:: قبل الحديث عن خطاب رئيس الوزراء كامل إدريس، نجتر ذكريات حزينة.. أكتوبر 2021، بمنتدى الزميلة (التيار)، أطلق المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحُرية والتغيير، جعفر حسن، الاعتراف الآتي : (جئنا بشعار تسقط بس، وبعد السقوط – عندما وصلنا الى السُلطة – لم يكن لنا تصور للحكم)، وقد صدق جعفر..فالعباقرة كانوا يُعارضون فقط، ولم تحدثهم أنفسهم يوماً طوال سنوات معارضتهم – 30 عاما ً – بوضع خُطة لُحكم البلاد و إدارة شؤون الشعب في حال وصولهم الى السُلطة..!!
:: والناظر لأحزابهم يرى في كل حزب أمانة للاقتصاد، وأخرى للثقافة و ثالثة للخارجية و.. و..أمانات، تضج بالكرافتات و الجلاليب، مهمتها التخطيط لما قبل وبعد الحُكم، أو يُفترض ذلك، ولكنها في الواقع مجرد هياكل بلا أفكار، و الدليل عندما سرقوا الثورة من ثوارها وتسلقوا الى السُلطة و احتكروا أجهزة الدولة المدنية، لم يكن لديهم برنامج عمل، أو ربما ظنوا بأن برنامج العمل يجب أن يُستلهم من هتافات دسيس مان : ( سفة ندردمها ليك، كنداكة نحنكها ليك)..!!
:: وناهيكم عن اعتراف جعفر، بل هناك خطاب شهير لحمدوك للجالية السودانية بالرياض، وكان قد مضى ما يُقارب النصف عام من رئاسته لمجلس الوزراء، عاتب فيه حاضنته موضحاً بأنه لم يتسلّم منها أيّة خطة عن الفترة الانتقالية.. بالتأكيد لم يتسّلم الخطة من حاضنته لعدم وجودها، إذ فاقد الشي لايعطيه..فالنشطاء كانوا يعارضون بخطة (تسقط بس)، أي بلا رؤية أو خُطة لمرحلة ما بعد السقوط، ولذلك حكموا عشوائياً ثم سقطوا سريعاً في قاع الجنجويد وكفيلهم ..!!
:: وعلى كل، قدم رئيس الوزراء كامل إدريس كتابين، أحدهما باللغة العربية والآخر بالإنجليزية، وقال هذه خُطة حكومتي وبرنامج عملها لإدارة المرحلة الإنتقالية وهذه آليات تنفيذها، ثم كشف معالم الخُطة وملامح برنامج العمل..إعادة هيكلة الدولة، فرض الأمن وهيبة الدولة، إنشاء المحكمة الدستورية ومجلسي القضاء و النيابة، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، تأهيل الخدمات، إعادة الإعمار، جبر الضرر، و الأولوية للاستقرار والسلام والأمن ..!!
:: ثم أن إستقلالية رئيس الوزراء – بتأكيد وقوفه على مسافة واحدة من القوى السياسية – يجب أن تكون مُحفّزة لهذه القوى في ممارسة أنشطتها بروح المسؤولية الوطنية، لتساهم في خلق مناخ سياسي نقي يُمكّن الحكومة ومؤسساتها السيادية والتنفيذية والرقابية من آداء واجبها وتنفيذ خُططها (كما يجب)، ثم الانتقال إلى مرحلة الإنتخابات، ليختار الشعب حكومته المدنية بلا وصاية .. والجدير بالتأمل، قبل أن يختم رئيس الوزراء خطابه، خرج الناطق باسم أحزاب الإمارات – بكري الجاك – قائلاً : ( تعيين كامل إدريس يأتي في سياق غير شرعي وغير دستوري)، وقد صدق، فالنظام في بلادنا ليس ديمقراطياً ولا مُنتخباً كنظام أبوظبي المُغرم به الجاك وصموده لحد الاحتضان ..!!