استغل فوضى الاتحاد الأفريقي، ومواقف قادته الهشة فعاث فيه تآمراً..
مواقف حمدوك السياسية تتسم بإظهار خلاف ما يُبطن..
دكتور راشد: لا يوجد منطق يبرر وجود حمدوك الدائم في المنظمة الأفريقية..
البرهان: الشعب السوداني لن يقبل أن تُفرض عليه حكومة، أو يُفرض عليه حمدوك..
تجديد التأكيد ألا مكان لعملاء الخارج داخل السودان بعد اليوم..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
سخر رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان من محاولات بعض الدول إعادة رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك إلى سُدة الحكم في السودان، وقطع البرهان خلال مخاطبته مؤتمر دعم مبادرات ومشروعات التعليم الإلكتروني والبنية التقنية التعليمية بإقليم دارفور، بأنه لا يكن لأحد فرض حكومة على الشعب السوداني من الخارج، مطالباً المجتمع الدولي والإقليمي توفير طاقاتهم ومساعيهم لأن الشعب السوداني قال كلمته بشكل واضح، وهو يكرس كل وقته لدحر المؤامرة التي تستهدف أمنه واستقراره، ووجه البرهان رسالة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة مفادها بأن الشعب السوداني لن يقبل أن تفرض عليه حكومة أو يفرض عليه حمدوك أو أي شخص آخر، متسائلاً: ” كيف تثنى لهم أن يأتوا بشخصيات منبوذة من السودانيين لتنصيبهم مرة أخرى على أهل السودان؟” وقال رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة إن من يريد أن يحكم السودان عليه أولاً الحضور إلى أرض الوطن، والقتال مع الشعب السوداني لدحر التمرد، مؤكداً ألا مكان لعملاء الخارج بيننا بعد اليوم.
تحركات مكوكية:
وشهدت أروقة الاتحاد الأفريقي خلال اليومين الماضيين تحركات مكوكية لرئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك، رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة ” صمود”، حيث عقد حمدوك على هامش الدورة الـ38 للاتحاد الأفريقي عدة لقاءات مع مسؤولين أفارقة داخل قبة الاتحاد هذا فضلاً عن مخاطبته المؤتمر الخاص بالأوضاع الإنسانية في السودان والذي نظمته دولة الإمارات في مباني لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا (UNECAفي حضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، ووركني قبيهو ممثل منظمة الإيقاد، بالإضافة إلى حلفاء الإمارات في أفريقيا ممثلين في الرئيس الكيني وليام روتو، ورئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد، وقال خالد عمر يوسف ” سلك” القيادي بتحالف ” صمود” إن لقاءات حمدوك بالمسؤولين الأفارقة هدف إلى تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية التي يجابهها السودان جراء الحرب، في ظل عدم اهتمام المجتمع الدولي والإقليمي بمعالجة آثار هذه الحرب، وأبان خالد سلك إن لقاءات حمدوك ببعض القادة الأفارقة قد رفعت ما وصفه بالاهتمام الإقليمي بالشأن السوداني.
مواقف متآمرة:
ومنذ اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع بتمردها على القوات المسلحة في الخامس عشر من أبريل 2023م، ظل رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك في حالة حراك متصل مرتدياً ( عدة طواقي) ورافلاً في العديد من العباءات، فتارةً هو رئيس الوزراء المستقيل، وتارةً أخرى رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” وتارةً ثالثة رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة ” صمود”، وبحسب مراقبين فإن ظاهر تحركات حمدوك تتناول بحث السبل الكفيلة لإيقاف الحرب، بينما باطن هذه التحركات يتطلع إلى العودة لمنصة الحكم، من خلال حشد الدعم وإسناد ميليشيا الدعم السريع سياسياً ودبلوماسياً، ومن خلال تأليب المجتمع الدولي والإقليمي وتحريضه على القوات المسلحة والحكومة السودانية، ويتضح ذلك في عدة مواقف، أبرزها رسالته التي بعثها الأسبوع الماضي إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي والتي دعا فيها إلى اشتراط رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الافريقي، بتحقيق تقدم فعلي في وقف الحرب وإحلال السلام، عبر عملية شرعية تؤدي إلى تحول مدني ديمقراطي، وكان حمدوك نفسه قد طالب في نوفمبر من العام الماضي 2024م، بفرض حظر الطيران على السودان من أجل حماية المدنيين العُزل من القصف الجوي، بما في ذلك المُسيَّرات، وإنشاء مناطق آمنة وتفويض ونشر قوات دولية لحماية المدنيين من انتهاكات الحرب التي تعصف بالبلاد.
