ومضى العام الثاني ولم اسمع صوتك أخي وصديقي وأحب الناس إلى قلبي “حبيب القلب يا طيب اراضيك وين؟ أمس ما لحقت امسي عليك ولا مساني من طيب كلامك حنين”
الممشى العريض
خالد أبوشيبة
مات صديقي شريف
شعرت بقبضة في القلب وحالة من الخوف وجرس الهاتف يرن كان المتصل الأخ الصديق عصام عوض ورغم شوقي الشديد ولهفتي لسماع صوته إلا انني فكرت الا أرد ترددت في الإستجابه مرة وأخرى وليتني ما رددت نبرة الصوت على غير العادة جاءت موشحة بالنحيب ماذا هناك أخي عصام؟ واي خطب جلل تريد أن تخبرني به؟ من من الأصدقاء والاحباب قد رحل في زمان الحريق والفجيعة والموت المجاني ورخصة الدم السوداني؟ انطق يا عصام فقلبي المثخن بجراحات الحزن ما عاد يقوى على الصدمات وليت عصام لم ينطق ليته سكت ليته كان يمزح كعادته ولكن لا بد مما ليس منه بد ولا مجال للهروب من الحقيقة والموت هو الحقيقة الكبرى التي اؤمن بها كإيماني بالله الحي الذي لا يموت.
ما توقعت أبداً أن يصدمني بخبر رحيل صديق العمر حبيب الروح فردة جناحي التاني أنقى الانقياء واتقى الاتقياء أخوي الذي لم تلده أمي شريف محمد عثمان الأشتر ويا فجعتي فيك يا اشتر يا لصدمتي ويا لحزني الذي لا يشبه بقية أحزاني لقد رحل الوالد ورحل الأخ الشقيق ورحلت الأخت الحبيبة ورحل الكثير من الأعزاء ولكن رحيلك مختلف رحيلك مُر رحيلك موت دنيا.. ياالله ماذا تساوي الدنيا بعد موتك؟ وهل سيكون للحياة طعم ومذاق؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال لي في آخر تواصل جمعني به إن التافهين الساقطين أحرقوا الوطن ومارسوا أسوأ انواع الانتقام من هذا الشعب الطيب بعد أن اذلوه وافقروه واشبعوه ذلآ وإهانة.. كان يبكي من مآل الحال فهو صاحب قلب مرهف تعذبه وترهقه معاناة المستضعفين وأوجاعهم وكثيرآ ما تنوب عنه الدموع في التعبير عند المواقف الصعبة ولا اخال أن احداً منا يحب هذا الوطن بقدر حب شريف له شريف المناضل الشجاع الذي تعرفه المعتقلات وبيوت الأشباح والذي ظل يحلم مثل كل الشرفاء أولاد الحلال بوطن معافى لا عساكر لا درادر لا مظالم ولكنه حلم البحث عن المدينة الفاضلة التي لا وجود لها إلا في الخيال وقد رحل حلمه معه إلى القبر ووري تحت الثرى.
طالبته بالخروج من الخرطوم التي غزاها التتار الجدد مصاصي الدماء الذين لا دين لهم ولا أخلاق قلت له إنها حرب بلا أخلاق وستموت إن لم تخرج من الخرطوم فقال لي في الخرطوم في الهبيكة في ديار المحس إذا جاء أجل الله سأموت؛ هذه كانت تفاصيل آخر مكالمة جمعتني به بعدها فقدت التواصل معه ولم اعثر على من يدلني على أخباره ليخبرني الأخ عصام بالخبر الفجيعة فقد مات شريف وانطفى “شعاع النجوم” وأنطوت صفحة ناصعة من البياض وسقطت أطول النخلات في تاريخ المريخ والرياضة والوطن.
يقال إن كل شيء يولد صغيراً ثم يكبر إلا الحزن فإنه يولد كبيراً ثم يصغر ويتلاشى ولكن لا اخال أن حزني على صديقي وأخي شريف سيضعف أو يتلاشى .. اللهم ابدله داراً خيرٌ من داره واهلآ خيرٌ من اهله اللهم إن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته وإن كان محسناً فزد من حسناته اللهم نحن شهداؤك في الأرض ونشهد أن شريف محمد عثمان فقيري كان تقياً نقياً عفيفاً ورعاً نظيف اليد واللسان: اللهم أكرم نزله ووسع مرقده وأجعل القبر أولى منازله بالفردوس الأعلى ولا حول ولا قوة إلا بالله