…….
الدبلوماسية هي قوة حجة بأسلوب ناعم اخّاذ وساحر، له قدرة فعالة في الإقناع العقلي والتأثير العاطفي، انها مزية فطرية وقد تُكتسبب بالتدريب المكثف، فإن احد الأصحاب قال له النبي~ صلى الله عليه وسلم ~ : {إن فيك خصلتين يحبها الله تعالي.. فقال : أخُلُقَاً تخلّقتُ به، أم جُبِلْتُ عليهما؟.. قال : بل جبلت عليهما}،
فلقد تطور الأسلوب الدبلوماسي بتقادم الزمن وتكاثف التجارب الإنسانية وتراكمها الي أن أصبح ثروة علمية متفرعة تُدرّس في شتي علومها وافرعها، وتُنال فيها ارقي الشهادات العلمية المتخصصة.
(إني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون).. وعندما يُمْعَنُ النظر في سبب استخدام ملكة سبأ لهذا الأسلوب، نجد أن تجربتها تُحدّثها عن تصرفات الطغاة المستبدين كيف كانوا يتصرفون لتختبر وتكتشف من اي الأنواع هذا الذي ارسلت اليه المبوعثين الدبلوماسيين (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية افسدوها، وجعلوا أعزة أهلها اذلة، وكذلك يفعلون)
وكذا لما صدر التوجيه الإلهي الي موسي وهارون حينما بعثهما الي فرعون، قال لهما (اذهبا الي فرعون انه طغى. فقولا له قولاً ليناً، لعله يتذكرُ أو يخشى).
قوة السلطان التي تقود وتسود بالنفذة العسكرية والوفرة المالية، ومن ليس له وازع من ضمير، أو رادع من مثيل، فإنه يطغي ويتجبر، يستعبد ويستعمر.
فالوحي السماوي الذي استمدت منه الأديان السماوية شرائعها، ثم قوانين الأعراف والتجارب الانسانية ذات السوابق والأحكام القضائية الضابطة للعلاقات المجتمعية،تشكل المرجعية الحاكمة لضبط العلاقات الاجتماعية والحكمية علي ممر الدهور والأزمان.
(ولكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً)
(وأمر بالعرف)…. وقاعدة [شرعُ مَنْ قبلنا شرعٌ لنا، ما لم يَرِدْ في شرعنا ما ينسخه]…
ولما كان الناس يتفاوتون في ميولهم ومهاراتهم وهواياتهم التي تشكل ثراء الحياة وتنوعها في العلوم والمعارف واكتشاف أسرار الكون وتطويعها مُطوَّرَة بين الحين والآخر لخدمته وسخرته ولا يزال الإنسان ينقح ويقوم مناهجه التعليمية ومناشطه الرياضية والعسكرية والمعلوماتية، وترقية مستويات الطب الوقائي والعلاج البشري والحيوانية، وادويته المناسبة والتجارب المخبرية المعملية الدقيقة ،،، والانسان بثقافته الجامعة في كل فن علي حدة يشكل منظومة متراصة يخدم بعضها بعضاً، شعراً أو نثراً،، لحناً منشداً ومُغنّي،، رسماً تشكيلياً ومجسماً،، تعكسه كاميرا الدراما المخطوطة الثابتة والمتحركة ومسرحها التمثيلي..
وفي وسائل كسبهم ومعيشتهم يحترفون المهن اليدوية التي تعينهم علي الفلاحة والصناعة والتعدين وإنتاج المعرفة، وفن التفاوض والتسويق وتسهيل الخدمات الحياتية، واستثمار المتعة الطبيعية والتراثية والحضارية
فالغمامة التي تظلل كل هذا الفضاء ثم تمطر علي كل بقعة منه بما يناسبها هي الإدارة والحكمة التي تضع كل هذه الخارطة علي شاشة السبورة وتجتهد في اتقان ربط الخلايا وجذوعها، والأعضاء ووظائفها،، وإعطاء كل عضو ما يناسبه من الغذاء الذي يبقيه سليماً معافاً نابضاً بالحياة،فاذا مرض عضو عالجه، وإذا تلف آخر عوضه، وإذا خرج كوكب عن مساره اعاده،فان السياسة من سايس البهيمة الذي يعرف شرودها من حرونها، وعجفاءها من بدينها، ومن هنا جاء مصطلح.. الراعي والرعية..
ولما كانت الدبلوماسية الناعمة سياسة هادئة ولكنها فعالة لئلا ينفرط العقد بتصادم المصالح المقرون ببعض النزعات الشريرة لدي الطغاة المستبدين بما آتاهم الله من قوة.. (أو لم يعلم أن الله قد اهلك من قبله من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً)..
وفعاليتها تظهر أكثر في قوة جذبها للمصالح الاقتصادية والتبادل الثقافي، وخفض التوترات والنزاعات المسلحة،،
وصناعة التحالفات، والشراكات الحمائية..
والاختيار لها مثلما يكون لمن يضطلع بالقوة العسكرية ان يكون من بعض المكونات المجتمعية التي اشتهرت بالشجاعة، فإن بعضها امهر من غيرها في المسايسة والمداراة.. وان كان احيانأ من يشذ بناءاً علي قاعدة {قد يصدق الكذوب}
لذا يجب أن يكون الاختيار والاختبار هنا لمن هم أقوى حجة وارق اسلوباً واحد ذكاءاً، وأكثر احاطة بالقوانين والمعاهدات والمواثيق، وتقاطعات المصالح، ومراكز القوة.
والمهارة تكمن في حسن استخدام قاعدة:
[التعامل بالمثل في العلاقات الدبلوماسية] .