*يوليو 1976عروس الثورات — الحلقة: الرابعة بقلم : عبدالله الشريف عبدالرحمن الهندي*

بسم الله الرحمن الرحيم
2 يوليو 1976عروس الثورات
—————–
الحلقة: الرابعة
بقلم : عبدالله الشريف عبدالرحمن الهندي
——————-

نستضيف في هذه الحلقة الصديق العزيز والمخلص الشقيق عثمان حاج مضوي محمد احمد في افادات عامة نسردها علي لسانه عن والده الحاج مضوي المناضل المعروف والقيادي الاتحادي الكبير سأتدخل فقط في الصياغة والسرد واتحاشى أي تغير جوهري في افادته.

يقول الشقيق عثمان حاج مضوي :
كانت حركة 2 يوليو 1976 يحيط بها سياج منيع من السرية والكتمان كان اقصى ما وصل الي أسماع جهاز أمن مايو ان هناك تحرك ما لم يستطيعوا ان يعلموا تفاصيله .

كان المشاركين كلهم لديهم اسماء حركية مثلا كان الشريف حسين الهندي يسمي بالحاوي والحاج مضوي يسمي ابوكراع ومحمد توم النقابي العمالي بالقصير وكذلك قائد الحركة وكبار قادة الانصار الذين يشكلون السواد الاعظم من العنصر المقاتل المجاهد .

كان حاج مضوي من الذين يمثلون الجبهة الداخلية لذلك كان له دور في إيواء القادمين من الخارج علي وجهه الخصوص من الانصار وقادتهم امثال السيد عبد الرسول النور الذي أواه في منزل خوجلي والد عبدالوهاب خوجلي بالجريف شرق وهو صهر الحاج مضوي.
وكذلك قام بإيواء اعداد كبيرة من الانصار بأطراف العاصمة يشاركة في هذا الدور بالقطع اخرين نسبة لان الحاج مضوي كان دائم التردد علي سجون مايو بلغت جملت اعتقالاته وسجنه سبعة سنوات وثلاثة شهور اي ما يساوي نص فترة حكم مايو.

يقول الشقيق عثمان وهو يحكي ما رواه له القيادي بالاخوان المسلمين المرحوم عبدالوهاب عثمان عن اجتماع قرية النوبة .
لقد استهل معي الحديث المرحوم عبدالوهاب عثمان قائلا لي أنا والله ما اتعلمت الشجاعة والسياسة من دكتور الترابي ولكن تعلمتها من والدك الحاج مضوي وهنا حدثني عن اجتماع قرية النوبة هذا الاجتماع الذي ضم اطراف الجبهة الوطنية في منزل المرحوم بخيت حسوبة
كان دكتور الترابي ومعه عبدالوهاب عثمان يمثلون الاخوان المسلمين والحاج مضوي ومحي الدين محمد عثمان يمثلون الاتحاديين والسيدة سارة الفاضل زوجة السيد الصادق المهدي ومعها شخص اخر يمثلون حزب الامة.

قال لي أتي كل من هؤلاء الي هذا المكان بعد ان موه علي رحلة حضوره الي هذا المكان الذي يراد ان يكون بعيدا عن الانظار فمثلا جاء الدكتور حسن الترابي من شرق النيل الي قرية (التي) ثم جاء الي قرية النوبة برفقة زميله عبدالوهاب عثمان
واصل عبدالوهاب عثمان الحديث قائلا اكتمل وصولنا ما عدا ابوك الحاج مضوي وما ان وصلت سارة الفاضل ورايت مرافقها حتي عرفته شخصا مخترق من جهاز أمن مايو فأسررت الى الدكتور الترابي ذلك في اذنه فأقترح علي دكتور الترابي ان اطلب رفع الاجتماع متعللا بعدم حضور حاج مضوي ولكن حاج مضوي فاجاءني قبل ان اقدم اقتراحي بالحضور.
كان حاج مضوي من عادته ان يصافح الحضور يدا يدا وما ان راى الشخص المرافق للسيدة سارة الفاضل حتي ذهب مباشرة وجلس علي الكرسي والقى السلام جملة علينا ثم قال علي الفور للجميع ان اجتماعكم هذا مخترق من الأمن وان كل ما ستقولونه سيكون معلوم لدي جهاز الأمن وان الشخص المندس بيننا الآن والذي اعنيه واقصده وهو يعلم بنفسه تماما عليه الخروج من هذا الاجتماع فورا ….نظرت الي الرجل فوجدته يتصبب عرقا ولكنه لم يحرك ساكن ولم يخرج وهنا وجه له الحاج مضوي الحديث مباشرة بلا مواربة أو تردد ياهذا انت من اقصد اخرج عن هذا الاجتماع فأنتهره اخرج من هذا الاجتماع وإني اقسم بالله العظيم لو لم تقدم تقريرك ان هذا الاجتماع لم يتم ولم ينعقد ونحن سنعلم بأي تقارير ترفعها فاني لا شك قاتلك.

