في زمن تتغير فيه المواقف كما تتغير الجبهات ،يبقي الفعل وحده هو المعيار الحقيقي للانتماء وفي قلب هذه الحرب القاسية التي تنهش السودان ،برز القوات المشتركة المنضوية تحت لواء حركات الكفاح المسلح كعنوان واضح علي أن الانتماء للوطن لايقاس بالشعارات ولا بالمؤتمرات ،بل بالدم والالتزام الميداني ،هذه القوات كانت جزءاً من معارضة مسلحة طويلة ضد التهميش والإقصاء ،ورغم تعقيدات السياسة وحملات التشكيك
من السلاح ضد التهميش الي السلاح دفاعاً عن السودان .
التحاق هذه القنوات بالمواجهة ضد مليشيا الدعم السريع لم يكن قراراً بسيطاً،بل موقفاً أخلاقياً ووطنياً شجاعاً ،لم تأت لتصفية حسابات ،ولا لتقتنص مكاسب ،بل جاءت لتقاتل وتحمي ،وتدافع عن شعب ترك وحده ،منذ دخولها الميدان تغيرت معادلات المعارك ،توقف زحف المليشيا في محاور كثيرة وتماسك الدفاع في الفاشر ،الابيض،مدني وبدأ الامل يعود الي المدنيين رغم الحصار والجوع والنار ،لكن بدلا من أن تجد الاحتفاء والدعم وجدت نفسها تحت وابل من الحملات المغرضة ،التي تقودها أطراف لم تعرف للميدان طريقاً ،ولا للسلاح وزناً ،ولا للوطن معني
الحملات العنصرية…والخنادق لاتكذب
من خلف الكيبورد تخرج يومياً عشرات المنشورات المسمومة يشكك أصحابها في وطنية الحركات ،ويتهمونها تارة بالتمكين بالخيانة ،وتارة بالسعي للسيطرة ،في وقت تراق فيه دماء جنود هذه القوات في معارك حقيقية ،لا في غرف تويتر و فيسبوك .الذين يملؤون الفضاء الرقمي بالسموم العنصرية لايفقهون شيئاً عن معني الوطن
،لا يعرفون شيئاً عن معني أن تقاتل وأنت لم تنسي بعد مرارة النزوح ،ولا معني أن تقاتل جنباً الي جنب مع من كنت ترفع السلاح ضده ،فقط لأنك قررت أن الوطن أكبر من جراحك ،أنهم يهاجمون من يقاتل لأنهم لم يجرؤوا علي القتال ويشككون في التضحيات لأنهم لا يعرفون سوي الثرثرة ينتقدون بالمنشورات من لم يتوقف يومياً عن حماية المدنيين بالبندقية .
شيبة ضرار من الفشل العسكري الي تصدير الفتنة
واذا كان بعض الهجوم نابعاً عن الجهل أو الأنفعال ،فإن جزءاً منه مدفوع بأجندة خبيثة يتصدرها مايسمي شيبة ضرار الذي لم نسمع له طلقة في أي ميدان ،رغم انه قائد لحركة مسلحة من غير جيش ،لم يشارك في أي معركة دفاعية عن الوطن ،لم يفتح جبهة ،لم يسند جيشاً ،ولم يحم مدنياً لكنه لن يتوقف عن أنتاج الفتنة لم يتوقف عن بث الخطابات التحريضية والتشكيك ،والعنصرية ضد القوات المشتركة ،بل واصطف الي جانب الخطاب المعادي لكل من لاينتمي منظوره الضيق للسودان ،لا يمثل الا نفسه ولا صلة له بالميدان ولا بالتضحيات ولا بالوطنية ،هو نموذج لمن فشل في المعركة ،فقرر أن يحارب من خلف الميكرفون ومشكلته ليس مع القوات المشتركة ،بل مع كل من فضح عجزه وسبق فعله كلامه.
التسريبات خيانة مؤسسية لا يجب تكرر
في ذات السياق تمارس واحدة من أخطر أشكال الاستهداف وهي نشر محاضر أجتماعات رسمية من جهات لا يملك الناشرون اي علاقة بها هذه ليست حرية تعبير ولا كشف حقائق بل خيانة أدارية مكتملة وتعد واضح علي المؤسسات المحاضر الرسمية وثائق داخلية لايجوز تداولها الا بتفويض ونشرها من قبل أشخاص خارج السياق المؤسسي يعد حقاً للأمان الاداري ،وتشويشاً علي القرارات ،وتحريضاً صريحاً علي الانقسام الداخلي للمنظومة أي كانت ،هذا الفعل يجرم في كل الأنظمة المهنية ويجب أن يواجه بالحزم قمت ينشر محضراً لايخصه هو يهدف لتغويض الثقة لا لبناء رأي عام ومن يسرب وثائق زمن الحرب يسهل مهمة العدو سواء بقصد أو بجهل.
الدولة مسؤولة…والسكوت مشاركة في الجريمة
اليوم تقع علي الدولة مسؤولية أخلاقية وسياسية واضحة إيقاف الحملات الاعلامية العنصرية ومحاسبة كل من يستخدم الإعلام لبث الكراهية ضد المكونات التي تقاتل دفاعاً عن الوطن ،اعادة الاعتبار للقوات المشتركة في الخطاب الرسمي والاعلامي بأعتبارها شريكاً في معركة الدولة لا عبئاً عليها ،الزام الهيئات والنقابة بمراجعة سلوك اعضائها الذين يخرقون المهنية ويعملون علي خدمة الخطاب التحريضي ضد مكون بعينه
في لحظة السقوط ،لاتنفع الحسابات الصغيرة وفي أوقات الحسم ، تفرز المواقف والفعل من الشعارات القوات المشتركة قاتلت حين خاف وهرب الكثيرين واصطفت حين ارتبك آخرون ،وقدمت نموذجا في الشراكة لا في المذايدة لذلك أقل ما يمكن الآن هو وقف الطعن فيها والتوقف عن تحميلها مسؤوليات وهمية او التعامل معها كضيف طارئ علي وطن هو وطنها كما هو وطن الجميع.
من يقاتل اليوم في الميدان لا يجب أن يستهدف في وسائل التواصل ومن سال دمه لأجل السودان لايجوز التشكيك في نواياه من وراء مصالح شخصية او مصالح لاعلاقة لها بما يجري أتركوا القوات المشتركة في حالها فهم يقفون علي حافة الخراب ليمنعوا سقوط ماتبقي من الوطن ،هؤلاء هم آخر ماتبقي من الشرف الجماعي .