ديل أهلي.. إنتصر منتخب السودان ونال منتخب الجنوب كأس العالم في الاخلاق والمثل والقيم والتسامح.
الحلقة الأولى
دكتور عبدالوهاب همت
جسد فيلم وداعاً جوليا بحق وحقيقة واقعاً ماثلاً ظل الناس يتفادون التحدث عنه بهذه الجرأة، وخاصةً أهل الشمال ما جعل الأمر يدخل أضابير المسكوت عنه وتغلق هذه الأضابير بإحكام شديد.
صادفت مشاهدتي للفيلم خلال الايام الماضية إرهاصات مشاركة منتخبي السودان ( الشمالي) الجنوبي.
لأهمية وجلال المناسبة وتاريخيتها كان أن شرف المناسبة فخامة الرئيس سلفاكير ميارديت والذي قام بإفتتاح الاستاد وفي كلمته ذات التركيز العالي رحب بمنتخب السودان في أي بقعه من أرض الجنوب ، وقال نحن شعب واحد ، وهذه جملة عميقة المدلولات قاسم شعب الجنوب الشمال همومه ولقمة عيشه وخصص جزءً كبيراً من وقت ومال وفكر جنوب السودان، وسعى بكل مايمكن لانجاح مفاوضات سلام السودان.
المنتخب الشمالي ظل ولفترة غريب ديار وغريب أهل ، لكنه وياللفرح سجل إنتصارات داويه جعلته في قلب منافسات القارة الأفريقية المؤهله لكأس العالم،
من محاسن الصدف أن أوقعت القرعه منتخبي الشمال والجنوب في مجموعه واحدة، وكان في هذه الواقعه دروساً ومواعظاً وعبر ستظل محفورة في الذاكرة والوجدان والتاريخ المشرف للشعب السوداني بشقيه الشمالي والجنوبي.
يقول الجكومي ( إقتنصت فرصة تواجد السيد توت قلواك المستشار الأمني لفخامة الرئيس سلفاكير ميارديت في بورتسودان وطلبت منه المساعدة في أمر المنتخب السوداني والذي لايمتلك شيئاً وكان رد صديقي توت كما عهدناه، “ياجكومي مافي مشكلة يا أخوي”) وكان السيد توت أصدر تعليماته لمن يهمهم الامر في الجنوب.
قامت حكومة الجنوب بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت راعي الرياضة وجه بحسن الضيافة وفي جوبا وجدوا ان الاتصالات التي قام بها السيد المستشار توت قد أسفرت عن توفير السكن لكل بعثة المنتخب ومرافقيه في أفخم فندق في مدينة جوبا ، إضافة الى الاعاشة وتهيئة كل سبل الراحة منذ أن وطأت أقدامهم أرض الجنوب ووجدوا الوجوه البشوشه والابتسامات الساحرة من المواطن الجنوبي نساءً ورجالاً ، والشباب يتدافعون لإلتقاط الصور مع لاعبيهم المفضلين من الهلال والمريخ والتغني لهم ومعهم، ولم تنقطع زيارات المسئولين الجنوبيين من الوزارت المختلفة زارهم كذلك وزير الاستثمار المريخابي الصارخ السلطان دكتور ضيو مطوك متفقداً ومتابعاً لأحوالهم .
يقول الاخ الصديق ماركو دينق وهو شاب ينتظره مستقبل مشرق في دنيا السياسة وهو قيادي طلابي سابق وعضو في لجنة سكرتارية التفاوض في سلام السودان مع بقيه رفاقه ( نحن لن نتنازل عن الشمال وكذلك الشمال لن يتنازل عنا، وسأضرب لك مثلاً إفتتاح استاد جوبا ظل مؤجلاً لفترة طويلة وكان التفكير في أن يتم إفتتاحه بمشاركة فريق شمالي ، وعندما أوقعت القرعه منتخبنا والشمالي في مجموعه واحدة جاءنا الحل الذي كنا نسعى له وننشده ولم نجد أفضل من هذا الخيار وإكتملت فرحتنا عندما تمت الموافقه وإنحسم الأمر ، وكيف لنا أن نكون بعيدين عن بعضنا ونحن أخوة الدم والثقافه والعوامل الاخرى الكثيرة المشتركة مابيننا.
، ريتشارد جاستين وجمعه جينارو أتير توماس ، خميس جوزيف ، خميس مارتن ، قود فري سجلوا زيارة للمنتخب الشمالي وظلوا على تواصل معهم ، بالمقابل لم ينسى اتحاد كرة القدم تكريمهم وكذلك تكريم قادة الاتحاد الذين عملوا في السابق في الشمال ، والرياضة سفارة لكنها بالنسبه لنا في الجنوب والشمال المزيد من الترسيخ لعلاقاتنا الازليه ، أن يشارك منتخب الشمال وبحضور رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم فهذا شرف لايدانيه شرف، المشجعين من الطرفين في حيرة من أمرهم لكنهم سيشجعوا الفريق.
أجمل مافي الامر في حالة الهزيمة او الانتصار هو أن اسم السودان سيظل موجوداً).
