:: وتسألني المليحة، ما هي التحديات التي تُواجه حكومة كامل إدريس؟، فأرد سريعاً : أولها وأكبرها و أخطرها المجلس السيادي ..نعم سيّدتي، لاتندهشي، فالسادة أعضاء السيادي – عساكر على مدنيين – هم أُولى متاريس مجلس الوزراء والأجهزة التابعة له، وذلك بالتدخل السافر فيما لايعنيهم، لإرضاء مسؤول أو لمحاربة آخر .. وقد أحسنوا عملاً بإلغاء قرار إشرافهم على الأجهزة المدنية، ولم يكن إشرافاً، بل كان تدخلاً جائراً وصانعاً للأزمات والصراعات، ويجب أن يكتفوا بالمهام السيادية ..!!
:: ثانياً، هناك رجال حول بعض أعضاء السيادي، لا يقلون خطورة عن مليشيا الإمارات، و يجب التحذير منهم مراراً، باعتبارهم من مفسدات الحياة العامة، وهم من ينشرون الفساد بإستغلال علاقاتهم مع أعضاء السيادي و قادة الأجهزة، وذلك بغرض التكسب الرخيص وغير المشروع بالمحسوبية والرشاوي..فيهم ذوي القُربى و زعماء قبائل و كوادر أحزاب و رجال أعمال وجوكية وعواطلية، تمتلئ بهم فنادق وشقق بورتسودان، و – للأسف – لم تستهدفهم تلك المسيّرات الإستراتيجية ..!!
:: ثالثاً، الفساد يا سيّدتي، الفساد.. هذا الوباء المستوطن والمتحوّر في كل عهد جديد..كما الغول والعنقاء والخل الوفي، كانت مكافحة الفساد بجهاز مركزي من الأحاجي السودانية التي كانت تحكيها حكومة البشير ، ثم حكومة حمدوك التي نظم وزير عدلها نصر الدين عبد الباري، وبإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ورشة لمراجعة ومناقشة قانون مفوضية مكافحة الفساد، ثم ضربوا بتوصيات الورشة عرض الحائط، وأطلقوا العنان لصلاح مناع وعبده خِزن و رفاقه، ليكافحوا فساد الكيزان بفسادهم ..!!
:: وعليه، سيّدتي، بما أن رئيس الوزراء قادم من دول ما وراء البحار، فهو أدرى بآليات مكافحة الفساد في تلك الدول..هناك، ليس بمدهش أن يطرق الشرطي باب مكتب رئيس الوزراء بغرض التحري في قضية فساد، وليس بمدهش إستدعاء الشرطي أي مسؤول – ولو كان سيادياً – إلى مكتبه بغرض التحري..هكذا آليات المساءلة في تلك الدول التي يحكمها الأقوياء الأمناء (فعلاً) وليس شعاراً.. فالتحريات لكشف الفساد أهم وأقوى من الحصانات التي لا تزال أكبر عوائق تحقيق العدالة في بلادنا..!!
:: رابعاً، هناك فئة مُزعجة تتجول في مكاتب المسؤولين و منازلهم، ويجب الحد من سُلطاتها ودائرة نشاطها، بحيث لاتتجاوز المحليات التي هم فيها، وهم نُظار وعُمد وسلاطين وشيوخ .. إذ نراهم يهدرون الأوقات والأموال، ويبتزون المسؤول ويخدعونه، ليصرف عليهم صرف من لايخشى عجز الميزانية..هؤلاء سيّدتي إن كانوا مفيدين للناس والبلد، فيجب أن يكونوا حلقة الوصل بين المجتمع و رئيس المحلية التي هم فيها، و دون تطاول يؤثر في صناعة القرار المركزي أو الولائي ..!!
:: وخامساً الإعلام..لقد جاء كامل من دول إعلامها حُر و مهني و ملتزم بالقوانين، وهذا ما نتمناه لاعلامنا، وكل المطلوب أن تقف حكومته على مسافة واحدة من الاعلاميين جميعاً، دون أحكام مسبقة أوتصنيفات سياسية..لا يتخذ أحدهم صديقاً ولا الآخرعدواً، فليثق فيهم جميعاً ويستمع إليهم جميعاً ويقرأهم جميعاً، ثم يأخذ منهم ما ينفع الناس، ليذهب التهريج والهتر جفاءً ..ومع تحفيزالإعلام بالمعلومات، يجب محاسبته بالمحاكم، بالمحاكم فقط، ليتساوى مع المواطن في الحقوق والواجبات وآلية المحاسبة..!!
:: ثم أن خطاب الدولة مُرتبك وغيرموّحد، وكثيراً ما يشعر المواطن بأنه محكوم بعدة حكومات، وليست حكومة واحدة، وهذا ما كان يُعاني منه رئيس الوزراء السابق حمدوك أيضاً، بحيث كان الجهاز التنفيذي يُغرّد في واد والسيادي في واد آخر و الحاضنة السياسية في واد ثالث..فالخطابات المتباينة والعشوائية تُفسد المناخ العام وتُربك المجتمع، و القضايا الخلافية يجب أن تُناقش على الموائد المسؤولين بشفافية، وما يجب أن تخاطب بها الدولة شعبها هي المتفق عليها..!!