دفعتني الاوضاع التي تعايشها معتمدية اللاجئين لهذا النقاش مع وزارة الداخلية وقيادتها المحترمة ممثلة في اللواء معاش خليل باشا سايرين، ودفعتني ايضا المكانة الهامة والعلاقة الرفيعة التي تجمع الوزارة مع المعتمدية المسماة بالقانون “تقع تحت اشراف وزارة الداخلية”، وحتي اكون اكثر دقة وصراحة فان امرا ثالثا وهاما رغم مثالبه يتعلق بثمة دور أبوي يتجاوز الاشراف نحو سلب معتمدية اللاجئين إستقلاليتها، وهو ما يقود دائما لتوتر العلاقة بين الوزارة والمعتمدية
ويتفق معي الكثيرين ان وزارة الداخلية باداراتها المختلفة خاصة الشرطة، والسجل المدني، ذات صلة وثيقة مع برامج وملف اللاجئين، وحتي هيئة الجمارك، وبذلك فان مساحة التواصل كبيرة، واكثر من ذلك فان وزير الداخلية لديه مكتب وسكرتارية ومدير مكتب داخل مباني معتمدية اللاجئين “الرئاسة” يستغله لكل ما يتعلق باجراءات اللجوء ..والوقوف علي تنفيذ برامج الادارة، وبالتالي فان هذه العلاقة المتداخلة، والمليئة بالعمل تحتم علي الوزارة ان تدرك الحدود والفواصل بينها ومعتمدية اللاجئين، وبالمقابل تملي علي المعتمدية الإمتثال لإختصاص الاشراف بقضه وقضيضه لا تنقص منه شئ
في الفترة الاخيرة بدأ كما لو ان هنالك سحابة صيف قد غطت علي العلاقة بين الطرفين، ما دفع الوزارة للتجديف فوق اختصاصها، وإستخدام سلاح محرم يتعلق بالعمل علي تغيير قيادة المعتمدية بطرق تتجاوز اختصاصها المتعلق برفع توصية، لا استخدام نفوذ، او محاولة تأثير علي الامانة العامة لمجلس الوزراء او اي اسباب وممارسات اخري كانت تسعي لاقالة المعتمد دون الطريق الوحيد لاقالته وهو صدور قرار من مجلس الوزراء باعفائه
تلك الممارسات من الواضح انها قادت لتجفيف شرايين واوردة العلاقة الممتدة بين الوزارة والمعتمدية، كما ان البعض ذهب لاتهام الوزارة بانها اضحت جزء من ضد، بينما المعتمدية كما اسلفنا تتبع لها .. وتشرف عليها، واعتقد ان اي خلاف حول قضايا اللحوء الذي تمثله المعتمدية، يجب ان يكون مسرحه ردهات الوزارة والمعتمدية، وليس دخول اطراف ثالثة تتعلق بسماع اصوات مقربين، وزج قضايا الخلاف الشخصي في العمل المؤسسي، ان هذا الامر بات واضحا في القترة الاخيرة التي وصلت لاستصدار قرار باحالة المعتمد الحالي علي موسي عطرون للمعاش، والجميع يعلم انه تعين علي وظيفة سياسية، وبقرار سياسي وانه ومهما كان من امر محاولات لي ذراع الحقيقة، فان وظيفة المعتمد غير خاضعة للمعاش، بل ان جل من تعين عليها طوال السنوات الماضية من المدنيين كانوا خارج الخدمة العامة واخرهم المعتمد الراحل عبد الله سليمان
ان الامور بهذه الصورة من تقاطعات، لن تمضي، وسيدفع الثمن ملف اللجوء نفسه، في ظل حالة التوتر، وسيتوقف العمل كذلك، وربما تعجز الحكومة من السيطرة علي هذا الملف الخطير والحساس، وتضيع الفرص التي توفرها المنظمات والمانحين لمساعدة البلاد لمقابلة التدفق والوجود الاجنبي بمدن البلاد، خاصة وانه مع هذه الحرب التي اشعلتها المليشيا المتمردة مع المواطن والحكومة ومؤسسات الدولة الشرعية ، تصبح هنالك بيئة مواتية لانحراف ملف اللجوء واللاجئين وستكون في النهاية استغلال المليشيا للاجئين كمقاتلين ولو بالإكراه، كما ظهر ان هنالك مقاتلين اجانب وسط المليشيا
لقد كان من غير المنطقي ان تلجأ وزارة الداخلية لعمل لجنة لتقييم الوضع في معتمدية اللاجئين، ولا يتم تمثيل شخص واحد من الادارة، ومهما يكن من مبرر فان تكوين اللجنة بصورته الآحادية التي تمت ينبئ بعدم تعاون وتبييت نية ما واتخاذ قرار في الظلام، فمهما كانت قرارات اللجنة وحتي لو وجدت ان هنالك فسادا اداريا في المعتمدية ، ستظل تفتقر لتمثيل الطرف الاصيل حتي تنال صفة الحياد، واعتقد ان وزارة الداخلية لن تلجأ لتكوين لجنة لمراجعة عمل الجمارك دون ان يكون هنالك ممثلا للهيئة .. كان ذلك باب خلاف يجب اغلاقه بالقانون، وروح القانون، لكن يبدو ان هنالك من يعبث باعدادات المكتب التنفيذي لوزير الداخلية، ومن يسيطر علي القرار داخله، ويحرك قطع الشطرنج حسب رغبته لا بقواعد اللعبة
اخر النقاش، لقد كان واضحا ان الضخ الاعلامي الذي تم من الطرف الثالث وهو يحظي بعلاقة ما مع وزارة الداخلية، سيخلق إزعاج لقيادة الدولة العليا التي تنشغل بملفات كبري، ومنشغلات من اجل ان تكون بلادنا او لا تكون، كما انه يشير لضعف في الاشراف علي هذا الملف خاصة من قبل الوزارة، فالأجدي الظهور بمظهر وجوهر الاتفاق، وحلحلة القضايا دون تأثير من اي جانب خارجي، خاصة الاستكتاب الذي يتم في الوسائط والمواقع، وهو يظهر عدم نضج، وتأثير سياسي اعلامي مقصود، فالدولة تتعامل وفقا لحيثيات ووقائع وتقارير اداء، وليس لمغامرات شخصية، وموجدات تعاطف، لذلك فالأجدي وثقتنا كبيرة في وزير الداخلية ان تتم حل هذه المعضلة، والصبر علي تقديرات العمل الاداري من جانب معتمدية اللاجئين رغم مراراتها، والخضوع والإنصياع للعلاقة البينية التي تربط وتجمع مؤسسات الدولة وفقا للقانون.