# قلت له: على ايام إدارة الفريق أول محجوب حسن سعد للشرطة السودانية، تحديدا 2006، وأثناء طوافه على الإدارات والأقسام في منطقة وسط البلد، تعثر على لافتة موضوعه بإهمال على واجهة (مبنى بائس) جدا يقع غرب برج الفيحاء، أمر سعادته السائق بالتوقف.. ترجل من العربة ودلف داخلا.. تفقد المكان مكتباً مكتباً وحراسة حراسة.. ولم يجد سوى سيدات اثيوبيات سوف يجئ الحديث عنهن لاحقاً والمكان لا علاقة له بإدارة النظام العام.. !
# يومها أمر السيد المدير العام للشرطة بإغلاق المبنى واستلم مفاتيحه وقال لسكرتيره المرافق: (خلي الضابط فلان يلحقني في الرئاسة) ويعني رئاسة الشرطة بطبيعة الحال، ولكن المثير في الواقعة تلك.. أكثر من عملية اغلاق الادارة.. هو ما وجده السيد المدير في الشارع من ترحاب أثناء مغادرته للمكان.. هتف له البعض تم تسللت عبارات أخرى غاضبة إلى مسامعه: (ناسك ديل بس شغالين توفيق أوضاع لبائعات الشاي الحبشيات.. ما فاضيين ليك) !.
# مما سبق.. يدرك البعض بفطنة الاطلاع والمعايشة للشارع السوداني عن قرب، أنني اقصد (إدارة الأجانب) في الشرطة السودانية… وان أردنا الدقة فإن هذه الدائرة المظلمة تتبع للإدارة العامة للجوازات، وأستطيع أن أقول، من معايشة، أنها ظلت الحلقة الأضعف في جهود مكافحة ظاهرة الوجود الأجنبي غير القانوني، لأنها منذ سنوات، وباختصار شديد، اتخذت من ظاهرة الاجانب، (نافذة جباية) لتحصيل الموارد، وليت هذه الموارد تذهب إلى الخزينة العامة.. !
# ذلك زمان مضى.. زمان كانت فيه الغنائم هي مجرد بائعات شاي وهوى يتم القبض عليهن من الشقق المفروشة وسوق الديم وسوق ستة ونمرة اتنين، ولكن الحكاية التي اتناولها الان، ايها السادة، هي قضية فساد بمعنى الكلمة، بطلة القصة هذه المرة هي دائرة الأجانب الكائنة بمحلية كرري.. وسوف نروي لاحقاً ماذا فعلت.. !
# لا ينكر الا مكابر.. الأثر الظاهر لوجود الأجانب في حرب السودان والعمل كمرتزقة مع المليشيا المتمردة التي استفادت من الأحباش في أعمال القناصين.. بينما عهدت للجنوبيين بأعمال المدفعية التي كانت تستهدف المواطنين.. لكبح ذلك أرادت الدولة ممثلة في قواتها المسلحة والشرطة والأمن والمشتركة وبقية القوات المساندة.. سد ثغرة (الدفرسوار) !!! التي يتدفق منها الأجانب إلى ساحة المعركة… فتم توحيد الجهود للقبض على هؤلاء المرتزقة وبالمرة مساعدة الدولة في إبعاد الذين لم يتورطوا في الحرب ولكنهم تورطوا في وجودهم غير القانوني في أراضي الدولة، وبالفعل نشطت الحملات، وتم تسيير المركبات.. واستنهاض همم الضباط والجنود.. فخرجت هذه الحملات بحصيلة ممتازة كان لها الأثر الايجابي في تحقيق الكثير من الانتصارات ومن ثم تحرير الخرطوم عموم.. ولكن بلغت حالة الغضب مداها وسط القوات.. عندما علموا بأن دائرة الأجانب في كرري لم تكلف نفسها ولم ترهق جهدها بغير توفير ورقة صغيرة يدفع مقابلها الأجنبي مبلغ (تسعون الف جنيه) تمثل ثمن عودته إلى أرض المعركة.. أو العمل كمصحح أو خلايا نائمة في المدن الآمنة.
# هذه قضية أمن قومي نضعها على طاولة سعادة الفريق شرطة خليل باشا سايرين وزير الداخلية.. وسعادة الفريق أول شرطة حقوقي خالد حسان محي الدين مدير عام قوات الشرطة، ومن ثم إلى بريد الدكتور جبريل ابراهيم وزير المالية بحكم ولاية وزارته على المال العام، كيف يسمح وزير المالية بتحصيل الأموال من الأجانب بايصالات داخلية لا علاقة لها بوزارة المالية ؟ الايصالات بطرفنا والقضية بين ايديكم مع أن قضيتنا الحقيقية ليست في تحصيل الاموال، بل في ضياع جهد الرجال الذين وضعوا كامل ثقتهم في مؤسسة من مؤسسات الدولة كان ينبغي أن تكون حريصة على تطبيق القانون.. خاصة بعد أن جاءت الفرصة الذهبية لتخليص البلاد والعباد من هؤلاء الاوغاد، كان في مقدور القوات أن تتعامل مع الحالات كلها كعبء إداري والتخلص منها كما النفايات.. (لا من شاف ولا من دري).
# ملحوظة: (ثغرة الدفرسوار هي الممر الذي نفذ منه العدو الاسرائيلي إلى الضفة الغربية من القناة عقب حرب 73 وهي الثغرة التي فتحها شارون وجرحت كبرياء انتصار المصريين في الحرب).