الميليشيا تستمر في نهجها بتدمير البنية التحتية للبلاد،،
حريق قاعة الصداقة،،
استهداف “صالون السودان”..
تنديد واسع، واستنكار شديد اللهجة يهزُّ التايم لاين..
محاولة لتدمير تأريخ العلاقات الأزلية التي ظلت تربط السودان بالصين..
مدير القاعة الرئاسية: الصينيون يفخرون بقاعة الصداقة كنموذج لمهارة العامل الصيني..
ظلت مزاراً للوفود الأجنبية، ومعلماً تأريخياً وسياحياً وثقافياً جاذباً..
ثقة في مشاركة الصين السودان في إعمار ما دمرته الحرب..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
مواصلةً لحلقات مسلسل تدمير البنى التحتية في السودان، أقدمت ميليشيا الدعم السريع المتمردة، على حرق قاعة الصداقة بالخرطوم، في انتهاك صريح وواضح للقانون الدولي والإنساني، وضرباً بكل الأعراف والمواثيق التي تشدد على عدم التعرض للبنى التحتية في الصراعات والنزاعات المسلحة، وضجَّ التايم لاين بحادثة حريق ميليشيا آل دقلو لقاعة الصداقة بالخرطوم، حيث أعرب عدد كبير من رواد منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية عن استيائهم البالغ واستنكارهم الشديد للواقعة التي قالوا إنها تعبّر عن حالة اليأس التي وصلت إليها الميليشيا المتمردة باستهدافها الصروح العريقة، والمؤسسات التأريخية والمهمة في العاصمة الخرطوم.
طراز سوداني صيني:
وتعتبر قاعة الصداقة الواقعة في محيط ملتقى النيلين النيل الأزرق والنيل الأبيض مقابلةً لجزيرة توتي، واحدةً من الصروح المهمة في العاصمة الخرطوم، وتعدُّ من المعالم التأريخية والثقافية في البلاد، وتتميز بطراز عمراني عتيق، وهي واحدة من ممسكات العلاقات الأزلية التي ظلت تربط ما بين جمهورية السودان وجمهورية الصين الشعبية، حيث قدمتها الأخيرة هديةً للشعب السوداني ضمن سلسلة من المشاريع التنموية التي نفذتها ومولتها دولة الصين خلال ازدهار العلاقة بين البلدين والتي انطلقت منذ سبعينيات القرن الماضي، فبعد زيارة ناجحة للرئيس الراحل جعفر محمد نميري إلى الصين، تم اقتراح بناء قاعة الصداقة رداً على طلب من الرئيس نميري الذي كان قد أعجب بقاعة مماثلة في الصين، فتمت الاستجابة له بإنشاء قاعة مؤتمرات متعددة الأغراض في الخرطوم، وتم تصميم المشروع من قِبل الصين وهو يجمع ما بين الطرازين السوداني والصيني، وأُطلق عليه اسم “قاعة الصداقة” لتكون بمثابة ذكرى خالدة تحكي عن أواصر المحبة، ومتانة العلاقة التي ظلت تربط ما بين الخرطوم وبجين، حيث تم وضع حجر أساس قاعة الصداقة في العام 1973م، وتم افتتاحها رسمياً في العام 1976م.
أهمية قاعة الصداقة:
وتكتسب قاعة الصداقة أهميتها لكونها تمثل رمزاً للعلاقات الثنائية القوية بين السودان والصين، وتعكس التقدير المتبادل بين البلدين، وقد استضافت قاعة الصداقة بالخرطوم العديد من الأحداث التاريخية المهمة في السودان، بما في ذلك القمم العربية والأفريقية، والاحتفالات الوطنية، والمؤتمرات الدولية، كما كانت مقراً للعديد من الفعاليات السياسية والثقافية التي شهدتها البلاد، وتضم القاعة العديد من القاعات والصالات التي تستخدم لإقامة المعارض الفنية والثقافية، وتم تسمية العديد من القاعات بأسماء رموز وطنية ومناطق تعزز من وحدة وتماسك السودان، كقاعة الطيب صالح، وقاعة الخرطوم، وأم درمان، والبركل، وتوتيل، وجبل مرة، ورغم مرور أكثر من خمسين عاماً على إنشائها، فإن قاعة الصداقة لا تزال تحتفظ بمكانتها كأحد أهم المعالم في السودان، ولا تزال تُستخدم لاستضافة الفعاليات الرسمية والشعبية على حد سواء، كما أصبحت من ضمن معالم الجذب السياحي في الخرطوم، ولعل من أبرز الأحداث والفعاليات التي استضافتها قاعة الصداقة كان مؤتمر القمة الأفريقية عامي 1976م و2006م، والقمة العربية في مارس 2006م، هذا فضلاً عن الاحتفالات الوطنية، والمؤتمرات الدولية، والمعارض الفنية والثقافية.