استاد جوبا إكتسى بحلة زاهية من الالوان ، إمتلأت مدرجات الاستاد بشكل كامل وكثيرين لم يجدوا أماكن للجلوس، كان الكل في لحظة نشوة حقيقية والمباراة لم تبدأ ، وشعور الجميع موزع بين الفريقين التلويح بالايدي وقبضتها إشارة لأخوة الدم ، الشباب من الجنسين بفاخر الثياب لمّ لا والعيد عيد الشمال والجنوب ، لاتوتر في الاجواء ولاعصبيه في التشجيع، في لحظة نزول الفريقين الشمالي والجنوبي قوبلا بعاصفة من التصفيق وحالة من الفرح الطاغي بالهتافات والرقص والاناشيد، الاعلام تتماوج والحشود البشريه تتمايل معها.
عند أداء لاعبي الشمال السلام الجمهوري ردد معهم الجمهور الجنوبي السلام كلمة وراء كلمة واضعين أياديهم فوق قلوبهم رددوا النشيد بصوت واحد حتى النهايه ، وجاء ترديدهم للنشيد من دواخل أعماق في مشهد تاريخي مهيب.
يقول أحد المشجعين عبر شريط ڤيديو متداول بكثافة ( كنا نتمنى أن تكون المباراة ضد فريق أي دوله فلتكن كينيا يوغندا، أثيوبيا لنحتفل عندما نحرز هدفاً فرحاً حقيقياً ، لكن كيف نحتفي إذا احرز الجنوب هدفاً أو العكس لكننا في ورطة حقيقيه).
الله يجازي اللي كان السبب. (( هذا عنوان جانبي عريض))
بعفويه صادقة ينطلق هتاف صادق وعفوي يدمع الاعين وينزف القلوب، فجأةً ودونما أي مقدمات يخرج الهتاف الداوي الذي يجعل فرائض الانسان ترتعد لعظمة وجلالة الموقف ( نحن أخوان مهما كان) الله يجازي أخوان الشيطان ، هذا إعتذار. حقيقي وصادر بأمر الجمهور لم يصدر من حزب ولاحركة ولانقابه ولا مجموعة ، وهذا كان هتاف المساطب .
جماعة الاخوان المجرمين الذين حكموا السودان ورمزهم السفاح المختبيء الان الهمبول البشير ومن اتوا به ومن وقفوا خلفه هم من عذبوا وشردوا ودمروا وأذلوا الشعب السوداني وتحت الشعارات الوهمية بإسم الدين والعروبه ودونما أي أسباب أشعلوا النيران في جبال النوبه وفي جنوب السودان وساهموا بتخطيط مسبق ووعي كامل لفصل الجنوب عل ذلك يفتح لهم أبواب الإنتماء للنقاء العربي والاتحاق السريع تحت أذيال العروبه ، ولكنهم ولتعاستهم ولمكر العرب الدائم لطالوا العروبة ولا تمسكوا بعروبتهم ، تقول سناء إحدى تعيسات الكيزان ( بإنقسام الجنوب فدولتنا عربيه صرفه) ، وهذه عروبه لاتوجد الا في أخيلة الكيزان المريضة.
المصورة الفوتوغرافية أكوات جون والتي تربت مابين مصنع سكر عسلايه والخرطوم ( أنا شجعت الفريقين وسوف أظل فإنتمائي صادق للطرفين اخواتي واخواني اصدقائي وصديقاتي منتشرون في كل السودان الكبير بشقيه ، علاقاتنا متواصله وممتدة ، عندما مرضت أثناء فترة المفاوضات التي كنت اساهم في تغطيتها في الخرطوم وجدت الجميع يحفونني بعطفهم ورعايتهم ومتابعتهم وهواتفهم وإتصالاتهم التي لم تنقطع عني لحظة زارني اعضاء في مجلس السيادة ومجلس الوزراء والاعلاميين وممثلو حركات الكفاح المسلح، كانت هي وقفة السودان بأهله لافرق بين شمال أو جنوب)
أكوات المصورة المثابرة المجتهدة المتطورة تحمل كاميرتها وتجدها في كل المناسبات السياسية والاجتماعية والفنيه فهل تمثل نهر النيل وهي نخله وأبنوسه متجسدة في شخص واحد هي أكوات جون
تكون في استقبال وزيارة وتفقد كل الوفود القادمه الى جوبا وتفعل الشيء نفسه عندما تكون في الخرطوم. تنتظر توقف الحرب لتتجول بكاميرتها مابين الشمال والجنوبي وهي تغضب وتضحك في آن واحد بقلب طفله .
مجموعة من المشجعات والمشجعين رددوا على لساني السر قدور وابراهيم الكاشف وبصوت واحد ( أنا إفريقي أنا سوداني) وهي أغنيه كالنشيد توحد الوجدان والشعور بكل عفوي.
مافي شمال بدون جنوب ومافي جنوب بدون شمال كلنا إخوان.
هذا مقطع لاغنيه شهيرة للفنان صلاح مصطفى ظل يرددها الشعب السوداني ويتجاوب معها بشكل كبير مطلع الاغنيه يترجم نفسه.
ملك الغناء الشعبي الراحل المقيم محمد أحمد عوض غنى ( جوبا مالك عليّ ، جوبا شلتي عينيّ)
فهل هناك أغلى من العينين؟
ونواصل