افادني ايضا صديقي عثمان حاج مضوي عن قصة محاولة الانقلاب قبل 2 يوليو وقبل انقلاب هاشم العطأ 1971 خططها ودبرها والدي مع مزمل سليمان غندور الذي كان ضابطا عظيما في القوات المسلحة قال لي شاور عليها ابي الشريف حسين ولكن الشريف حسين لم يوافقه على القيام بهذه المحاولة ولكن الحاج مضوي استمر في سعيه فيها .فكان ان تسربت اسرار هذه المحاولة الي جهاز أمن مايو وذلك ان احد الجنود المشاركين في هذه المحاولة ذهب الي احد الاندايات ليحتسي الخمر وما ان ازدرد في جوفه قدر كبيرا منها حتي لعبت الخمر براسه فانطلق لسانه من عقاله فأباح بسر المحاولة فألتقط ذلك احد عناصر الأمن فصاروا جميعهم تحت المراقبة .

كان هناك ضابط عظيم قد انتدب الى جهاز الأمن وهو شقيق الفنان سيد خليفة ويمت بصلة القربى لزوجة الحاج مضوي محمد احمد وهي ايضا شقيقة المرحوم حسن محمد عمر دندش .
كان قد علم بالتقارير الواردة الى الأمن وانه في هذا اليوم سيتم اعتقال الحاج مضوي ومزمل سليمان غندور وغيرهم عند حضورهم اجتماع في امدرمان الذي كان مقررا فيه تحديد ساعة الصفر فذهب من فوره الي منزل شقيقه الفنان سيد خليفة بالامارات شارع ٥٥ وكان منزله يجاور تماما محمد احمد ابن الحاج مضوي اخطر اخيه ان ينادي عبر الحائط لمحمد احمد فأخطر محمد احمد بجلية الامر بتفاصيله. قال استعجل الي ملاقاة والدك فورا وابلاغه.

وذهب محمد احمد حيث كان يعلم ان والده يكون في هذا الوقت في مزرعته في بتري فذهب اليه واخطره فورا كان هناك وقتا كافيا اذ كان مقررا الاجتماع في الساعة التاسعة مساءا .
الغي الاجتماع ولم يحضره احد الاطراف ومع ذلك تم اعتقال الحاج مضوي ومزمل سليمان غندور من منازلهم في الساعة الثانية عشر ليلا .

اخذ مزمل سليمان غندور بصفته كان ضابطا كبيرا وسفيرا سابقا الي الاعتقال في القيادة العامة وتم اعتقال الحاج مضوي في سلاح المظلات في بحري.

يقول الحاج مضوي كنت في هذا المعتقل غير المهيأ لاعتقال شخص اقضي نهاري في مكان توجد به مزرعة وقفص كبير للدواجن ثم عندما يذهب الضباط والعساكر الى منازلهم يغلقوني في غرفة كبيرة مخصصة كمخزن للمواد الغذائية ويعطوني ما يلزمني من مياة الشرب واجد في المخزن كثير من المواد الغذائية عندما احتاج اليها .

عندما يأتي الصباح يخرجوني من المخزن وهكذا استمر الحال لبضعة ايام قلائل الي ان جاء انقلاب هاشم العطأ فحصل هرج ومرج شديد ووجدت نفسي وحيدا لا غفير ولا ضابط ولا جندي .
يقول بسخرية كنت انا الوحيد فقلت في نفسي أنا اليوم قائد سلاح المظلات حدثتني نفسي ان اخرج واذهب الي بيتي ولكني لم افعل خشيت ان يقال ان حاج مضوي قد هرب ترك الضباط اسلحتهم فشعرت ان وجودها خطرا علي فأخذتها واخفيتها في قفص الدجاج بعد ان ابعدت عنها فضلات الدجاج .

بقيت في محبسي هذا ثلاثة ايام والحقيقة لم افقد شيئا من أكل او شرب فهي في متناول يدي الدجاج اذبح منه ماشيئت وبيضه والمخزن ملئ بالمواد الغذائية.

