*عدادات الدفع المقدم التيار العالي (HC).. أزمة تهدد قطاع كبار العملاء وتزيد الفاقد في الكهرباء*

📌 قطاع كبار العملاء.. العمود الفقري للإيرادات

يمثل قطاع كبار العملاء (الزراعي، الصناعي، الخدمي) أكثر من 40% من إيرادات الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، وفق التقارير الداخلية.
ويضم هذا القطاع المؤسسات الحيوية مثل المستشفيات، المصانع، المشاريع الزراعية الكبرى، وخدمات المياه.
أي خلل في هذا القطاع يعني خسائر بمليارات الجنيهات وتأثير مباشر على الاقتصاد الوطني والخدمات العامة.

📌 بداية الأزمة.. من الخرطوم إلى دنقلا وكسلا

2018 – الخرطوم: قسم الفاقد اكتشف لأول مرة خللًا في عدادات الدفع المقدم عالية التيار (HC)، وصدر قرار بوقف تركيبها.

2020: المدير العام أصدر قرارًا جديدًا بوقف هذه العدادات واستبدالها بعدادات أكثر دقة مثل ZMD، لكن القرار لم يُنفذ.

ديسمبر 2024 – دنقلا: تقرير رسمي أوضح أن الفقد في العدادات HC بلغ 62% في الطاقة الفعالة و100% في الطاقة غير الفعالة، بخسائر تتجاوز 1.2 مليار جنيه في عام واحد في ولاية واحدة فقط.

مايو 2025 – كسلا: دراسة ميدانية أكدت نفس الخلل في مرافق حيوية منها مستشفى المبارك، وأوصت بوقف صرف هذه العدادات فورًا.

📌 مبادرات العاملين.. وإحباطات متكررة

على مدى سنوات، قام بعض المهندسين المتابعين للملف بـ:

تنفيذ حملات تفتيش ميدانية في دنقلا، بورتسودان، وكسلا لكشف الخلل بالأرقام.

إعداد دراسات تحليلية دقيقة مدعومة ببيانات فنية وتقارير.

رفع مذكرات وخطابات للإدارة العليا تحذر من الاستمرار في توريد وصرف العدادات المعيبة.

لكن هذه المبادرات اصطدمت بمعوقات أساسية:

1. غياب مظلة إدارية موحدة لقطاع كبار العملاء، حيث تتوزع المسؤوليات بين إدارات متعددة (الفاقد – كبار العملاء – المالية – التوزيع) مما يؤدي إلى تشظي القرارات وفاقد في التحصيل.

2. تجاهل متكرر من الإدارة العليا للتقارير، دون تقييم أو نقاش.

3. الاستمرار في توريد العدادات: في عام 2025 وحده، تم إدخال أكثر من 500 عداد HC جديد إلى المخازن وصرفها للمكاتب، رغم وضوح الخلل.

📌 أرقام تكشف حجم الكارثة

فاقد الطاقة الفعالة (kWh): يصل إلى 62%.

فاقد الطاقة غير الفعالة (kvarh): يصل إلى 100%.

التوصيل المباشر (Bypass): تتجاوز نسبته 61% في بعض المناطق.

خسائر موثقة في ولاية الشمالية: 1.2 مليار جنيه خلال عام واحد فقط.

📌 انعكاسات الأزمة على خدمة الكهرباء

إضعاف قدرة الشركة المالية: تراجع الإيرادات يضعف الصيانة ويؤثر على استقرار الشبكة.

انقطاع الخدمة عن قطاعات حيوية: المصانع، المستشفيات، مشاريع المياه والزراعة مهددة بالشلل.

تراجع الثقة بين العملاء الكبار والشركة نتيجة غياب العدالة في الفواتير ودقة القياس.

زيادة الفاقد العام على مستوى الشبكة، وهو ما تؤكده تقارير الأداء الأخيرة.

📌 ما المطلوب الآن؟

وقف فوري لصرف عدادات HC وسحبها من المخازن.

تشكيل لجنة تحقيق عليا مستقلة لمراجعة الملف ومحاسبة المسؤولين.

إنشاء مظلة إدارية موحدة لإدارة قطاع كبار العملاء وضمان المتابعة والمساءلة.

تبني بدائل تقنية مثل عدادات ZMD أو العدادات الذكية لتقليل الفاقد وضمان الشفافية.

✅ الخاتمة

ملف عدادات الدفع المقدم (HC) ليس مجرد خلل تقني، بل قضية تمس الاقتصاد الوطني والخدمات الأساسية.
تجاهل الإدارة العليا للتقارير والدراسات، مع الاستمرار في صرف العدادات المعيبة، يبعث رسالة خطيرة بأن المسؤولية مغيبة، وأن المال العام يضيع بلا محاسبة.
إنقاذ قطاع كبار العملاء هو إنقاذ لموارد الدولة، ولخدمة الكهرباء التي يعتمد عليها ملايين المواطنين.

مقالات ذات صلة