*الحرب بين إيران وإسرائيل.. وائل عبدالخالق مالك*

الحرب بين إيران وإسرائيل لا تدور فقط في محيط جغرافيا الدولتين، بل يمتد تأثيرها ليشمل معظم العالم ومنطقة الشرق الأوسط، لذا فان منطقة البحر الأحمر ليست استثناءا من هذا التأثير.

البحر الأحمر أحد أكثر الممرات الاستراتيجية عالميا، ويمتد من قناة السويس شمالا حتى مضيق باب المندب جنوبا حيث يريط باب المندب المحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، وتمر منه أكثر من 12% من التجارة العالمية و ما يقارب 20% من صادرات النفط المنقول بحرا، ويجاوره في اليمن الحوثيون المدعومون من إيران، والسودان، جيبوتي، إريتريا، ومصر.

ويكفي ضرب المثل هنا بأن الحوثيون عندما استخدموا حرب غزة كغطاء لتوسيع عملياتهم ضد الملاحة الدولية منذ نوفمبر 2023 كانت النتيجة هي انخفاض الملاحة في قناة السويس بنسبة 50%، وارتفاع تكاليف الشحن البحري من آسيا الي اوروبا بنسبة 500 – 800%، مع ارتفاع اقساط التأمين بنسبة 300 – 400%، كما اضطرت العديد من شركات الشحن الي تحويل مسارها عبر رأس الرجاء الصالح وجنوب افريقيا مما اضاف تكاليف تقارب 1 مليون دولار لكل 3500 ميل بحري.

حسب محللون اقتصاديون فان مصر مرشحة لخسائر من قناة السويس فقط بنحو 2.2 مليار دولار. كما أن دول مثل جيبوتي، والسودان، وجنوب السودان تعتمد بنسبة 31–34 % من تجارتها على البحر الأحمر عبر قناة السويس من المتوقع ان تشهد انخفاضا في حركة التجارة بنسبة لا تقل عن 20%.

بالاضافة الي التوقعات بتعطيل النقل البحري والشحن وتأثيره على حركة التجارة وايرادات الدول في منطقة البحر الأحمر فان ارتفاع اسعار الطاقة واللوجستيات يبدو تأثيرا محتملا بنسبة كبيرة وشواهده ماثلة بشدة منذ اليوم الاول لانطلاقة هذه الحرب حيث بدأت الاسعار العالمية بالفعل في الارتفاع مع ارتفاع خام برنت ووست تكساس بأكثر من 7 % في يوم واحد بعد انطلاق الحرب، متأثرًا بالتصعيد العسكري بين ايران واسرائيل وتزايد المخاوف من اغلاق مضيق هرمز. وايضا فان مناطق مثل شمال أفريقيا وقعت بالفعل تحت تأثر التضخم الناتج عن ارتفاع اسعار الطاقة مثل الديزل +8 % وأسعار الشحن والغاز أيضا.

التداعيات الامنية والعسكرية في حالة استمرار الحرب تعني استمرار تهديد الشحن وزيادة الهجمات مما يرشح الاوضاع لتدخل غربي مباشر و تصعيد حاد مع احتمال مواجهة بحرية مباشرة مع إيران في مياه البحر الاحمر. ايضا فان توسع الصراع إلى السودان أو إريتريا خاصة نتيجة العلاقات التي تربط الدولتين بايران يعني انكشاف الأمن الساحلي، وتصاعد تهريب السلاح، وتراجع سيطرة الدول الهشة اصلا. كذلك فان حاولت إسرائيل التدخل مباشرة في باب المندب فان هذا يعتبر تجاوزا استراتيجيا وقد يحرك إيران للرد عبر وكلائها.
في المجمل يتوقع ان تكون مواقف دول البحر الاحمر أكثر حذرا خاصة مصر التي لا تملك حلولا سوى أن تحاول حماية قناة السويس، لكنها ستكون عاجزة عن التدخل المباشر جنوبا.
السعودية يتوقع أن تكون حذرة من التصعيد، وتدعم الحلول الدبلوماسية من خلال ثقلها السياسي وعلاقاتها المتوازنة مع جميع الاطراف، لكنها ستتأثر سلبا في صادراتها النفطية.
الإمارات ستحرص على أمن ميناء الفجيرة، وقد تشارك في عمليات تأمين بحرية ودعم لوجستي لاسرائيل والدول الحليفة الغربية وهي في هذه الحالة مرشحة لتكون من اوائل الدول التي ستنجرف نحو الحرب الدائرة الان.
جيبوتي تحت ضغوط دبلوماسية لإبقاء القواعد العسكرية على الحياد خاصة القواعد الامريكية والفرنسية في مقابلة ترقب حذر من القواعد الصينية بها.
اليمن الحوثي يستخدم الحرب لتوسيع نفوذه ومشروعية استهدافه للسفن الغربية.
السودان في حالة انهيار أمني، ما قد يفتح باب التهريب والتدخل الإيراني عبره خاصة مع العلاقات التي تجمع حكومتي الدولتين.

تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية تهدد بتحويل البحر الأحمر إلى ساحة حرب بحرية دولية غير تقليدية. إن استمرار الحرب قد تؤدي إلى شلل تجاري استراتيجي عالمي، وحرب استنزاف بحرية بين قوى دولية وإقليمية، وانهيار أمني للسواحل غير المسيطر عليها خاصة في السودان و اليمن مما يقود الي انكشاف حركة الإمداد الغربية في شرق أفريقيا.

غدا نواصل
عن تداعيات الحرب على منطقة القرن الافريقي والسودان

وائل عبدالخالق مالك

مقالات ذات صلة