*السيد عضو مجلس السيادة المختص*.
*السيد وزير الطاقة والنفط* .
*السيد والي ولاية البحر الاحمر*.
*كهرباء بورسودان ومياهها*
لم يكن في خلد توماس أديسون، وهو يحاول 99 مرة ان يخترع المصباح الكهربائي ويفشل، ثم يخترعه في المحاولة ال 100، قبل 150 عاما ان يشكل اختراعته مشكلة لشعب السودان المتطلع لحياة كريمة.
لم يكن في أحلام كل سياسيي العالم أو مسؤول من الذين يتبارون في حملاتهم الانتخابية بتقديم الخدمات للمواطن مجانا أو أقرب للمجانية بأسعار رمزية، إن هناك مسؤول لا يعرف كيف يوفر اهم تلك الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه، وعلاج وتعليم الخ، أو ربما لا يهتم من الأساس، ويتحجج بالحرب أو ضيق الإمكانيات الخ ايضا.
لم يكن في خَلد العلماء والمهندسين العالميين الذين يضغطون على المسؤولين السياسين بتمليك الرأي العام للمعلومات بانه يمكن حل مشكلاتهم بطرق أخرى أكثر فاعلية واسرع نتيجة من تلك المستخدمة حاليا، ولم يكن في خلدهم ان علماء ومهندسي دولة تملك كل أنواع الطاقة المتجددة ما زالت تولد طاقتها حراريا بل تتوسع فيها.
حيث من المعروف أن صناعة الكهرباء في السودان بدأت عام 1908 بطاقة 100 كيلوات.
ورغم ذلك ظل قطاع الكهرباء في السودان في حالة أزمة طوال السنوات خاصة القليلة الماضية. فبالإضافة إلى نسبة 60% من الشعب السوداني التي ظلّت تعيش في ظلام دامس، يعاني ملايين السودانيين اليوم من ساعات انقطاع التيار المستمر (بين 7 الي 14 ساعة في اليوم حسب بيان ناس الكهرباء اليوم *لمدينة بورسودان العاصمة الإدارية للبلاد* ). بالإضافة لزيادات التعرفة المتكررة والتي وصلت إلى 13,000% لبعض الفئات.
لم يدر في عقل احد من المسؤولين في دول جوارنا المشابهة لحالنا ان الحلول المتخذة من قبل مسؤولينا ستكون متعجلة، وإن هناك 60% من الشعب محروم من الوصول إلى الشبكة القومية، حيث تفاقمت فجوة الإمداد القومي بفعل *زيادة معدلات الاستهلاك* (( غير المرصودة وغير الموجهة للحد منها (عيارة ومدنها سوط))، *السنوية الكبيرة نسبياً، بمتوسط* 10% سنوياً، ما وضع القطاع تحت الضغط المستمر لتوفير مزيد من السعة الكهربائية. تمت الاستجابة لهذه الضغوط بتشييد المزيد من *المحطات الحرارية* باعتمادها الكبير على الوقود المستورَد، (( وليته كان وقودا رخيصا، فمن المعلوم ان محطاتنا الحرارية تعطي شوكلاته (تعبير استخدمه وزير سابق في حوار خاص معه، حين قال ان محطاتنا تستخدم
ديزل 180 بدلا من أن تستخدم 380 الارخص، وكأن ان تطعمها شوكلاته. (MARINE FUEL OIL HFO , CST 180 – 380
). لان الفُنْيات المتوفرة بها لا يمكنها استخدام ال 380،،في حين يمكن تغير تلك الفُنْيات والتي تكلف الواحدة منها 10 دولار فقط، لتمكنك من استخدام وقود ارخص سيوفر ملايين الدولارات.
*حيث ستولد المحطات الحرارية الجديدة* إضافة تقدر بأكثر من 1500 ميقاواط حرارية بين عامي 2008 و2019. وتُقدر تكلفة الوقود المستهلَك للقطاع في 2017 ب 1.3 مليار دولار، ما جعل نسبة الدعم الحكومي للقطاع 15% من منصرفات الدولة. دعك من الانبعاثات الكبيرة، من ثاني أكسيد الكربون التي تضر بالبيئة!!!! .