صالون السودان:
ويندد الأستاذ صابر إلياس عثمان مدير القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة بالخرطوم، بالجريمة الشنيعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وقال في إفادته للكرامة إن هذا العمل الجبان يؤكد حقيقة الإرهاب الذي ظلت تمارسه هذه الميليشيا التي حوّلت بنادقها إلى صدور المواطنين، وانتهكت البنيات التحتية للبلاد في تأكيد صارخ لجرائم الحرب، وأبدى إلياس دهشته من الصمت الدولي الغريب والمريب، وعدم تصنيف ميليشيا آل دقلو كجماعة إرهابية تستحق الإدانة والعقاب، وأكد مدير القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة بالخرطوم أن إرادة السودان حكومةً وشعباً قادرة على إعادة بناء وتأهيل قاعة الصداقة أفضل من ذي قبل باعتبارها تمثل ” صالون السودان” وقبلةً يزورها ضيوف البلاد من مختلف الجنسيات، ونوه الأستاذ صابر إلياس إلى العلاقات المتينة التي ظلت تربط السودان بالصين، مؤكداً ثقته في أن الحكومة الصينية ستكون حريصة على المشاركة في إعمار ما دمرته الحرب، مبيناً أن كل المسؤولين الصينيين كانوا يحرصون على زيارة قاعة الصداقة حتى قبل ذهابهم إلى القصر الجمهوري، منوهاً إلى أن آخر مسؤول صيني زار قاعة الصداقة كان نائب الرئيس الصيني، وقال إلياس إن الصينيين شديدو الفخر والإعزاز بقاعة الصداقة، مبيناً أن الحزب الشيوعي الصيني دائماً ما يضرب مثلاً بقاعة الصداقة لما تمثله لهم من جودة الصناعة الصينية في مجال المعمار حيث إنها ظلت صامدة لأكثر من خمسين عاماً تأكيداً على قدرة المهندس والعامل الصيني في البناء والتشييد.
مخطط إجرامي:
وندد مصدر رفيع بالقوات المسلحة مسلك ميليشيا الدعم السريع وإحراقها لقاعة الصداقة بالخرطوم التي قال إنها تمثل رمزاً للعلاقات المتينة بين الشعبين السوداني والصيني، معتبراً تدمير قاعة الصداقة، محاولةً لتدمير العلاقات السودانية الصينية، وأكد المصدر الذي فضّل حجب اسمه في إفادته للكرامة إن خطة ميليشيا الدعم السريع قامت منذ بواكير الحرب على تدمير البنية التحتية لتدمير السودان، وإنسان السودان، ليعود إلى العصر الحجري، واصفاً المنهج بالمخطط الإجرامي، والذي يدخل ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، باعتبار أن ما تقوم به ميليشيا الدعم السريع باستهدافها للمنشآت والأعيان المدنية والمؤسسات الخدمية يلقي بظلال سلبية على المدنيين المشاركين في تشغيل هذه الصروح وصيانتها وإصالحها الأمر الذي يزيد من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية، ويُرهق قدرات الموارد والثروات التي تذخر بها البلاد، وأكد المصدر أن القوات المسلحة ماضية في طريقها للقضاء على هذه الميليشيا واجتثاث شأفتها من أرض السودان.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فإن الأفعال الجبانة التي تقدم عليها ميليشيا الدعم السريع تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتحاول صبَّ جام غضبها من الهزائم الساحقة والمتلاحقة التي تتلقاها من القوات المسلحة والقوات المساندة لها في تدمير البنى التحتية والمعالم التأريخية والصروح الاقتصادية، وهي محاولات يائسة وبائسة لن تزيد الجيش إلا إصراراً لتسريع الخطى من أجل القضاء على هذه الميليشيا الإرهابية التي تتعامل بمنهج “إذا لم تنتصر فضٌر”، فتبَّت يدها، ويد داعميها من العملاء، والخائنين، والمرتزقة، والمأجورين.