*حفلات مذابح الجنون في الفاشر.. ميليشيا الدعم السريع ترتكب تطهيراً عرقياً مجدداً في دارفور بقيادة عبد الرحيم دقلو*

*كتب – عطاف محمد مختار*
لليوم الثالث بعد سقوط الفرقة السادسة مشاة بمدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور، تحولت الشوارع إلى مسرح لأبشع جرائم الإنسانية. ميليشيا الدعم السريع المتمردة، بقيادة عبد الرحيم حمدان دقلو – الرجل الثاني في تنظيم الميليشيا –، بدأت حملة تطهير عرقي ممنهجة في المدينة؛ تستهدف المدنيين الأبرياء على أساس إثني، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. الضحايا نساء وشيوخاً ورجالاً وأطفالاً من قبائل غير عربية مثل الزغاوة والفور، يُقتلون على الهوية، بينما يبث مقاتلو الميليشيا فيديوهات توثق الوحشية، يقيمون حرفياً حفلات جنون، يرقصون فيها طرباً وهم يطلقون النار على الضحايا، مُظهرين فرحاً هستيرياً يثير الاشمئزاز في نفوس البشرية جمعاء.

تفاصيل مرعبة، جنود الميليشيا يصرخون (اقتلوا العبيد) وهم يطلقون النار على كل من يشبه غير العربيين. الفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر مقاتلي الميليشيا ينفذون إعدامات ميدانية بدم بارد، يبتسمون أمام الكاميرا كأنهم يحتفلون بصيد ناجح. أحدهم، المعروف باسم “عيسى أبو لولو”، يقود التصفيات بابتسامة عريضة قائلاً: (الليلة يوم تنظيف الفاشر من الفلنقايات).

الحصار الذي فرضته الميليشيا على الفاشر لأكثر من (600) يوم، والذي أدى إلى مجاعة قاتلة، بلغ ذروته اليوم، ومع انهيار الدفاعات، اندلعت عمليات الإبادة الجماعية.

وقع ما لا يقل عن ألفين قتيل، ملقاة جثثهم على الطرقات وأطراف المدينة وداخل المنازل، لا يوجد من يدفنها، ورائحة الموت والبارود تخيّم على الأجواء. ويصف بعض الناجين من المدينة صباح اليوم هذه الجرائم بأنها جريمة تطهير عرقي، وشددوا على أن القتل يستهدف غير المسلحين بناءً على انتمائهم العرقي. لجان مقاومة الفاشر كشفت عن تصفيات عرقية ممنهجة في جميع الأحياء.

سقوط الفاشر فتح الباب لإكمال الإبادة الجماعية التي بدأتها الجنجويد – سلف الدعم السريع – في دارفور عام 2003، والتي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف.

في وسط هذا الجحيم، يبقى مصير مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين مجهولاً، نصفهم أطفال، يواجهون المجاعة والقصف العشوائي والرصاص. التقارير الميدانية سجلت هروب الآلاف، لكن معظمهم وقعوا في كمائن الميليشيا، منهم الصحفي معمر إبراهيم، المحتجز منذ يوم الأحد الماضي، مما يثير مخاوف المجتمع الصحفي السوداني على مصيره.

تقول حواء، امرأة في الأربعين من عمرها، والتي نجت باعجوبة: (الدعم السريع يعامل الحيوانات بطريقة أفضل منا، الموت في كل مكان، وعمليات الاغتصاب لا يستطيع أحد أن يحصيها).

الفاشر الدامية تصرخ، حيث يستمر التواطؤ الدولي في إطالة أمد المأساة. اليوم، يسأل السودانيون: متى يتدخل العالم لإيقاف هذا الجنون، ولماذا يصمت على دعم الإمارات لميليشيا الدعم السريع؟ حيث زودتها بدبابات جديدة اقتحمت بها الفاشر، قادمة من الكفرة الليبية، وملكتها 12 طائرة بدون طيار جديدة من طراز CH-95 الصينية الصنع، التي تُطلق من مطار نيالا وتتم إدارتها عبر الأقمار الصناعية. بالإضافة إلى التشويش المنظم على أجهزة اتصال (ستارلينك) في جميع أرجاء المدينة لحظة الهجوم عليها.

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دان الإمارات بصورة خجولة أمس دون ذكر اسمها بقوله: “لقد حان الوقت ليتحدث المجتمع الدولي بوضوح مع كافة الدول التي تتدخل في الحرب في السودان وتغذي الصراع بالأسلحة، وحثها على التوقف… المشكلة ليست فقط في القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، ولكن أيضاً في التدخل الخارجي المتزايد”.

تسيطر حالة من الحزن والغضب على الشعب السوداني، جراء جرائم الحرب والانتهاكات والفظائع واسعة النطاق التي تشنها الميليشيا على مواطني الفاشر، مع تصاعد دعوات محاسبة الجناة وقادة وداعمي الميليشيا أمام المحكمة الجنائية الدولية.

بلا أدنى شك، سيكتب التاريخ أن مجازر الميليشيا المتوحشة في الفاشر هذه الأيام، بدعم دولة الإمارات العربية المتحدة، في ظل تواطؤ وصمت دولي، وصمة عار على جبين العالم.

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole