قالت وكالة الأنباء الاماراتية أن رئيس الأمارات و الرئيس الفرنسي تحدثا من خلال اتصال هاتفى جرى بينهما يوم الجمعة الماضي عن الشأن السوداني بهدف الوقوف الفوري و الدائم لإطلاق النار و إنهاء الحرب و الأزمة السياسية، من خلال العودة إلي المسار السياسي و الوقف الفوري لإطلاق النار.. أن المارسون الذي تشارك فيه القوى و الدول التي تدعم ميليشيا الدعم بهدف إيجاد حل عبر التفاوض الهدف منه هو محاولة إلي إرجاع عجلة العربة إلي محطة الاتفاق الإطاري الذي تجاوزته الأحداث. الآن الحديث عن تفاوض أو العودة إلي منابر الحوار القصد منها هو الوصول إلي ” تسوية سياسية بين الجيش و الميليشيا” و هذه العودة سوف ترجع القوى السياسية التي كانت مشاركة “الاتفاق الإطاري” الأمر الذي تجاوزته الأحداث حيث أغلبية الشعب يقف الآن مع القوات المسلحة، و ليس هناك أي مؤشرات تبين أن الجيش باحثا عن مفاوضات بل يرفض وجود الميليشيا عسكريا و سياسيا، و هذه الإشارة تكررت عدة مرات على ألسنة القيادات العسكرية و مقصدها معروفا..
و في محطة أخرى كان المتحدث الرسمي بأسم ” تقدم” بكري الجاك قال أن الجيش و الميليشيا قد وافقا على العودة لمنبر جدة بعد اسبوعين، لكن المتحدث لم يوضح المصدر الذي استقى منه المعلومة التي تؤكد موافقة الطرفين، و ربما تكون ذات المصدر الذي أكد له من قبل أن الميليشيا استلمت سلاح المهندسين بإم درمان.. أما التسوية عبر التفاوض رغبة عند كل عضوية ” تقدم” أن تعيد التسوية الميليشيا للساحتين العسكرية و السياسية، و هذه التسوية تعني تأجيل للحرب مرة أخرى..
و في حديث عبد الله حمدوك رئيس ” تقدم” لقناة ” فرنس 24″ أيضا تحدث عن سعيهم من أجل موافقة الجيش على التفاوض، و أكد حمدوك أنهم يعتقدون أن الحرب لن تنتهى بانتصار أحد الطرفين. و بالتالي يجب الجلوس و التفاوض.. و قال لابد من توحيد كل المبادرات في مبادرة واحدة للوصول لحل لوقف الحرب.. المعلوم أن ” تقدم” ليس الهدف عندها النهائي هو وقف الحرب بل الرجوع إلي “الاتفاق الإطاري” من خلال مشاركة حزبية و منظمات مدنية يتم اختيارها من قبل ” تقدم” لماذا العقل السوداني يتحنط تماما في الفعل السياسي، ألا يعتقد حمدوك و الذين معه أن الحرب مرحلة من اخطر الأزمات التي تمر على البلاد، و أن علاجها و علاج السياسة لابد أن يتجاوز كل الأسباب التي أدت إليها، و أيضا الذين تسببوا فيها، فالحرب لابد أن تخلق واقعا جديدا، و قيادات سياسية جديدة. قيادات لا تكون ذات حمولات خلافية، و توجهات متطرفة تميل إلي الإقصاء، بل قيادات تؤمن أن البلاد لا يمكن أن تستقر إلا من خلال وصول أبنائها إلي توافق وطني يؤكد فيه الجميع على التبادل السلمي للسلطة، و في مواقيت محددة دستوريا بهذا التبادل..
لا اعتقد هناك سودانيا واحدا رافضا لوقف الحرب، و لكن رفض الحرب ليس شعارا يقف تحت رايته المواطنون لكي يهتفون به فقط… وقف الحرب يجب أن يؤكد عدم رجوع الميليشيا عسكريا و سياسيا، و خروجها من كل منازل المواطنين و مؤسسات الدولة الخدمية و غيرها، و إرجاع كل ما نهبته و سرقته من المواطنين.. لكن للأسف أن عضوية ” تقدم” ترجح السلطة على حقوق المواطنين، و هي في سعيها لا تملك إلا شعارا مرفوعا لا يقنع المتضررين منه، و كان يمكن أن يقنع حمدوك الشعب إذا ظل يدافع عن سلطته، لكنه قال في خطاب معلن و منقول على كل القنوات العالمية ” أرد اليكم أمانتكم” في الوقت الذي كان يجب فيه أن يقود الذين رد إليهم أمانتهم للعودة لطريق الثورة، لكنه ذهب في حال سبيله، عاد بعد الحرب مجبورا لخدمة أجندة غير متطابقة للتي جاءت به رئيسا للوزراء، أجندة لها أنتماءها و انحيازها، و ظهر في أول عمل هو توقيع ” إعلان أديس أبابا السياسي” مع الميليشيا و اصبح هذا الإعلان هو الذي يحدد طريق مساره، و هي الأجندة التي ليس لها علاقة بالأغلبية في السودان التي تخرج لتناصر الجيش في كل ولايات السودان، حمدوك قد حدد وجهته و معه عضوية تقدم، و من حق الأخرين أن يحددوا وجهتهم بالوقوف مع القوات المسلحة..
أن الجيش يقع عليه عبء الحفاظ على وحدة السودان، و الوقوف ضد أي محاولات خارجية لتمزيق البلاد و ضرب نسيجها الاجتماعي، و يقع عليه أيضا حفظ الأمن و الاستقرار الاجتماعي و السياسي في هذا الظرف الخطير الذي تمر به البلاد. لذلك الجيش وحده هو الذي يفتي في قضية الحرب.. و الواقع سوف يخلق قيادته السياسية الجديدة التي يجب أن تتجاوز كل أخطاء التجارب السابقة لكي تؤسس للجمهورية الثانية.. و نسأل الله حسن البصيرة..