📸 *الصورة تُظهر رئيس الوزراء ساجداً لحظة قدومه إلى بورتسودان من جنيف، وخلفه مباشرة مدير مكتبه يحمل حقيبتيْن، وخلفهما المستشار الجعيفري* 📸
*بورتسودان – خاص (السوداني)*
في خطوة مفاجئة هزّت أروقة وزارة الخارجية السودانية، أعلن السفير عمر صديق، وزير الدولة بالخارجية، استقالته من منصبه اليوم الأربعاء، في قرار أثار تساؤلات واسعة حول الأسباب الحقيقية وراءه.
*الاستقالة المكتوبة*
في رسالة وجهها إلى منسوبي الوزارة، أعلن السفير عمر صديق استقالته، مؤكداً أن قراره جاء بهدف “إفساح المجال” لوزير الخارجية الجديد، السفير محي الدين سالم، لتولي قيادة الدبلوماسية السودانية في هذه المرحلة الحرجة. وأعرب صديق عن شكره وامتنانه لمجلس السيادة الانتقالي برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ومجلس الوزراء، ورئيس الوزراء البروفيسور كامل الطيب إدريس، على ثقتهم بتعيينه في مناصب قيادية.
*دوافع أخرى للاستقالة*
لكن مصادر رفيعة المستوى كشفت لـ(السوداني) عن وجود دوافع أخرى وراء الاستقالة، تتعلق بتدخلات من مقربين من رئيس الوزراء قدموا برفقته من جنيف. وأشارت المصادر إلى أن رجل المخابرات العقيد نزار عبد الله، مدير مكتب رئيس الوزراء، والسفير بدر الدين الجعيفري، مستشاره، حاولا التأثير على قرارات تتعلق بتنقلات السفراء وتعيينات في بعثات خارجية. كذلك أراد الجعيفري في مرتين تغير وكيل الخارجية السفير حسين الأمين الفاضل، وطالب بإبداله بالسفير إدريس إسماعيل، نسبة لخلافات قديمة بينه وحسين الأمين حينما كان يرأس الأخير الجعيفري في احدى المحطات الخارجية. وأوضحت المصادر أن السفير صديق، المعروف بمهنيته وصرامته، رفض هذه التدخلات، مؤكداً أن التنقلات تخضع لدراسات دقيقة تجريها الأقسام المختصة بالوزارة بناءً على تقييم الأداء والكفاءة.
*خلفية التدخلات*
وفقاً للمصادر، حاول العقيد نزار، الذي كان يشغل منصب الملحق الأمني في جنيف، والسفير الجعيفري، الذي كان نائب رئيس بعثة السودان في جنيف، فرض أجندات إدارية خارج نطاق اختصاصاتهما، دون الالتزام بالإجراءات الرسمية، ما أثار استياء السفير عمر صديق، الذي يُعد من أقدم دبلوماسيي الوزارة، حيث قاد مسيرة مهنية تمتد لأكثر من 45 عاماً.
وأضافت المصادر أن صديق، الذي كان يشغل منصب السفير في الصين، تم استدعاؤه وقطع مهمته في بكين لتولي منصب وزير الخارجية، بترشيح من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلا أن رئيس الوزراء سمّاه وزير دولة، ووافق السفير صديق بهدف تسيير العمل الدبلوماسي. غير أن الخلافات مع نزار والجعيفري، اللذين سعيا لتمرير قرارات إدارية دون مكاتبات رسمية، شكّلت “مربط الفرس” في قرار الاستقالة.
*تدخلات اخرى*
الجدير بالذكر أن الجعيفري، عين صديقه السفير بالدرجة الثالثة علي محمد علي أميناً عاماً لمجلس الوزراء، مما أدى إلى إعفاء عثمان حسين. ويُعدّ هذا التعيين من الحالات النادرة في وزارة مجلس الوزراء، حيث يتم اختيار أمين عام من خارج الوزارة، بينما المتعارف عليه أن يكون الأمين العام من بين أكثر الموظفين خبرة إدارية داخلها.
وقالت المصادر ان الجعيفري كان قد تمت إقالته سابقاً من قبل لجنة التمكين، وعقب عودته الأخيرة وبنفوذه الكبير؛ يحاول تصفية حسابات قديمة مع البعض.
*رسالة الوداع*
في رسالته لمنسوبي الوزارة، عبّر السفير صديق عن فخره بمسيرته الطويلة في خدمة الدبلوماسية السودانية، مشيداً بتفاني العاملين وتعاونهم. وقال: “وجدت في طاقم الوزارة الحالي والسابق كل التعاون والاحترام والتقدير المتبادل”. وأكد أنه سيظل “مدافعاً عن مصالح السودان العليا بفكره وخبرته وقلمه”، حتى بعد توقف عمله الرسمي في الوزارة.
واختتم رسالته بدعوة للسلام والاستقرار في السودان، معبراً عن حبه العميق للوطن بقوله: “عشقت السودان حد الإدمان”.
تأتي استقالة السفير عمر صديق في وقت حساس تمر به السودان بتحديات دبلوماسية وسياسية معقدة، مما يضع وزير الخارجية الجديد أمام مسؤولية كبيرة لقيادة الوزارة في هذه المرحلة الاستثنائية. وتثير الاستقالة تساؤلات حول تأثير التدخلات الإدارية على عمل المؤسسات الحكومية، ومدى قدرة الوزارة على الحفاظ على استقلالية قراراتها المهنية.