*الجمعية السودانية للماعز الحلوب جمعية بمهام وزارة* قواسم مشتركة.. بكري خليفة*

أقل ما يمكن أن نقوله عن الجمعية السودانية للماعز الحلوب في السودان إنها جمعية بمهام وزارة كوزارة الثروة الحيوانية الغائبة عن المشهد السوداني منذ اندلاع الحرب. بالرغم من الميزانية التي توفرها الدولة، لم نرَ ولم نسمع لها حراكًا، للوزارة التي يفترض أن تكون أهم وزارة في السودان، بلد الثروة الحيوانية، هي ووزارة الزراعة، واللتين يفترض أن تكونا أهم وزارتين، لكن للأسف هما في ذيل اهتمام المسؤولين في السودان.

بالرغم من ذلك، تظهر لنا كواكب مضيئة تبعث الأمل وسط الشعب السوداني المحبط بفعل الحرب التي شردت الملايين وضربت استقرار البلاد وارتفعت أسعار السلع الأساسية، على رأسها الألبان واللحوم.

الجمعية السودانية للماعز الحلوب، وهي جمعية سودانية غير ربحية، ولدت نتيجة جهود كبيرة قامت بها لجنة طوعية كان همها حصر البيورات الهولندية لماعز السعانين التي تم استيرادها من هولندا في الأعوام 2004 و2005م عبر وزارة الثروة الحيوانية. وبفضل الله، نجحت هذه اللجنة عبر زيارات كثيرة ومكثفة شملت جميع الولايات حتى جمعت كل ملاك هذه السلالة النادرة تحت مظلة الجمعية السودانية للماعز الحلوب، وحصرت كل الأغنام بتتابع سلالتها وصولاً للبيانات التابعة للمراكز البيطرية.

نشأت اللجنة التطوعية في نهاية العام 2019م، واستطاعت الجمعية مضاعفة عدد الأغنام البيور الهولندية المحصورة حتى عام 2021م، والتي كانت لا تتعدى 500 رأس (ذكر وإناث) لعدد 250 مربيًا، وبفضل الله سبحانه وتعالى ثم بجهود اللجنة التنفيذية وتعاون المربين.

اجتهدت اللجنة كثيرًا لرفع وعي المربين بفعاليات مختلفة وإرشادات متنوعة باستخدام أمثلة عبر الميديا لتحسين الرعاية والتغذية المثالية والرعاية الطبية الجيدة. ونحن نتحدث اليوم عن عدد يفوق 2550 رأسًا لعدد يتجاوز 1400 مالك بحمد الله.

الجمعية السودانية قامت بأفكار كبيرة محتزية بقواعد العمل في الجمعيات العالمية مثل الجمعية الأمريكية للماعز الحلوب. من أهم المبادرات التي قامت بها الجمعية هذه الأيام هي مبادرة الفحول الجوالة للمراكز البيطرية التابعة لوزارة الثروة الحيوانية على مستوى ولايات السودان لدعمها بالفحول التابعة للجمعية وملاكها، وذلك لرفع الكفاءة الإنتاجية وتحسين نسل الماعز المحلي بالفحول.

تعرف عزيزي القارئ على أهمية تحسين نسل الماعز السوداني. من أول الفوائد زيادة الإنتاجية، وتحسين نسل الماعز يمكن أن يزيد من إنتاجية الألبان واللحوم، مما يساهم في تحسين الأمن الغذائي وزيادة الدخل للمزارعين. أيضًا، تحسين جودة المنتجات يمكن أن يؤدي تحسين نسل الماعز إلى تحسين جودة الألبان واللحوم، مما يزيد من فرص تسويقها وتصديرها.

أيضًا، مقاومة الأمراض يمكن أن يساعد تحسين نسل الماعز في زيادة مقاومة الماعز للأمراض، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية ويحسن صحة الحيوان. بالإضافة إلى تكيف الماعز مع التغيرات المناخية، يمكن أن يساعد تحسين نسل الماعز في تطوير سلالات يمكنها التكيف مع الظروف المناخية القاسية، مما يساهم في استدامة تربية الماعز في الدول النامية. وبالتالي، دعم سبل العيش، حيث يمكن أن يساهم تحسين نسل الماعز في دعم سبل عيش المزارعين وزيادة دخلهم، مما يساهم في تحسين مستويات المعيشة في المجتمعات الريفية.

تقول الجمعية التي تهتم بالمتابعة والدراسات العلمية إنها رصدت بعد تلقيح سلالتنا المحلية بالفحول الهولندية ارتفاع إنتاج الحليب ووصوله لما يفوق 7 أرطال الي 14 رطلاً. والجمعية أيضًا كانت لديها مبادرات مجتمعية أثناء معركة الكرامة، على سبيل المثال، المساهمة في انارة المستشفى الميداني باللاماب بالطاقة الشمسية دعمًا ومساندةً للقوات المسلحة والمصابين.

كل هذه الجهود الجبارة تمت بمجهود هذه الجمعية ومشتركيها المنتشرين على مستوى السودان. فتخيل عزيزي القارئ إذا خصصت الدولة دعمًا ماليًا ولو ربع ما تقدمه لوزارة الثروة الحيوانية فماذا كانت ستحقق هذه الجمعية النشطة، التي تسعى بخطى حثيثة لتحسين نسل الماعز السوداني وزيادة كمية الألبان واللحوم من خلال السلالة الهولندية التي تُعد من أهم السلالات على مستوى العالم، وبالرغم من الإمكانيات المحدودة للجمعية، هي الآن تعمل على تعميم الفائدة على كل ولايات السودان من خلال توفير فحول السعانين (التيوس) في كل ولايات السودان مجانًا لخدمة المواطنين، من خلال إيجاد سلالة تتمتع بصفات غير موجودة في الماعز السوداني، وبالتالي رفد الاقتصاد السوداني وزيادة عدد مربي الماعز والاكتفاء الذاتي والتصدير مستقبلاً.

التحية والتقدير والتجلة للجمعية السودانية للماعز الحلوب على هذه المجهودات الجبارة لخدمة المجتمع السوداني، ونتمنى أن نرى فروعًا للجمعية في كل ولايات السودان قريبًا، وعدم الاكتفاء بتحسين نسل الماعز فقط والدخول إلى مجال تحسين نسل الضأن والأبقار.

كل الشكر لرئيس الجمعية والفريق العامل، وفقكم الله لخدمة هذه البلاد الطيبة، وأن تكونوا سببًا في أن يعود السودان لريادته في مجال الثروة الحيوانية على مستوى الوطن العربي وأفريقيا.

مقالات ذات صلة