الدبة : محمد يوسف عبد الرحمن (ميدي)
تداعى نفر كريم من قبيلة الهواوير، أمسية الخميس 19 يونيو الجاري، إلى قوشابي بالولاية الشمالية، لمعايشة مصالحة تاريخية بين التماسيح الحرارين، بعدما تكللت الجهود المضنية التي بذلها العمدة محمد فضل المولى تمساح، عمدة عموم قبيلة التماسيح، لانجاز الصلح والعفو الأبيض لأبناء عمومتهم من الحرارين بعد جريمة قتل راح ضحيتها المغفور له بإذن الله تعالى احمد سعد زايد، ابن قبيل التماسيح قبل نحو ست سنوات في منطقة الصافية الحارة 26 بامدرمان، حيث تم فيها الحكم بمحكمة جنايات امبدة بالإعدام شنقا حتى الموت لثلاثة من شباب الحرارين وهم حذيفة علي حسن، اسامة احمد ادم ومصعب علي مهلي، قبل أن يتم العفو من أولياء الدم برضا وقناعة من والد ووالدة واخوان الشاب القتيل، وهو العفو الذي أكبره عموم قبيلة التماسيح داخل وخارج السودان، ولم يشذ منهم أحدا عملا وامتثالا لقوله تعالى: “فمن عفى وأصلح فأجره على الله”، حيث ابتغى عموم التماسيح من هذا العفو الأجر والثواب من عند الله.
حضور رسمي وشعبي كبير
ما زاد من قيمة المناسبة ان المهرجان الذي أقيم تحت اللافتة: مهرجان الصلح والعفو”، الحضور الرسمي والشعبي الكبير بداية من الاستاذ دفع الله محمد صديق، ممثل المدير التنفيذي لمحلية الدبة، وأعضاء اللجنة الأمنية، والعميد الركن عبدالناصر محمد، رئيس الاستنفار بالمقاومة الشعبية، ازهري المبارك، رئيس المقاومة الشعبية، و احمد المدثر، رئيس الغرفة التجارية بالولاية الشمالية، فضلا عن القيادات القبيلة من نظارات وعمد وامراء وفي مقدمتهم وكيل ناظر الهوارير السيد علي آدم حسن أبقدم، وعمدة التماسيح السيد محمد فضل تمساح، والعمدة محمد فايت رئيس حلف الكرامة، والعمدة أحمد عبد الله عرنجل ممثل فرع الحرارين.
كرم فياض وترحاب كبير
أكرم الهواوير، وفادة كل الحاضرين لمعايشة المصالحة التاريخية، عند استقبالهم بنحر الذبائح ونصب الخيام ومباشرة الضيوف بالحفاوة والترحاب، بصورة تنسجم مع قيمة المهرجان وعظم المناسبة، حيث وقف كبيرهم قبل صغيرهم على راحة الحشد الذي حضر اهلا ونزل في قوشابي سهلا.
ترحاب تمساح.. ومبايعة الجيش
بعث العمدة محمد فضل المولى تمساح، عمدة عموم التماسيح، لدى مخاطبته مهرجان المصالحة، برسائل مهمة بالإشارة إلى الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد ككل، وشدد تمساح، على أن المصالحة والعفو الأبيض جاء في وقت يتطلب بذل ما يلزم من جهود تجاه تعزيز التماسك المجتمعي سعيا لتحقيق أكبر اصطفاف شعبي ممكن خلف القوات المسلحة وحلفائها من القوات المساندة والمشاركة في مواجهة مليشيا الدعم السريع المتمردة والخائنة، والعمل على افساد المؤامرة التي تستهدف من الأساس سلامة البلاد ووحدة اراضيها، وطالب تمساح، من أعلى المنصة، من الحاضرين تجديد البيعة للقوات المسلحة بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة، قبل أن يتقدم بجزيل الشكر للحاضرين، نظير حرصهم على معايشة العفو الأبيض، حيث كانوا شهودا على مصالحة تعتبر تاريخية بمعنى الكلمة.
إشادات وتبادل للكلمات
أشاد الاستاذ دفع الله محمد صديق، ممثل المدير التنفيذي لمحلية الدبة، في كلمته بجهود الإدارات الأهلية ولجان الصلح، مثمناً الروح السامية التي تجلت في هذا اللقاء، وداعياً إلى تعزيز الترابط المجتمعي وتكريس ثقافة السلام.. أما ممثل المقاومة الشعبية، السيد كامل ساتي، فوصف الصلح بأنه “بداية لسلام أوسع”، مشيراً إلى حاجة البلاد الماسّة لتكاتف أبنائها وتجاوز الخلافات لمواجهة التحديات الوطنية.. بدوره أعرب علي آدم حسن، كيل ناظر الهوارير، عن تقديره للعفو، واصفاً التماسيح بـ”أهل الفضل”، متوقعاً أن تمهد هذه الخطوة الطريق لمبادرات أخرى في سبيل المصالحة المجتمعية الشاملة.. فيما بارك العمدة عطا المنان جابر، ممثلاً لعمد الهوارير، الصلح، وأكد تجديد العهد على الدفاع عن الوطن وتماسك الصف الداخلي.. وقال العمدة محمد فايت، رئيس حلف الكرامة وممثل إمارة الكبابيش:
“نشارك بقلوبنا وفرحتنا هذا الصلح المبارك، ونؤكد وقوفنا خلف القوات المسلحة في خندق واحد من أجل الوطن كرامته.. أما ممثل فرع الحرارين، السيد أحمد عبد الله عرنجل، فقال: “نصفح اليوم لوجه الله، لا لمصلحة دنيوية، فهذه شيم الأحرار وخصال الكرماء، ولن تفرقنا الفتن ما دمنا نؤمن بوحدة الدين والوطن”.