بالتأكيد تنظر الدول الكبيرة العظمى لنا بعين الاشفاق، ويعتصرها الألم حين نعلم ان توليد معظم الكهرباء في أمريكا مثلا عن طريق الغاز الطبيعي والمصادر المتجددة والفحم والطاقة النووية في عام 2022. وتشمل مصادر الكهرباء المتجددة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية. (وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية) ،
واذا ما قارنا أكبر ثلاث دول في العالم من حيث الاستهلاك عام 2022 سنجدها هي كانت الصين كأكبر مستهلك للكهرباء في العالم، حيث استخدمت أكثر من 8539.69 تيراواط/ساعة. وتليها الولايات المتحدة باعتبارها ثاني أكبر مستهلك، حيث تم استخدام أكثر من 4128.18 تيراواط/ساعة في ذلك العام، وجاءت الهند في المركز الثالث بهامش كبير. فهل ( *تقطع الكهرباء* ) في هذه البلدان أم ان النظام الإداري والفني عندهم لا يعرف هذا المصطلح، وإن المسؤول يخشى على سمعته قبل منصبه،
من أهم تمظهرات سنوات النفط في السودان (1999-2011) كان التغيير في أسلوب الحياة للطبقة الوسطى الحضرية. الخرطوم الكبرى، العاصمة التي تؤوي 20% من سكان البلاد (حوالي9 مليون شخص)، وان أهم الصناعات والخدمات والمعاملات التجارية، تستهلك 60% من إمداد البلاد الكهربائي. يذهب 60% من هذا الاستهلاك أيضاً للقطاع السكني الذي يستوحي معماره من دول الخليج الأخرى، حيث استُبدل المعمار التقليدي القائم على *مواد من التراب البارد والساحات الفسيحة وجيدة التهوية الملائمة للمناخ الصحراوي للسودان*،، *بغابات خرصانية من المباني الرأسية رديئة التهوية* – ما يجعل نسبة كبيرة من مواطني المدينة تعتمد بالكامل على أجهزة التكييف عالية الاستهلاك الكهربائي، حيث تصل معدلات الطلب في الصيف ضعف ما هي في الشتاء. لكن وعلى عكس الخليج، فإن القوانين الصارمة والمؤسسات المنظمة للمباني ولتصنيع واستيراد الأجهزة الكهربائية غائبة بالكامل، حيث يصل معدل استهلاك المنزل الواحد 308 كيلو واط/ ساعة في الشهر، أو مايقارب ستة أضعاف المتوسط لإقليم أفريقيا جنوب الصحراء. لتبقي هذه كإحدى إمكانيات تحسين كفاءة الطاقة.
تقوم معدلات الاستهلاك الحضري المرتفعة هذه بالضغط على القطاع من جانب، كما أنها تمارس ضغطاً سياسياً للحصول على إمداد أكثر استقراراً من الجانب الآخر. دفع هذا الضغط في القطاع باتجاه الحلول المتعجلة والطارئة، مثل الزيادة الكبيرة في السعة الحرارية السابق ذكرها والتي *كانت تنوي الخطة الخمسية* الموضوعة في 2018 في عهد البشير تكرارها بالتخطيط لزيادة السعة المتوفرة بـ 8.7 قيقاواط إضافية، 60% منها من المحطات الحرارية. تمت مراجعة هذه الخطة بواسطة *البنك الدولي* في تقريره31 المنشور في منتصف 2019 والذي تم فيه عرض الوضع الحالي للقطاع وتوصيات إنعاشه. ونسبةً لأن هذا التقرير يخدم الآن كمرجع لإصلاح قطاع الكهرباء، نستعرض أهم ملامحه التي تمثلت في النقاط التالية.
1.*رفع الدعم عن تعرفة الكهرباء*.
2.*المزيج الطاقي للسعة المستقبلية. وذلك* ب:
(1) خفض التوليد الحراري.
(2) المحافظة على التوليد المائي
(3) زيادة التوليد بالطاقات المتجددة الشمسية، الرياح.
(4) الربط الشبكي الإقليمي.
3.*إشراك القطاع الخاص*.
إن وضع توليد الطاقة الكهربائية، وتوزيعها من خلال الهيئة القومية للكهرباء (بشركاتها الخمسة، و جيشها الجرار ومنصرفاتها العالية) يجب إعادة النظر فيه.
*ثقتنا كبيرة* في مسؤول مجلس السيادة الانتقالي، *وثقتنا كبيرة* في الوزير المختص *د. محي الدين نعيم*، فكلاهما سيجدان الحل الناجع لمشكلة كهرباء بورسودان القديمة المتجددة.
وسيفكران في آليات خارج الصندوق (بعيدا عن الباخرة المستأجرة، وبعيدا عن ولاية الهيئة القومية للكهرباء).
ولا أعتقد أن البحث عن تيار كهربائي مستقر ومستمر يحتاج إلى اموال طائلة، طالما هناك *نظام البوت*، بأنواعه المتعددة، وهناك *جهات خاصة* داخلية وخارجية يمكنها الدخول في هذا المجال اذا ما اتيحت لها الفرصة بعيدا من الحسابات الضيقة، وبعيدا عن الحسابات السياسية، وبعيدا من لوبيهات الفساد. ويمكن أيضا التفكير في *ولائية* الكهرباء.
والله تعالى أعلم
والله المستعان
*لواء ر. بح. (م) د. إسماعيل ابوشوك*
*18 يونيو 2024*