مفاسد التعامل السياسي:
ودكتور عبد الله حمدوك الذي لا يشغل أي منصب دستوري في بلاده، ظل دائم الوجود في أروقة الاتحاد الأفريقي ومنظماته المختلفة، وهو الأمر الذي يثير الكثير من الأسئلة وعلامات التعجب!، ويرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية دكتور راشد محمد علي الشيخ أنه لا توجد أيُّ أحقية أو منطق يبرر هذا الوضع الذي يتيح لحمدوك الوجود الدائم في أي مستوى من المستويات المتعلقة بالاتحاد الأفريقي، وقال دكتور راشد في إفادته للكرامة إنه من الممكن أن يتحرك دكتور عبد الله حمدوك بوصفه سياسياً ويجري اتصالات بأيٍّ من القادة السياسيين، مثلما يمكن لأي دولة أن تأوي فصيلاً معارضاً لدولة أخرى لديها خلاف سياسي مع الدولة المعنية أو مع النظام السياسي التي ينتمي إليه الفصيل المعارض، ولكن من غير المنطقي ولا الموضوعي أن تقوم منظمة إقليمية كالاتحاد الأفريقي بفتح ذراعيها لتحتضن في تعاملاتها السياسية مثل هذه المواقف التي يبديها دكتور عبد الله حمدوك، ذلك أن الاتحاد الأفريقي يفترض وبوصفه منظمةً إقليمية أن تتعامل مع الدول وليس الأشخاص، ولا يمكن لحمدوك أن يجد له مدخلاً أو ثغرة يلج من خلالها إلى بلاط الاتحاد الأفريقي إلا في حالة وجود أي درجة من درجات المفاسد في التعامل السياسي، وأكد دكتور راشد أن مثل هذه المواقف لا يمكن أن تُشرِّف الاتحاد الأفريقي، أو تُشرِّف الأفارقة، أو تُشرف حتى الشعوب الأفريقية التي يفترض أن يمثل الاتحاد الأفريقي إرادتها.
انتفاء المعايير الأخلاقية:
وأبدى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية دكتور راشد محمد علي الشيخ أسفه الشديد على الدرك السحيق الذي وصلت إليه المنظمة الأفريقية، مبيناً أن الدول الأفريقية في التعاملات السياسية ليس لديها أدنى مستوى من المعايير الأخلاقية التي تفتقرها تماماً لدرجة أن هذه الدول أصبحت قابلة لعملية البيع والشراء، منوهاً في هذا المنحى إلى حادثة كان مسرحها قاعة الصداقة بالخرطوم في العام 2006م عندما احتضنت البلاد القمة الأفريقية السادسة، حيث كان من حق السودان أن يتسلم رئاسة الاتحاد الأفريقي في تلك الدورة من نيجيريا، ولكن تدخل وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك “كونزاليزا رايس” التي كانت في زيارة للخرطوم، دفع الأفارقة إلى منح السودان منصب النائب الثالث للاتحاد الأفريقي، وقال دكتور راشد إنه ومنذ ذلك التاريخ لم يرَ جسد الاتحاد الأفريقي العافية باعتبار أن كل استراتيجيات المنظمة الإقليمية المكتوبة على المستويات الثلاثة سواءً استراتيجية إسكات صوت البنادق، أو استراتيجية التنمية، أو استراتيجية استدامة موارد القارة الأفريقية، قد فشلت جميعها لتلاشي إرادة الاتحاد الأفريقي وضعف قدرته على مواجهة نفسه، قبل مواجهة القوى التي تتعامل معه والتي تتدخل في شؤونه وتصادر سيادة الدول التي يفترض أن يحميها الاتحاد الأفريقي، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ يبدو أن رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك قد وجد ضالته في هشاشة وضعف الاتحاد الأفريقي والفوضى التي كانت ترزح تحت وطأتها المنظمة الأفريقية في ظل قابلية قيادتها السابقة لبيع الضمائر وارتهان المواقف لصالح الأجنبي، ولكن مع وصول قيادة جديدة للاتحاد الأفريقي تتمتع بالخبرة الكافية والنظرة الواعية لبواطن الخلل والمفاسد داخل الاتحاد، نتوقع أن ينقطع دابر المؤامرات والتدخلات الخارجية في شؤون المنظمة الأفريقية ليرعوي مثل هذا الحمدوك ( ويقعد في علبو) ويعرف حجمه الحقيقي، كأفشل سياسي، وأضعف رجل دولة، يجلس على كرسي السلطة في السودان.