*علي محمود حسنين….الجبل الذي لم ينحنٖ*

في زمن امٌحت فيه الخطوط الفاصلة بين الحق والباطل ،وذاب فيه الفرق بين المعارض الشريف والانتهازي المتلون ،يبقي اسم علي محمود حسنين علامة فارقة ،وصوتاً لم يخفت ، وضميراً وطنياً ظل متماسكاً في اصعب لحظات الانهيار السياسي والأخلاقي الذي عاشته البلاد لعقود.
كان رجلاً نادر المثال جمع بين التكوين القانوني الصارم ،والرؤية السياسية الواضحة ،والنزاهة الأخلاقية التي لاتخضع للمساومة ولا التكتيك الزائف ،لم يعرف المواقف الرمادية ،ولم يكن يوماً ممن يرضون بنصف الثورة او بنصف الكرامة أو بنصف الحقيقة ،لقد خاص نضاله بشجاعة عالية ضد نظام الإنقاذ ،وظل وفياً لموقفه حتي اللحظة الأخيرة من حياته ،لاتفاوض مع الأنظمة القمعية ،لاشراكة مع السفاحين ،لاشرعية لمن سرقوا الوطن بالسلاح والدم
أسس الجبهة الوطنية العريضة ليجسد مفهوم المعارضة المبدئية لا الموسمية كان من القلائل الذين لم يلوثوا أسماءهم في دهاليز التحالفات الانتقائية ،ولم يقايض مواقفه مقابل مكاسب سياسية في وقت أصبح فيه الصوت الوطني سلعة تشتري وتباع في أسواق المصالح ،كان هو النموذج الصلب للسياسي الذي لم ينحن ،ولم يتردد ،ولم يدخل لعبة التمويه التي احترفتها النخب.
عملت في اذاعة وطنا صوت الجبهة الوطنية العريضة وكنت شاهدة علي حجم الجهد الذي بذله في نقل صوت المظلومين وتعرية السلطة ،ورفض التطبيع مع الظلم بأي وجه . لقد كان رحيله لحظة مفصلية لا يجب أن تنسي لم تكن الخسارة لعائلته او حزبه فقط بل خسارة للوطن،لمرجعية سياسية أستنائية ،ولمفهوم القيادة القائمة علي الوضوح ،وعلي النقاء لا علي المراوغة ،اليوم وسط هذا الأنهيار السياسي العميق وسط هذا التسابق المخزي نحو التسويات والتواطؤ ،نلتمس ظله بشغف ،نسأل لو كان حياً ،ماذا كان سيقول لهؤلاء الذين جلسوا علي موائد الدم وصفقوا لقتلة شعبهم، ماذا كان سيقول لاولئك الذين انحنوا أمام العسكر ثم عادوا ليكتبوا عن الثورة
ماذا كان سيفعل مع من باعوا العدالة تحت لافته السلام وشرعنوا المليشيا،نعرف الجواب ، لم يكن رجل حزب ، بل رجل دولة لم تولد بعد …مؤمنا ً أن الديمقراطية لا تختزل في انتخابات ،بل تبني أولا علي العداله،والمحاسبة،والحق في الرفض،وحرية الكلمة ورغم أنه كان قادراً بمنزلته وخبرته امتداد اسمه أن يكون جزاءاً من الصفقات الوطنية ،أختار أن يبقى وحده لانه كان يعلم أن الوطنية ليست أن تجلس مع القاتل ،بل أن ترفضه حتي لو كنت وحيد
لقد رحل أستاذ علي محمود نظيف اليد ،نقي السجل ،مرفوع الرأس ومات كما عاش صلباً واضحاً لايساوم ولا يلتفت وأن كان الموت قد أخذه من بيننا ،فإن إرثه النضالي لايزال فينا يلهمنا ويقود خطانا نحو المعركة الحقيقة معركة الكرامة الكاملة…سلام عليك في الخلود وسلام علي كل من تبقي علي نهجه ،مهما أشتدت العتمة.

مقالات ذات صلة