بعد تغلب نميري على انقلاب هاشم العطأ وعودته الي السلطة عاد الضباط الي مكانهم وهم ينظرون ويحدقون في المكان الذي تركوا فيه سلاحهم ثم ذهبوا بعيدا يتحاورون سألت احد صغار الصباط عما يهم هؤلاء وفيما يتناقشون؟

_ وانا اعرف السبب _ فقال لي الضابط انهم تركوا سلاحهم هنا ولم يجدوه وهذا ما يعاقب عليه قانون القوات المسلحة عقابا صارما فقلت للضابط اخبرهم ان السلاح عندي اخفيته في قفص الدواجن فسروا سرورا عظيما بذلك.

هذا الامر وصل علمه الي قائد سلاح المظلات وكان متعاطفا مع ضباطه فشكرني علي ذلك.

وما ان هدأت الاحوال وعادت الامور بسلطة مايو الي طبيعتها حتي قاموا بفتح ملفنا من جديد .

حدث اجتماع لمجلس قيادة الثورة بخصوص امرنا ومحاولتنا الانقلابية فأنقسموا الي رايين
راى ابوالقاسم محمد ابراهيم و خالد حسن عباس ان يحكم علينا بالاعدام
وراى زين العابدين محمد احمد عبدالقادر وابوالقاسم هاشم ان يحكم علينا بالسجن فقط . ولكن حدث بعد ذلك ان وجدت قائمة عند احد الضباط الانقلابين المعتقلين في انقلاب هاشم العطأ تحتوي القائمة علي أسماء لاشخاص تقرر اعدامهم فورا.
هذه القائمة كان اول شخص فيها جعفر محمد نميري والثاني فيها هو الحاج مضوي محمد احمد عندما عرضت هذه القائمة علي نميري اندهش جدا وقال ما قصة هذا الرجل حاج مضوي نحن نريد اعدامه والشيوعيين يريدون اعدامه!!!! فلابد ان لهذا الرجل سرا .. فاخطروا قائد قوات المظلات في التحري عن هذا الامر
قال حاج مضوي استدعاني قائد سلاح المظلات _ وانا طبعا معتقل لديه _ ودون مقدمات سألني القائد ما هي مشكلتك مع الشيوعيين
؟
قلت له ماعندي مشكله مع الشيوعيين هم اخواني واحبابي فاصر القائد علي ان هناك مشكله فقلت له ما الامر ؟

قال لي وجدت قائمة لشخصيات يريد الحزب الشيوعي اغتيالهم انت في هذه القائمة رقم اثنين!!!
قلت له تذكرت امرا واحدا وهو قضية حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان بسبب سب العقيدة قلت له طبعا حزب الامة كان بالاجماع موافق علي حل الحزب الشيوعي واختلفنا نحن الاتحاديين علي هذا الامر وعقدنا اجتماع للممارسة الديمقراطية في اصدار راي موحد.
كان الازهري مع حل الحزب الشيوعي بحجة ان هذا مطلب شعبي وكان الشريف حسين يقف مع الراي الاخر وينادي بعدم حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه بحجة ان الذي سب العقيدة شخص واحد وقد اعتذر وليس الحزب الشيوعي.
وقفت انا بجانب الازهري وهذا الامر الوحيد الذي اراه سببا لما تقول.

ارسل تقرير الي نميري بهذا الحوار فقال ان مثل هذا الرجل والله لا اعدمه واطلق صراحه بجانب اطلاق سراح مزمل سليمان .

والي هنا نقف ولنا عودة اخري مع الشقيق عثمان حاج مضوي

ملحوظة:

يمثل الامام الهادي المهدي وانصاره الاشاوش عمودا فقريا في ذكري 2يوليو وكل معارك الكفاح المسلح ضد مايو وللاهمية يتطلب الامر مني افراد مساحة واسعة في الحديث عن هذا التاريخ الناصع.
ورجاء من الاخوه الانصار وابناء الامام الهادي خاصة التعاون معي ولهم جزيل الشكر والتقدير والاحترام

للمتابعة قروب عشاق مبادئ الازهري والهندي علي الفيسبوك
وقروب مبادرة المجلس التاسيسي الانتقالي علي الفيسبوك

والسلام عليكم ورحمة الله
والي اللقاء في الحلقة الخامسة

مقالات ذات صلة