*العميد الركن العوض محمد الحسن في ذمة الله*

بعد صبر واحتساب ومعاناة طويلة مع المرض انتقل الى رحمة الله الواسعة بمكة المكرمة الأخ الكريم والصديق العزيز سعادة العميد الركن (م) العوض محمد الحسن .. الضابط المظلي والحاكم والوالي والدبلوماسي والبرلماني والسياسي وشيخ العرب.

كان الفقيد العزيز مثالاً في البذل والعطاء، والالتزام المهني الصارم الذي نشأ عليه وتشربه في مؤسسة القوات المسلحة العظيمة، وفي الفرقة التاسعة المحمولة جوا .. والقوات الخاصة التي كان من نجومها الساطعة .. شهدت له كافة المناطق العسكرية التي خدم بها بالتميز في الأداء، وخصوصاً منطقة جبل أولياء العسكرية، والتي كانت محطة انتقال كبيرة في حياته العسكرية والسياسية، حين وقع عليه الاختيار ليكون أحد العناصر الفاعلة في تنفيذ انقلاب الإنقاذ الوطني صبيحة الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م، فكان من أصلب العناصر التي دعمت التغيير الجديد وثبتت أركانه.

تقلد الراحل العزيز عدداً من المواقع الدستورية والتنفيذية، فكان حاكماً للإقليم الشرقي في العام ١٩٩١، وكانت له أيادي بيضاء على الثورة الارترية والشعب الارتري خاصة في الفترة الأولى لاستقلال ارتريا، وكان يشرف مباشرة على غالبية الاحتياجات اليومية والمواد الغذائية التي يحتاجها سكان العاصمة أسمرا والتي تذهب من كسلا إلى أرتريا.

كُلف بعدها والياً للولاية الوسطى في الفترة من ١٩٩١ حتي ١٩٩٣م، وقام ببناء علاقات كبيرة مع مجتمع مدينة ود مدني حاضرة الولاية وانفتح على مجتمع الجزيرة الكبير بقبائله وطرقه الصوفية وادارته الأهلية، فكانت من أخصب محطات عمله التنفيذي والسياسي.

ثم انتقل بعدها والياً للشمالية في العام ١٩٩٤ عند بداية تنفيذ تجربة الحكم الفيدرالي، ثم اختارته القيادة السياسية ليقوم بمهام سفير السودان في نيجيريا، والتي اجتهد فيها بتمتين العلاقات بين البلدين، وتفعيل دور الجالية السودانية هناك، وتعزيز القواسم المشتركة بين البلدين.

بعد عودته للوطن عمل في مجال الأعمال وأصاب بعض النجاحات فيه، وعند تأسيس حركة الإصلاح الآن في العام ٢٠١٤ كان من أوائل المنضوين إليها وأصبح رئيس المؤتمر العام للحركة، ثم عضواً بمجلس الولايات ممثلاً للحركة في مشاركتها البرلمانية في حكومة الحوار الوطني.

التقيته للمرة الأولى في العام ١٩٩٢ عندما زار أسرتنا في مدينة الكوة وهو والياً للولاية الوسطى وشارك في فعالية تأبين عمنا الشهيد عثمان عمر محمدخير الذي استشهد في معركة تحرير توريت، فكان بشبابه القوي وحضوره الطاغي وهو يرتدي بوري المظلات الأحمر القاني، ويعتلي كابينة سيارة عالية يلوح للناس، ويشحذ الهمم، يجسد عنفوان الثورة والتغيير الذي كانت تمثله الإنقاذ في أيامها الأولى. ثم جمع بيننا العمل المشترك في الإصلاح الآن، فكان الرجل دوحة عامرة بالنصح والتوجيه، والحكمة في معالجة الأمور، ويداً سخية بالدعم هو وآل بيته نسأل أن يبارك الله لهم في مُدهم وصَاعهم.

كانت بيننا حوارات حول تجربته في الحكم والإدارة والدبلوماسية، فالرجل كان فاعلاً في فترة هامة من تاريخ السودان، وهي العشرية الأولى من حكم الإنقاذ، حيث كان من الذين اسهموا بجهد كبير في ترسيخ تجربة الحكم الفيدرالي والانتقال به من الحكم الإقليمي إلى الولائي.

اللهم أرحم عبدك الفقير العوض محمد الحسن، اللهم اغفر له وارحمه، اللهم عافه واعف عنه، اللهم تجاوز عن سيئاته، اللهم وسِّع له في قبره، ونور له فيه، اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته. واجعل البركة في زوجه وأبنائه وسائر أهله.

إنا لله وإنا إليه راجعون

راشد تاج السر عمر

https://www.facebook.com/share/p/1BV4Ju3zSd/

مقالات ذات صلة