*ماوراء قوالة عبد الله علي إبراهيم زين العابدين صالح عبد الرحمن*

إصبح البروف عبد الله على إبراهيم أيقونة الكتابة بأعناوينها المختلفة في الثقافة و السياسة و الفكر، و مواقف عبد الله واضحة خاصة في الحرب الدائرة في السودان، رغم أنها تضع البعض في تساؤلات عديدة، مستنكرين موقفه.. لكن هذا المقال لا يتناول مواقف الرجل، و لا يطالبه بالتعليل عنها. العنوان هو فصل من فصول كتاب بعنوان ” الحزب الشيوعي و أقوال عبد الله على إبراهيم” و العنوان نفسه مأخوذ من فقرة لمقال لأحد الزملاء الشيوعيين الضالعين في الكتابة و التعليقات هو الدكتور صديق الزيلعي.. قال الزيلعي في مقال يرد فيه على أتهام له من عبد الله.. و يقول ( قولني عبد الله على إبراهيم ما لم أقله. كتب في مقاله المنشور بالأمس في سودانايل تعليقا على موضوع تلقي تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم) تمويلا خارجيا، ناقدا ما طرحته رشا عوض، ثم أقحم اسمي، بلا دليل، مدعيا أنني وصفت الحزب الشيوعي السوداني بالعمالة للاتحاد السوفيتي) و لكي يبريء الزيلعي نفسه من قوالة عبد الله على إبراهيم كتب مقالين قدم فيهما رؤيته لعملية تجيد الحزب الشيوعي ،و عن العلاقة التاريخية بين السوفيت و الأحزاب الشيوعية، ثم تعرض إلي كتاب عبد الخالق محجوب بعنوان ” آفاق جديدة الصادر في 1957″ و عدد من الموضوعات التي أشار إليها و تناولها في كتبه..
فالسؤال للصديق الزيلعي؛ هل عبد الله بالفعل قولك أم استفزك لكي تخرج الخزون الذي عندك في العديد من القضايا حتى إذا كانت مكتوبة في عدد من كتبك؟ فالإستفزاز للكتابة هو محاولة لجر البعض إلي حوارات حسب ما يثيره البروف عبد الله… كتب عبد الله على إبراهيم مبحثا بعنوان ” عبد الخالق محجوب: الإسلام و غربة الماركسية” في صفحة ” دراسات في تاريخ السودان” في موقع ” Sudan for all ” تناول فيه كتاب عبد الخالق محجوب بعنوان ” أفكار حول فلسفة الأخوان المسلمين ” صدر الكتاب أخر عقد ستينات القرن الماضي و هي الفترة الخصبة للعقل الشيوعي في أنتاج الثقافة السياسية.. هي عقد الستينات كانت ثورة أكتوبر و كانت انتخابات 1965، حيث فاز فيها الحزب بعدد من الدوائر في البرلمان، و هي الفترة التي حدثت فيها الدعوة إلي دستور إسلامي و من أهم الأسئلة لماذا أحتاج النادي السياسي الحاكم إالدعوة لدستور إسلامي، و حادثة معهد المعلمين بموجبها كان حل الحزب و طرد نوابه من البرلمان و هي الفترة التي اشتد فيها الصراع الفكري بين عبد الخالق و مجموعة معاوية سورج. و ظهور مصطلح “الديمقراطيون الثوريون” و فترة انقلاب مايو 1969، يصبح السؤال لماذا أشار البروف عبد الله إلي كتاب عبد الخالق عن فلسفة الأخوان المسلمين؟
ماذا كان يريد عبد الخالق محجوب من الكتاب؟ أن عبد الخالق طرح في الكتاب العديد من التساؤلات التي تحتاج إلي إجابات علمية و ليس شعارات مطلوقة في الهواء.. لماذا أحتاج النادي السياسي الحكم إلي الدعوة لدستور اسلامي؟ ما هو الذي أزعج النادس الليبرالي الديمقراطي يلجأ إلي الدستور الإسلامي؟ هل كانت دعوة النادي للدستور تعني أنهم وصولوا إلي الإفلاس السياسي؟ أن النادي بعد ما دعا الدستور الإسلامي يريد أن يتخلى من النظام البرلماني إلي نظام الرئاسي هل يعني ذلك أن هذا النادي فقد أرضيته الفكرية بمعنى ذلك أنهم فقراء في الإنتاج الفكري؟ و قال عبد الخالق أن العيب الذي يراه في هذا النادي السياسي و في لجوئه إلي الدين بل في فهمه للدين.. و يصبح السؤال لماذا أثار البروف عبد الله أسئلة كانت قد طرحت قبل خمسة عقود و نيف… عبد الله يريد أن يلفت النظر إلي حالة الفقر و الجدب الفكري التي تعيشها الساحة السياسية في البلاد.. في السابق كانت هناك قيادات و مفكرين فاعلين في الأحزاب السياسية يحاولون البحث عن إجابات علمية مقنعة عن التحديات و الأزمات التي تواجههم. ألان الأزمات تمسك خناق بعضها البعض و لا تجد غير شعارات فقيرة حتى في أطروحها السياسي، و غياب كامل للعقل المنتج، هكذا يحاول عبد الله من أقواله أن يجعلها أكثر استفزازا لكي يدفعها على الرد العقلاني..
و في مقال أخر لعبد الله على إبراهيم بعنوان ” زولة عملية جدا”
ظل الشاب في ردهة فندق بالدوحة يمطرني بفعائل الإنقاذ المنكرة في الوطن. ولا أدري إن كان يظن بيّ الغفلة عنها أم أنه تفريج هم. ولما بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين قلت له:”هل مطلبك وطن تحسن إليه أم نظام حكومي تلعنه؟” وكان الشاب أريحياً. قال لي إنه لم يفكر في الأمر على هذا الوجه من قبل..!

كان للإنقاذ مثل هذه المعارضة التي “تعدد” خطاياها الكوم وأخطاءها الردوم آناء الليل وأطراف النهار. وقد نأيت عنها حتى قبل ميلاد الإنقاذ. وسميتها المعارضة الرسمية للنظام.. ولما وجدت المعارضة ترمي بعجزها على الأنقاذ لأنها سدت عليها أبواب الممارسة السياسة (كأن هناك حكومة ظلامية تأذن بمثل ذلك حباً منها وكرامة!) و أضاف البروف قائلا (ذكرتها بقصة من قصص الرومان. قيل إن الفرس جاؤوهم في عقر دارهم وأصلوهم ناراً كثيفة حتى قال أحدهم للقائد الروماني إنهم حجبوا بسهامهم عنا عين الشمس. فقال القائد: “سنتعلم الحرب في الظلام”. وشبهت حالهم بحال الوالدة. كانت متى ما طلبنا منها أن “تدير” شيئاً قالت إنها “زولة عملية”) و رغم طرافة القصص التي يحاول أن يعرضها البروف لكن هناك سؤالا مهما كان يريد أن يقدمه للمعارضة ” لآن المقال كتب في نوفمبر 2014″ لماذا هذا الردح و البكاء أذا كان النظام لا يقدم لكم مساحة تجعلكم تمارسوا المعارضة التي تريدون القيام بها.. فالمعارضة هي التي يجب أن تفتح منافذ عملها لوحدها، و هي التي تصنع تكتيكاتها، و الحشد و التعبئة الجماهيرية حتى يصبح صوتها مسموعا.. أن الأسئلة التي يحاول يحشرها حشرا البروف هي الرسالة التي يجب تلقفها و الإجابة عليها… نسأل الله حسن البصيرة..

مقالات ذات صلة