*اهدأوا قليلاً ..!!* *الطاهر ساتي*

:: ومن الغرائب أن عزيزنا عثمان ميرغني يسأل غاضباً : ( من يسيطر على الخارجية؟..إقالة وزير الخارجية د. علي يوسف دون اصدار بيان أو نشر حيثيات وترك الأمر في عراء التأويلات الجزافية، يعني أن الدولة وصلت مرحلة من اللامبالاة بالرأي العام و حق الشعب في أن يدرك كيف يدار أمره العام إلى أدنى ما هو متصور)..!!

:: لما كان غضب عثمان غريباً لو غضب للذين أُقيلوا من ذات المنصب، وفي ذات العهد، وبذات النهج، قبل علي يوسف.. فالشاهد أن ترتيب علي يوسف في قائمة المقالين – بلا بيان أو نشر حيثيات – الخامس خلال الخمس سنوات الأخيرة، ومع ذلك عثمان لم يغضب سابقاً كما يغضب اليوم، وهذا يعني أن الغضب هنا لعلي يوسف وليس للبلد و النهج ..!!

:: ثم هناك جائزة قيمتها الف ناقة وبعير لعثمان – أو غيره – لو أرشدنا إلى بيان إقالة أو حيثيات إقالة تم نشرها منذ استقلال وحتى يوم اقالة علي يوسف .. أقالوا مئات الوزراء، في عهود مدنية وعسكرية، ولم يصدروا بياناً بالأسباب ولا نشروا الحيثيات، فما الذي يجعل اقالة علي يوسف بدعة تستدعى بياناً ونشراً للحيثيات..؟؟

:: على كل، اهدأوا قليلاً، فما الدكتور علي يوسف إلا وزير قد سلف كالسالفين، له ما كسب وعليه ما اكتسب، فما بالكم – يا عثمان – انقلبتم على أعقابكم تغضبون وتحزنون وتصرخون وتلطمون الخدود وتشقون الجيوب، كأنه أول السالفين؟..لقد اجتهد الرجل بقدر ما يستطيع، فأصاب هنا و أخطأ هناك ثم غادر كالآخرين، فلماذا العويل..؟؟

:: وقبل ثلاثة أسابيع من اقالته، وتحت عنوان (لم يخترق)، كنت انتقدت وزير الخارجية لعجزه عن احداث أي اختراق في دول الضد والحياد، ولتلهفه للاعلام بشكل غريب، ولتعطيله تعيين ملحقين إعلاميين بمحطتي القاهرة وأديس أبابا، وقلت فيما قلت بأن آداء علي يوسف خيّب الآمال و الظنون، و أن هذا الأداء لايتناسب مع سنوات الخبرة الطويلة..!!

:: وبهذه الإقالة لا أقول للسادة بالمجلس السيادي ( أحسنتم) كما يتوقع البعض، بل أقول انهم لم يُحسنوا الاختيار و لم يوفقوا فيه بدليل الآداء والإعفاء .. ونأمل ألا تتكرر هذه التجربة الفاشلة، وسوف تتكرر ما لم يتم وضع معايير و آلية الاختيار، وهذا ما كان يجب أن يكون حديث عثمان و سبب غضبه .. معايير وآليات اختيار المسؤولين هي التي تستدعي السؤال والنقاش والغضب، وليس عدم اصدار بيان عند كل اعفاء و كأنه انقلاب ..!!

:: و لكم تمنيت أن يسأل عثمان غاضباً عن معايير و آليات الاختيار يوم إعلان علي يوسف وزيراً للخارجية ..إن كانت الكفاءة معياراً، فلايحتكرها وحده، وإن كانت الاستقلالية، فهناك الآلاف، وعليه يبقى السؤال المشروع كيف تم اختياره دون الآخرين؟ ..لماذا علي يوسف وليس جمعة زكي ؟.. مين جمعة زكي دا ؟.. المهم، فليفكر الجميع بصوت عال حول آلية تُمكّن المجلس السيادي على اختيار حكومة كفاءات مستقلة طويلة الأجل، بدلاً عن وزير كل ثلاثة أشهر..!!

مقالات ذات صلة