصحية قد تدهورت في المعتقل، مما استدعى نقله إلى مستشفى المك نمر بشندي، حيث أُجريت له عملية جراحية أعيد بعدها إلى المعتقل مباشرةً؛ دون منحه الوقت الكافي للتعافي، كما أصيب لاحقاً بفقر دم حاد نتيجة سوء التغذية في المعتقل.
ووفقاً لمصادر مطلعة تحدثت لصحيفة (السوداني)، فإن الإدارة القانونية بهيئة الاستخبارات تعكف حالياً على إعداد مذكرة تفصيلية سترفع إلى رئيس الهيئة الفريق أحمد علي صبير، تمهيداً لرفعها إلى رئيس الأركان الفريق أول محمد عثمان الحسين. وتكشف المذكرة عن خطورة الوضع القانوني الناجم عن اعتقال عدد من المدنيين خارج الأطر القانونية، مشيرة إلى أن الإجراءات التي طالت اللواء معاش عبد الباقي بكراوي، والفريق معاش القلع، والمواطن خالد محمد مصطفى، تمثل مخالفة جسيمة للقانون العسكري والمدني على حد سواء.
وتؤكد المذكرة أن المسؤولية القانونية لا تتوقف عند الضابطين المتهمين، بل تمتد لتشمل مستويات قيادية عليا، بدءاً من رئيس الأركان ومروراً برئيس الاستخبارات وانتهاءً بعدد من ضباط الجهاز الضالعين في تنفيذ أوامر الاعتقال.
وتشير المصادر إلى أن القضية مرشحة للتصعيد، إذ يستعد المعتقلون الثلاثة – بكراوي وخالد والقلع – لاتخاذ إجراءات قانونية ضد الجيش للمطالبة بحقوقهم بعد الإفراج عنهم، على خلفية ما وصفوه بـ”انتهاكات تمس الكرامة الشخصية والسمعة والخصوصية”.
وفي ضوء هذا المأزق، نصحت الإدارة القانونية بالاستخبارات ومكتب المدعي العام العسكري باتباع مسار احتوائي يقوم على إطلاق سراح المعتقلين الثلاثة، ثم التفاوض على تسوية ودية مع المتضررين، لكون الحق في شطب البلاغ يظل بيدهم وحدهم. غير أن الموقف القانوني الحالي – كما تقول المذكرة – يضع المؤسسة العسكرية بأكملها في دائرة الإدانة القضائية المحتملة.
وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع من إعلان لجان مقاومة الفتيحاب بأم درمان وفاة الناشط البارز خالد الزبير (إستي) داخل أحد معتقلات استخبارات الجيش، بعد احتجازه لما يقارب العامين. وألقت اللجان بالمسؤولية الكاملة على السلطات العسكرية، ووصفت الحادثة بأنها جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الانتهاكات بحق لجان المقاومة.
وطالبت اللجان بفتح تحقيق فوري ومستقل في ملابسات وفاة الزبير، مؤكدة أنها لن تصمت أمام دماء الشهداء، وأن طريق القصاص العادل لن يُطوى